سلسلة عبودية القلب | الحلقة 9 | سلامة القلب مقدمة النصر والتمكين

Cover Image for سلسلة عبودية القلب | الحلقة 9 | سلامة القلب مقدمة النصر والتمكين
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

لكي تنتصر في الدنيا وأنت في معركة بين أهل الحق وأهل الباطل؛ لا بد من سلامة القلب.

فمن أسباب أهمية القلب، أن الله تعالى اشترط صلاح القلب لمن أراد النصر والتأييد في الدنيا قبل الآخرة؛ فقال تعالى في سورة الأنبياء: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ 1. والعباد الصالحون هم أصحاب القلوب السليمة.

فصلاح قلوب المسلمين هو مقدمة شرطية لجني ثمار النصر والتمكين، فما العبودية في حقيقتها إلا صلاح المضغة الخطيرة؛ بالحب والذل لرب العالمين؛ كما يقول ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع فتاواه: (والعبادة تجمع كمال الحب مع كمال الذل) 2.

ولعل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي وافقه الوحي في كثير من المرات؛ ارتكن إلى تلك الحقيقة حينما طلب منه عمرو بن العاص رضي الله عنهما جميعا مددًا قوامه ثمانية آلاف مقاتل لكي يستعين به في فتح مصر، بعدما استعصى عليه حصن بابليون، فأرسل الخليفة الراشد الثاني إليه مددًا ومعه رسالة يقول فيها كما جاء في كنز العمال، للمتقي الهندي: (قد أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد) 3.

فأربعة ألاف مقاتل وعلى رأس كل ألف رجل؛ رجل من طينة هؤلاء الرجال من أصحاب القلوب السليمة وهو بألف رجل، معناه أن قوام الجيش بثمانية آلاف مقاتل.

وسلامة القلوب هو ما كان يركز عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم لأنهم فهموا فقه القلوب وأهميتها، وعلينا نحن أيضا في هذا الزمان أن يرجع علماؤنا وخطباؤنا ووعاظنا والمحاضرون إلى التركيز على هذه المسألة الأساسية.

فالشجاعة لا يمكن قياسها في المواقف الحقيقية بالعضلات، لأن الشجاعة لا تقاس بالعضلات ولا بضخامة الجثة، وفي هذا الزمن قد نرى صبيا ممرسا باستطاعته غلبة رجل ضخم الجثة كما في القاعات الرياضية.

الشجاعة موطنها القلب، وحينما تخاطب شخصا بأنه شجاع، فقلبه هو الشجاع، ومخاطبته بأنه خائف، فقلبه هو الخائف، وكذلك في الشح فالقلب هو الشحيح… فالحكم على الجسد إنما هو مجازا فقط أما الحقيقة فتنسب إلى القلب، فإليه تنسب الشجاعة وإليه ينسب التكبر وتنسب الرحمة والقوة وجميع الصفات التي تتصف بها الجوارح فإن مصدرها القلب.

نسأل الله تعالى أن يقوي قلوبنا ويسلمها.

لمشاهدة الحلقة من قناة الشاهد من هذا الرابط في الفيسبوك:

http://https://web.facebook.com/ChahedTv/videos/176194454353208

 


[1] سورة الأنبياء، الآية 105.
[2] مجموع فتاوى ابن تيمية.
[3] كنز العمال، المتقي الهندي.