كلمة الأستاذ العلمي رئيس مجلس شورى العدل والإحسان في افتتاح دورته 22

Cover Image for كلمة الأستاذ العلمي رئيس مجلس شورى العدل والإحسان في افتتاح دورته 22
نشر بتاريخ

ألقى الأستاذ عبد الكريم العلمي رئيس مجلس شورى العدل والإحسان كلمة بمناسبة انعقاد الدورة 22 للمجلس، يوم الأحد 29 شعبان 1445 هـ الموافق ل 10 مارس 2024 م استحضر فيها أهم الأحداث والوقائع في وطننا وفي أمتنا، خص بالذكر زلزال الحوز الذي كان محنة شديدة على أهلنا في الجنوب “عرّت ما كانوا يعيشون فيه من بؤس وحرمان من أبسط الحاجيات وأشدها ضرورة لعقود متتالية في ظل سوء تدبير الدولة لأجزاء شاسعة من المغرب المنسي وساكنته المنكوبة”. وأبرز معاناة المتضررين من مناطق الزلزال، موضحا أنه إلى حد الساعة لاتزال أصوات المحتجين والمحتجات هناك، “ترتفع مطالبة المسؤولين بالوفاء بما قطعوه من وعود دون أن تجد لها صدى في الآذان وفي الواقع”.

كما خص عضو مجلس إرشاد الجماعة، “طوفان الأقصى” بالحديث باعتباره أهم حدث تعيشه الأمة منذ أكثر من خمسة أشهر في جزء من أعز أجزائها وأقدسها. وقد أظهرت أحداثه بجلاء خواء وخداع عبارات رنانة من قبيل “المجتمع الدولي” و”حقوق الإنسان” و”حقوق المرأة” و”حقوق الطفل”، كما كشفت وعرّت بنفس الوضوح والجلاء حقيقة أمتنا الإسلامية والعربية وأكدت أن رزيتها الكبرى التي لا تساويها ولا تعادلها رزية، هي حكامها.

وشكر الأستاذ العلمي في كلمته الشعب المغربي الغيور على مساندته لإخوانه وأهله في غزة والضفة طيلة هذه الأسابيع والشهور، كما توجه بالشكر لأعضاء الجماعة على انخراطهم القوي والفعال في كل المسيرات والوقفات والأشكال التضامنية مع فلسطين.

وبينما هنأ أعضاء الجماعة ومؤسساتها المركزية وأجهزتها ولجانها وكل المسؤولين التنفيذيين والميدانيين، وشكرهم على ما بذلوه وحققوه من نتائج محمودة في كل المجالات والميادين؛ خص بالذكر والشكر إخوان وأخوات الدائرة السياسية بمكاتبها وأجهزتها وخبرائها الذين بذلوا جهودا معتبرة لإخراج “الوثيقة السياسية”، واللجنة المشتركة للنظر في تعديل مدونة الأسرة الذين عملوا على مدى سنة كاملة على النظر في هذا الشأن العظيم من شؤون الأمة.

وفيما يلي نص الكلمة كاملا:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه

الإخوة الكرام، الأخوات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نحمد الله الكريم أن جمعنا في هذا اليوم المبارك من أواخر شهر شعبان في هذه الدورة الثانية والعشرين من مجلس شورانا، ونسأله سبحانه أن يتقبل النيات والأقوال والأعمال وأن يبارك الجهود ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، كما نسأله عز وجل أن يجعلنا ممن يصومون رمضان حق الصيام ويقومونه حق القيام، وأن يوفقنا لنملأ كل دقائقه وأنفاسه بجلائل الأعمال وأنفسها برّاً ودعوة وطاعة وجهاداً.

إخوتي الأفاضل أخواتي الفضليات: أجرى الله خلال هذه السنة التي تفصلنا عن آخر دورة أحداثا ووقائع كبيرة في وطننا وفي أمتنا، أحداثا ووقائع لاتزال آثارها ماثلة شاخصة، ويعلم الله حتى متى ستظل هذه الآثار في جسم الأمة وروحها، وفي وجدان أبنائها.

وأقتصر في هذه الكلمة السريعة على صعيد بلدنا الحبيب على حدث واحد وأقصد زلزال الجنوب في 8 شتنبر من العام المنصرم، لقد كان محنة شديدة على أهلنا في الجنوب عرّت ما كانوا يعيشون فيه من بؤس وحرمان من أبسط الحاجيات وأشدها ضرورة لعقود متتالية في ظل سوء تدبير الدولة لأجزاء شاسعة من المغرب المنسي وساكنته المنكوبة، وإلى حد الساعة لاتزال أصوات المحتجين والمحتجات من المناطق المتضررة بالزلزال ترتفع مطالبة المسؤولين بالوفاء بما قطعوه من وعود دون أن تجد لها صدى في الآذان وفي الواقع. وبهذه المناسبة نجدد الترحم على شهداء زلزال الحوز كما نجدد دعاءنا للمولى الكريم سبحانه أن يكون وليا وعونا للأرامل واليتامى والثكالى والمصابين، كما نجدد حمدنا لله واعتزازنا بما أبداه المغاربة والمغربيات من نبل وشهامة وبذل وعطاء في نجدة أهلهم في تلك المناطق المتضررة، وهي فرصة كذلك لنتقدم بالشكر والعرفان لإخوتنا وأخواتنا في جماعة العدل والإحسان على ما أبانوا عنه في تلك الفاجعة من حس إنساني رفيع حيث بادروا من كل الجهات والمدن لتقديم العون الواجب للمتضررين.

