عَفيفَةٌ اِسْمٌ على مُسَمّى

Cover Image for عَفيفَةٌ اِسْمٌ على مُسَمّى
نشر بتاريخ

توطئة

قصيدةٌ مِن مَكّةَ المُكرّمة أُرسِلُها هديّةً لِمن عاشَت نَقِيّة خَفيّة، وماتت تَقيّة وفيّة لِدينها وصُحبتها وجماعتها وأُسرتها وعائلتها وأُمّتها، عفيفة خفيفة لطيفة شريفة حصيفة.

أبياتٌ نُظِمَت على عجَل، وكانت مَبْعث خجَل أن لم تُوَفِّ الفقيدة حَقّها تأبيناً لِمن صَدَقت ربَّها في النيّة والعمل أو هكذا نحسب ولا نُزكيّ على الله أحدا، رحمها الله بِما رحِم به العفيفات الطيّبات الذّاكرات القانتات، وأسكنها فسيح الجنّات ورزق أهلها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى نبينا أفضل سلامٍ وأزكى صلاة، والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات.

عَفيفةٌ أُخْتُ فَتْحِ اللهِ مَن رَحَلَتْ

عَنّا وَمِلْءَ شِغافِ القَلْبِ قَد سَكَنَتْ
عَفيفةٌ كاسْمِها مَن وَدَّعَتْ وَسَمَتْ  

للهِ خالِقِها فَازَتْ بِما وُعِدَتْ
مِن رَبِّها تُحْفَةً بَعْدَ السِّقامِ قَضَت   

في يوم اثنين مثل المصطفى نَفَضَتْ  
فيهِ المُحِبَّةُ أَنْفاساً بِهِ طَهُرَتْ

ذِكْراً وعِلْماً وقُرآناً لَهُمْ نَدَبَتْ
نَفْساً ومالاً وداراً فاسْتَقَتْ ورَوَتْ  

مِن فَيْضِ عَذْبٍ زُلالٍ والغَليلَ شَفَتْ
في صُحْبَةِ المُجْتَبى عَبْدِ السَّلامِ نَمَتْ  

زَهْراً يَفوحُ شذىً أَكْرِمْ بِما صَنَعَتْ
زَوْجاً وأُمّاً وأُخْتاً وابنةً شَرُفَتْ

طيناً وروحاً بأَخْيارٍ لَهُمْ نُسِبَتْ

   
لا زِلْتُ أَذْكُرُها في الحَجِّ مُقْبِلَةً

على الكَريمِ بِعَزْمٍ لَم يَشُبْهُ وَنى
الوَجْهُ مُبْتَسِمٌ والصَّدْرُ مُنْشَرِحٌ

مَهْما عَلا الخَطْبُ إِحْسانُ المَصونِ دَنا
الحِلْمُ جَمَّلَها والصَّمْتُ جَلَّلَها

بَساطَةٌ في عَميقٍ أَثْمَرَتْ حَسَنا
أَعْظِم بِها أُمَّةً أَكْرِمْ بِها أَمَةً

وَفَتْ بِكُلِّ جَميلٍ واعْتَلَتْ قُنَنا
خَديجَةٌ أُخْتُها في اللهِ تَوْأَمُها

رُوحانِ حَلاَّ رِباطَ الفَتْحِ والبَدَنَ
في الصُّحْبَةِ الْتَقَتا والشَّيْخُ مُحْتَضِنٌ

وفي الجَماعةِ عاشا السَّعْدَ والمِنَنَ
أُخْتانِ في العَدْلِ والإحسانِ صِيتُهُما

مِلْءَ اللّسانِ وذِكْرَ القَلْبِ أُسَّ بِنا
الخَيْرُ عَمَّهُما والحَجُّ ضَمَّهُما

في رُفْقَةٍ كُنْتُ والأَخْيارُ ضَيْفَ مِنى
واليَوْمَ ها أَنَذا أُمْسي على خَبَرٍ

يُدْمي العُيونَ ويُذْكي الهَمَّ والحَزَنَ
طافَتْ هُنا وَسَعَتْ في مَرْوَةٍ وَصَفا

أَجْمِلْ بِصافِيةٍ جَلَّتْ مُروءَتَنا
في شَهْرِ شَعْبانَ شَهْرِ المُصطَفى رَحَلَتْ

بُرْهانَ صِدْقِ انْتِماءٍ للهُدى سُنَنا
وغَزَّةُ العِزِّ بالطّوفانِ قَدْ عَصَفَتْ

بأَمْنِ صَهْيونَ لَم يَهْنَأْ ولا سَكَنَ
أَنْعِم بِها حَيَّةً في الفَتْحِ عاصِمَةً

أَكْرِمْ بِها مَيْتَةً في مَسْقِطٍ جَنَنا
عَزاؤُنا أَنَّها ماتَتْ مُطَهَّرَةً

والنَّعْشُ شَيَّعَهُ الأَحْبابُ صَفْوَتُنا
صَلّوا على أَحْمَدِ الهادي وعِتْرَتِهِ

ما حَنَّ شَوْقاً إلى الخَضْراءِ مَن ظَعَنَ
إلى المَدينَةِ يا سَعْدَ الذي وَطِئَتْ

أَقْدامُهُم طيبةً حَلّوا بِها سَكَنا
ومَرْقَدَ المُصطفى زاروا وأدْمُعُهُم

مِلْءَ المآقي ورَوْعُ القَلْبِ قَد هَدَنَ
فَلْيَرْحَمِ اللهُ مَن أَحْيَتْ مَشاعِرَنا

ذِكرى ومَوعِظَةً ما المَوْتُ أَنْطَقَنا
بَل لامَنا أَنْ نَسينا مَن عَلَت وَدَنَت

عَلَتْ هُدىً وَدَنَتْ قَطْفاً وخَيْرَ جَنى

ذ. منير ركراكي
الإثنين 23 شعبان 1445ه/الموافق لــــ4مارس2024م