د. إحرشان: “طوفان الأقصى” كان بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على اتفاق التطبيع

Cover Image for د. إحرشان: “طوفان الأقصى” كان بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على اتفاق التطبيع
نشر بتاريخ

اعتبر الدكتور عمر إحرشان أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن حادث السابع من أكتوبر كان مرحلة فاصلة بين زمنين في مسار التطبيع الذي عرفته المنطقة العربية تحت عنوان “اتفاقيات أبراهام”.

كان الرهان كبيرا على المغرب لنقل الموجة من تطبيع مع نظم حاكمة إلى تطبيع مع مجتمع

وفي هذا الصدد، يرى إحرشان في مقابلة خاصة مع “عربي21″، أن المغرب ظل دائما يبتعد عن تسمية الاتفاق الثلاثي بالتطبيع ويرفض إدراجه ضمن “اتفاقات أبراهام”، وبقي مصرا على أن خطوته هي إعادة استئناف لعلاقات كانت جامدة مدة سنوات، وأن له خصوصية بحكم عدد اليهود المغاربة الموجودين في الكيان الصهيوني، والذين يُقدر عددهم حسب التصريحات الرسمية بين 700 ألف و800 ألف.

ولفت عضو الأمانة العامة لدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إلى أن المغرب كان عليه رهان كبير لنقل الموجة من تطبيع مع نظم حاكمة إلى تطبيع مع مجتمع يمكن أن تنجح فيه التجربة، بحكم تاريخ العلاقة بين اليهود المغاربة مع محيطهم المتسامح.

وتحدث إحرشان عن الدينامية غير المسبوقة التي عرفتها هذه السنوات تحت أسماء عدة وإطارات كثيرة، منها جمعيات الصداقة والسلام والتسامح وما شابه ذلك، وإحياء التراث اليهودي، موضحا أنها كانت بـ”طريقة ماكرة” تحاول إضفاء طابع شعبي على بعض مظاهر الصهيونية من خلال خلطها بما هو تراث يهودي، وتحقيق اختراق مجتمعي “من خلال استغلال بعض التيارات المتصهينة”.

الحرب على غزة كانت “رصاصة الرحمة” أطلقت على اتفاق التطبيع

وشدد إحرشان على أن الطريقة التي رد بها المغاربة على العدوان الصهيوني على غزة كانت رسالة بليغة وصلت إلى كل مَن يهمه الأمر، مفادها “أن المغاربة استوعبوا مخطط التطبيع ولن يتراجعوا عن اعتبارهم القضية الفلسطينية في صلب اهتمامهم، لأنهم ظلوا دوما يعتبرونها قضية وطنية رغم الحملة الدعائية التي حاولت مساومتهم بقضية الصحراء كبديل عنها”.

فالحرب على غزة وهمجيتها، وطول مدتها، وصمود أهل غزة ضد العدوان، يقول المتحدث: “كان بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على اتفاق التطبيع، والمسيراتُ الشعبية كانت بمثابة استفتاء شعبي رفض خلاله المغاربة التطبيع وكل مخرجاته”.

وأرجع سبب الزخم التضامني الكبير في المغرب دون بلدان عربية أخرى كانت معروفة بتصدر المشهد التضامني مع فلسطين، إلى أسباب عدة “أهمها تنوع الطيف المدني الذي يعمل في المجال التضامني مع فلسطين، وشعبيته وحيويته واستعادته المبادرة الميدانية بعدما فقدها زمن جائحة كورونا، ثم التجاوب الشعبي الذي كان لافتا للنظر حيث كانت المشاركة في هذه الفعاليات واسعة جدا رغم تعدد المسيرات الوطنية التي وصلت حتى الآن تسعة، فضلا عن مئات الوقفات أسبوعيا في كل مناطق المغرب”.

إيقاع التطبيع سينخفض وقد يُجمّد لكن غير وارد إلغاء الاتفاق بإرادة مغربية

وعن تأثير الوقفات التضامنية على موقف الدولة من التطبيع مع الاحتلال، توقع المتحدث انخفاض إيقاع التطبيع، وقد يُجمّد إلى أقل درجة ممكنة، أو قد يرجع إلى مرحلة السريّة كما كان الشأن قبل توقيع الاتفاق الثلاثي في دجنبر 2020.