أما على صعيد الأمة فأقتصر كذلك على حدث واحد هو أبرز حدث وأهم حدث تعيشه الأمة كلها منذ أكثر من خمسة أشهر في جزء من أعز أجزائها وأقدسها وأقصد طبعا “طوفان الأقصى”. وهنا تقف الكلمات كالّة كاسفة ويبتعد اللفظ عن حقيقة المعنى، والدال عن حقيقة المدلول، حيث تعجز عن تصوير الواقع بل حتى تقريبه أَلْفاظٌ مثل: الإبادة الجماعية، التقتيل، التهجير، التجويع، التعطيش، الأوبئة، الأمراض المعدية تعذيب المعتقلين، الدمار، وهي الحقائق الفظيعة على الأرض وفي الأنفس التي أظهرت بجلاء خواء وخداع عبارات رنانة من قبيل “المجتمع الدولي” و”حقوق الإنسان” و”حقوق المرأة” و”حقوق الطفل”، كما كشفت وعرّت بنفس الوضوح والجلاء حقيقة أمتنا وأكدت أن الرزية الكبرى لأمتنا الإسلامية والعربية التي لا تساويها ولا تعادلها رزية هي مصيبتها في حكامها. فهاهي الشعوب المسلمة تتجرع الغصص من تخاذل هؤلاء الحكام بل تواطؤ الأغلبية الساحقة منهم، تواطؤاً أصبحوا يجهرون به ليس بالأقوال فحسب بل بالأفعال المشينة والعون السخي للصهاينة المحتلين، وأصبح همهم الفاضح المفضوح الحيلولة بكل الأساليب الدنيئة دون تحقيق المقاومة النصر والظهور على أعدائها المغتصبين. وسيفشل هؤلاء الحكام الخونة بإذن الله وعونه في تحقيق أحلامهم هذه وستكون أموالهم عليهم حسرة، فالمقاومة المؤيدة بربها سبحانه -ومن ورائها الشعوب الحرة في الأمة والعالم بما يتيسر لهم الآن من جهود- قادرة على الوصول بفلسطين كل فلسطين إلى بر الأمان والعزة بعد كل هذه الأثمان الباهظة وغير المسبوقة.

وبهذه المناسبة نتوجه بالتحية والشكر والتقدير للشعب المغربي الغيور على مساندته لإخوانه وأهله في غزة والضفة طيلة هذه الأسابيع والشهور، ونتوجه بالشكر لإخواننا وأخواتنا في جماعة العدل والإحسان على انخراطهم القوي والفعال في كل المسيرات والوقفات والأشكال التضامنية مع فلسطين، وهي فعاليات شعبية أقل ما تستوجبه على الحكام القطع التام مع الكيان الصهيوني، وإنهاء جريمة التطبيع معه، وإلا فسيكونون – أرادوا أو لم يريدوا- شركاء في هذه الدماء الزكية التي أريقت وفي هذه الوحشية التي يدينها كل أحرار الأرض.

إخوتي أخواتي: نعود في نهاية هذه الكلمات إلى إخواننا وأخواتنا في الجماعة لنهنئهم ونشكرهم على ما بذلوه وحققوه من نتائج محمودة في كل المجالات والميادين، ومن خلالكم نتوجه بالشكر والامتنان إلى كل المؤسسات المركزية للجماعة وأجهزتها ولجانها وإلى كل المسؤولين التنفيذيين والميدانيين. وأستسمحكم لأخص بالذكر والشكر إخواننا وأخواتنا في الدائرة السياسية بمكاتبها وأجهزتها وخبرائها الذين بذلوا جهودا معتبرة لإخراج “الوثيقة السياسية”. هذا العمل المتميز والجاد الذي لقي صدى طيبا عند كل شرفاء هذا الوطن، والذي نسأل الله البر الكريم أن يكون لبنة مباركة تنضاف إليه لبنات أخرى لصناعة تاريخ جديد لهذا البلد الطيب الذي يستحق حياة أفضل وعيشا أكرم.

كما أخص بالذكر والشكر إخواننا وأخواتنا في اللجنة المشتركة للنظر في تعديل مدونة الأسرة الذين عملوا على مدى سنة كاملة على النظر في هذا الشأن العظيم من شؤون الأمة.

إخوتي أخواتي، أعود لما بدأت به من دعاء فأسأل الله أن يكلل دورتنا هذه بالتوفيق والتسديد، وأذكر بما تعلمون أحبتي أن الشورى في منهاجنا مقترنة بالنصيحة بما هي جمع وصفاء ووضوح وإخلاص، وأن هذه الناظمة المندمجة تالية لناظمة “الحب في الله”. الحب في الله الذي كان يوليه الإمام المجدد رحمه الله عناية خاصة جدا في التربية والتنظيم على حد سواء، حيث تعددت المواضع من المنهاج النبوي التي أدرج فيها الحديث القدسي “حقت محبتي للمتحابين في” وعدد رحمه الله تسمياته من “دستور الصحبة” إلى “دستور الأخوة في الله وبرنامجها العملي” إلى “دستور الوفاق والوئام” إلى “الدستور الإلهي دستور الرحمة”. جعلنا الله حقا من المتحابين فيه ومَنّ علينا سبحانه بمنابر النور ومقاعد الصدق. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على حبيبه المصطفى. والحمد لله رب العالمين.

https://www.youtube.com/watch?v=BWzJMvu8yjk