سور وآيات فاضلــة

Cover Image for سور وآيات فاضلــة
نشر بتاريخ

القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته وأفضل ما يتقرب به العبد من مولاه، هو طب القلوب وشفاء لما في الصدور، وهو نعمة من الله وجب أن نؤدي شكرها، بل هـو من أجـل النعـم بعد الإيمان، يتلوه المؤمن آناء الليل وأطراف النهار ويتمعن في كلامه الموجه إليه ويتعهده في جـل الأوقات، قال صلى الله عليه وسلم: “… أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به فإنكم لن تظلوا ولن تهلكوا بعده أبدا” (1). والقرآن يأتي يوم القيامة شفيعا لصاحبه يقول القرآن: “أي رب منعته النـوم بالليل فشفعني فيه”. قراءته عبادة، وسماعه عبادة، وتدبره عبادة، والعمل به وامتثال أوامره عبادة. فأي فضل بعد هذا؟!

تفاضل بعض السور والآيات في الأجر

خص الله سبحانه وتعالى بعض سور وآيات القرآن الكريم بمزيد أجر تكرما منه وتفضلا على هذه الأمة، وهذا التفاضل ثابت في كلام الله وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعني تنقيصا لبقية السور والآيات، وإنما خصها الله بخصيصة قد تكون في غيرها أو لا تكون، ولئن كان لجميع سور القرآن وآياته فضل عظيم وثواب موفور فإن الله سبحانه وتعالى قد فاضل فيما بينها في الأجر.

هناك سور فاضلات وآيات مباركات وردت في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب قراءتها كل يوم، وهي سور ينال بها المؤمن منزلة القرب من الله، كما أنها تحفظه وتحميه من كل سوء وشر؛ فهي رقية وشفاء وتحصين للنفوس والبيوت… كفاتحة الكتاب؛ فقراءتها واجبة بشكل يومي ومتكرر في الصلاة، وقد تواترت الأحاديث المشهورة في بيان فضلها، وكذلك الشأن بالنسبة لسور الإخلاص والمعوذتين، وقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء” (أخرجه النسائي)، ويجدر هنا التقيد بالعدد المنصوص عليه في السنة ليكتمل الأجر والثواب. وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم أيضا في قراءة أواخر سورة البقرة، وجعل لها وقتا خاصا، وهو قبل الخلود للنوم قال: “من قـرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه” (متفقٌ عَلَيْهِ)، لكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع قراءتها إلا في هذه الأوقات، فتلاوة القرآن عبادة غير مقيدة وتصلح في كل وقت وحين.

يقول الإمام المرشد رحمه الله: “نظرا لما لبعض السور والآيات القرآنية من فضائل وفوائد عاجلة وآجلة كالتحصين والحفظ والنجاة من أنواع الأذى، وتفريج الكربات والمغفرة ورفع الدرجات وغيرها، فقد وردت في فضل قراءتها أحاديث نبوية شريفة، فعلى المؤمن المداومة على تلاوتها وجعلها وردا يوميا” (2).

وقال في موضع آخر: “ويكون للمؤمن ورد للحفظ، يبدؤه بالسور والآيات الفاضلة القصيرة، مثل آيات الكرسي، وسورة يس، والسجدة، والملك، وسور المفصل. فما حفظ أكثر من تلاوته والقيام به لئلا يتفلت، ثم يعمد إلى الزهراوين البقرة وآل عمران، ويعقد مع الله تعالى عقدا أن يحفظ القرآن كله قبل موته ويستعينه على ذلك، ويبذل كل الجهد، فإنه إن مات دون غايته وقد بذل الجهد، يبعثه الله إن شاء الله على نيته يوم يقال لقارئ القرآن: “اقرأ وارق” يوم التغابن والحسرة إذ يقرأ المجاهدون فيرقون أمام أعين من فاتهـم الحفظ” (3).

وفي حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم أو بعض سوره وآياته خير كثير، مع عقد النية على حفظ القرآن كله، كما جاء في قول الإمام السالف، إذ ما لا يدرك كله لا يترك جله، وأول الطريق خطوة، ولأن يكون في قلب المسلم بعض النور والخير أحسن من أن يكون مظلما خـربا، لكن شريطة أن لا يفضي هذا الاقتصار إلى هجـر بقـية سـور القرآن. ومرد تفضيل بعض سور القرآن على بعض إلى الشرع؛ فالسورة التي ورد في الشرع أنها أفضل من غيرها فهي أفضل من غيرها قطعا، كما قال صلى الله عليه وسلم في سورة الفاتحة  لأبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه: “لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد… إلى أن قال له: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته” (رواه البخاري وغيره).

السور والآيات التي وردت فضائلها

ومن باب التذكيـر نعرض السور التي وردت فضائلها في الأحاديث الصحيحة:

·      سورة الفاتحة وسورة البقرة؛ من “الم” إلى “المفلحون” ، ثم آية الكرسي، ثم من قوله تعالى: “لله ما في السموات والأرض …”  إلى آخر السورة.

·      آل عمران من البدء إلى “الميعاد”، ثم من “شهد الله” حتى “سريع الحساب”، ثم من “قل اللهم مالك الملك” إلى “بغير حساب”، ثم من “إن في خلق السماوات والأرض” إلى آخر السورة.

·      خواتم سورة التوبة؛ من “لقد جاءكم رسول” إلى آخر السورة (7 مرات).

·      خواتم سورة الكهف؛ من “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا” إلى آخر السورة.

·      سورة السجدة كلها.

·      سورة يس كلها.

·      حم غافر؛ من بدء السورة إلى “إليه المصير”.

·      حم الدخان كلها.

·      خواتم سورة الفتح من “محمد رسول الله …” إلى آخر السورة.

·      الواقعة ثم المسبحات (الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن).

·      سورة تبارك؛ الملك، والأعلى، والضحى، والشرح، والعلق، والقدر، والزلزلة (4 مرات).

·      التكاثر، والعصر (مرتين)، وقريش، والماعون، والكوثر (3 مرات)، والكافرون (4 مرات).

·      النصر (4 مرات)، والإخلاص (3 مرات)، والفلق والناس، والختم بالفاتحة وأول البقرة إلى “المفلحون”.


الهوامش:

(1) رواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد.

(2) يوم المؤمن وليلته، ص 13.

(3) “المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا”، ص: 162.