لكن “من غير الوارد على الإطلاق أن يتم إلغاء الاتفاق نهائيا بإرادة مغربية”، يقول إحرشان، ثم يضيف “ولكن كالعادة يمكن تحت ضغط الشارع أو نتيجة الهمجية الإسرائيلية أن يُقدم المغرب على تجميد العلاقات كما فعل سنة 2000، أو تُقدم سلطات الكيان الصهيوني على ذلك كما فعلت عند بداية الحرب على غزة بإجلاء موظفيها في مكتب الاتصال بالرباط”.

لكن من الملاحظ أن قوة الاحتجاجات في الشارع المطالبة بإسقاط التطبيع، يضيف الأستاذ الجامعي، لم تبلغ بعد الذروة التي تضع هذا المطلب بجدية على طاولة صانع القرار في المغرب وفق حسابات الربح والخسارة.

“يهود مغاربة” أم “إسرائيليون منحدرون من أصول مغربية”

واستهجن إحرشان غياب أي موقف مؤسساتي أو شخصي لليهود المغاربة “يدين العدوان الإسرائيلي على غزة ويستنكر خرق القانون الدولي الإنساني”.

وأكد أن المثير للانتباه هو موقف اليهود المغاربة في الكيان الصهيوني المتماهي مع عدوان الكيان، مشددا على أنه “يستلزم أكثر من وقفة تأمل في حقيقة هذا التوصيف، أي اليهود المغاربة”.

ويرجع سبب التأمل، وفق حديثه، إلى كونه خادعا، ولأنه ينطبق عليهم أكثر وصف “الإسرائيليين المنحدرين من أصول مغربية”، مطالبا بضرورة “تفعيل سحب الجنسية من عدد كبير منهم ثبت تورطه في الحرب على أهلنا في فلسطين، كما ينص على ذلك قانون الجنسية المغربية”.

لجنة القدس تدفع ضريبة عقود من التواري إلى الوراء بمبرر الأولوية لقضايا الداخل

وبينما اعتبر أن لجنة القدس التي يترأسها الملك محمد السادس على المستوى السياسي والدبلوماسي غير فاعلة وأداؤها لا يتناسب مع المطلوب منها، حيث صارت دول أخرى تحتل واجهة الحدث أكثر منها، مشددا على أنها تدفع ضريبة عقود من التواري إلى الوراء تحت مبرر الأولوية لقضايا الداخل.

أما على المستوى الاجتماعي فيمكن القول بأن أداءها نوعا ما أفضل من المجالين السابقين ولكن عبر السلطة الفلسطينية التي تبين كل الشواهد “أنها في حالة شرود عما يجري سواء في القدس أو غزة أو حتى الضفة”. يقول إحرشان.

ما الذي جناه المغرب من التطبيع؟

وعن “ما الذي جناه المغرب من التطبيع” خاصة أن واشنطن لم تقم إلى الآن بافتتاح قنصلية أمريكية في الداخلة بالصحراء رغم أن المعادلة كانت تتمثل في أن “التطبيع مقابل الصحراء”، كما راج هذا النقاش في حينه، شدد المحلل السياسي على أن المغرب “لم يجنِ ما كان يأمله بالتأكيد سواء من أمريكا أو من الكيان الصهيوني”.

ولفت إلى أن عدم تراجع الإدارة الديمقراطية لبايدن وفريقه عن الاعتراف بمغربية الصحراء، هو مكسب للمغرب على كل حال لأنه لم يلغ الاعتراف الذي أصدره ترامب قبيل نهاية ولايته، “ولكن بالمقابل لم تُفعل باقي بنود الاتفاق، ومنها فتح قنصلية أمريكية في الداخلة، وبعض المشاريع الاقتصادية”.

فإذا كان الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بقي في حده الأدنى، فإن الكيان الصهيوني تأخر اعترافه بمغربية الصحراء حتى يوليوز 2023، وجاء بصيغة ضبابية عبر رسالة من نتنياهو للملك.

وتابع موضحا أنه بعد ذلك ظهر نتنياهو في مكتبه وخلفه خريطة تتضمن المغرب مبتورة منه الصحراء أثناء صورة التقطت له وهو يستقبل رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في أواخر أكتوبر 2023، أي بعد اندلاع الحرب على غزة، وهذه يمكن فهمها كرسالة أو أن الاعتراف بمغربية الصحراء لم يُفعّل بعد. يقول إحرشان.