حديث غرفة النوم

Cover Image for حديث غرفة النوم
نشر بتاريخ

الحديث والحوار من أهم وسائل التواصل والتفاهم، ويختلف هذا الحوار باختلاف الأشخاص والمواضيع المراد التواصل فيها، ومن هنا نجد أن حديثا بين زوجين في غرفة النوم من الأحاديث التي لها خصوصيات، لخصوصية المكان والزمان والشخصين. فهل لهذا الحديث حدود يجب الالتزام بها، ومواضيع لا ينبغي تعديها، وآداب إن لم يؤخذ بها كانت النتائج عكسية وخلقت بدل التواصل تنافرا وبدل الحوار تشاجرا؟

غرفة النوم اسم يدل على الاستلقاء والاسترخاء، وغالبا ما لا تجمع هذه الغرفة بين الزوجين إلا ساعة النوم وطلب الراحة، بعد أن يمضي كل منهما يومه منشغلا في متطلبات الحياة، فكيف نجعل من هذا الفضاء رغم صغره ومحدوديته، متنفسا يجد كل طرف فيه ملاذه عند الآخر ليستأنف في الصباح مسيرة حياة لا تستثني أحدا من مشاكلها ومتاعبها؟

نصيحتي إليكِ

أيتها الزوجة الحبيبة، احرصي على أن تجعلي من غرفة نومك مكانا للراحة والسكن بكل المقاييس، ولا تهملي أي جانب يضفي على هذا المكان إحساسا بالطمأنينة والسكينة الروحية والعقلية والجسدية، اجعلي منه الركن الحصين الذي يشع على البيت كله، تدخلي وزوجك إليه وكل هموم المسؤوليات على عاتقكم لتخرجا منه خفافا ذوو همة عالية وعزيمة أقوى على المضي في الحياة، فإن ابتسامة رقيقة وكلمة طيبة وسكينة نفسية كفيلة بأن تجعل من كل هموم الدنيا لا شيء.

الحل بين يديك

كيف يتأتى لك هذا أختي الفاضلة إن أنت أمطرت زوجك وفي هذه اللحظات بالذات بوابل من الاحتياجات المنزلية، وبهموم الأبناء ومشاكلهم، والعلاقات المتعثرة مع أفراد من العائلة هنا وهناك خصوصا إذا كانوا من قرابته، بل إذا أضفت لكل هذا الكوم لومك وغضبك على تقصير منه أو على عدم اهتمام بهذا المشكل أو ذاك، تكونين أختي قد خلقت من هذا الفضاء مكانا يضيق به صدره مهما اتسع، مكانا يزيد من عبئه ولا يخفف من أحماله.

اعلمي عزيزتي أن هناك أمورا لا يمكن مناقشتها إلا في غرفة النوم بعيدا عن مسامع الأطفال والأهل، ورغم هذا لا بد من اختيار الوقت المناسب لذلك، فلا تجعلي كل خلوة مع زوجك فرصة لمناقشة وحل المشاكل، وإذا كانت طبيعة الحياة تفرض ذلك فلا تجعلي هذا الهم ملتصقا بغرفة النوم حتى تصبح المعادلة هي: غرفة النوم تعني المشاكل وحلها، فلا يدخلها زوجك إلا وهو مكره، وحاولي أن تجدي فضاءات أخرى تخفف من هذا الحمل على غرفة النوم، حتى تبقى هذه الأخيرة المكان الذي تطبعه الراحة والاسترخاء والمتعة، وإن كان ولا بد، فبين الفينة والأخرى فلا بأس بذلك.

من أجل هذا عزيزتي، أسمعيه من كلمات الود والمحبة ما يذهب عن قلبه قساوة الحياة وكدرها، ويخفف عن كاهله ثقل المسؤوليات، اجعلي من نفسك ذلك الخزان الذي يفيض عطاء عند الطلب وبغير طلب، عطاء ماديا ومعنويا، أشعريه بأنه ليس وحده في الواجهة وإنما أنت السند والمدد بعد الله تعالى.

هيئي من نفسك له حتى يرى الجانب الحلو في الحياة وليس الجانب المرهق منها فقط، كوني له الصدر الحنون الذي يضع فوقه رأسه فينسى كل هموم الدنيا..

إليكَ أخي الزوج

أما أنت أخي العزيز فإن حملت الزوجة كل هذا العبء في جعل غرفة النوم فضاء تجد فيه بغيتك وتضع فيه أحمالك وتجدد فيه عزيمتك، فهذا لا يعفيك من تحمل واجبك من هذه المسؤولية، فإن أنت أهملت اهتمامك بزوجتك ولم تشعرها بامتنانك لها قولا وعملا على ماتبذله من جهد، وأنها تمثل الركن الحصين الذي يمنعه من التدحرج، وأنك تشتاق لساعة تجمعك بها لتنسى معها عبء الحياة كلها، تكون قد بخستها حقها، فلا تدخل غرفة نومك لتدير وجهك إلى الحائط وتغط في نوم عميق وكأن لا أحد يقاسمك هذا الفضاء، فلا تسمع زوجتك إلا شخيرا قد يؤرق عينيها ويقلق راحتها.

يقول الحق سبحانه: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة، 187]، ولكي يكون هذا اللباس لباس زينة ورحمة وطمأنينة وسكينة، على الزوجين أن يبذلا جهدهما حتى يكون كل منهما ذلك اللباس لصاحبه، وكلما شعر أحدهما بالحاجة إلى شيء ما، سارع إلى بذله قبل طلبه حتى يأخذه على طبق من الرضى والسعادة.