تُربٌ طَوى تِبْرا وبَرٌ ضَمَّ بَحْرا

Cover Image for تُربٌ طَوى تِبْرا وبَرٌ ضَمَّ بَحْرا
نشر بتاريخ

 طَوى بَطنُ الثرى في الترب تبرا

ألا فاعجب لبَرٍّ ضم بحرا

ألا فاذهل لمطْويٍّ أثير

بمنشور الولاية خُصَّ ذِكْرا

فعذرا يا فقيد الدار 1 عذرا

وشكرا يا أُسى 2 البيضاء شكرا

إذا كنا غيابا عند دفن

فهل يكفي اعتكاف العشر عذرا؟

وبيضاء الأحبة لم تُقَصِّر

وكانت باستباق الخير أحرى

وما فُقِد الحَبيب بدفن جسم

وعشر العتق تبْغي العَبْد حُرا

إِشاراتٌ بِشاراتٌ توالت

علينا من بريد الغيب تترى

وإبْداعَاتُ أحبابٍ تبارت

تُؤبِّن خِلهم شعرا ونثرا

قَضى مَطوِيُّنا حَسَناً مُعافىً

مِن الدنيا وسُقم الجسم طُهرا

له من مطويات الخير سِفْرٌ

خدوم متقن بِرّا وبِشرا

صموت مضمر في السر سرا

على الوجهِ البريءِ يعِنُّ 3 جَهْرا

كبير في الكبيرة 4 دار علم

وَذِكْرٍ نَابَها 5 الأعداءُ حَصْرا

وعانى من بلاء وابتلاء

بعيدا عن رباطِ الخيرِ قصرا

لقد عَاش الفقيد الشهم لغزا

وودع راضيا والناس حيرى

فهل حزن يجوز على شهيد

سيلقى الله محفوفا ببشرى

نَعِيمٍ خالدٍ جارا لطه

برفقة صفوة حشرا ونشرا

هنيئا للفقيد بلوغ قصد

فقد نال المُنَى نورا وأجرا

بصحبة مقتد هاد إمام

وإخوان يرون الوجه بدرا

فهل تطوي البرازخ ذكر عبد

ثوى في القلب محبوبا صفيا؟!

وهل يُنْسَى شهيدٌ بعد فقدٍ

وهل بالجسم لا بالروح نحيى؟!

وهل حَسَنُ الخِلالِ مضى كطيف؟!

ولم تُبْقِ المَنيةُ منه شَيا

وهل مطوينا للنشر ماض

أم الاجداث تطوي الناس طيا؟!

أليس له من الصدقات إرث

ألم يترك لنا عقبا 6 نَجِيا 7؟!

أليس له من الآثار علمٌ؟!

ومن حَسنٍ تعلمنا سنيا

ومن لدن الإله علومَ قلب

وفقها قاصِدا غضَّا طريَّا

كبيرَ السِّن شَفْرةَ 8 كلّ جَمعٍ

كبيرَ السِرِّ فاق الصحب وعيا

ومسقط رأسه فاس اللآلي

وفي البيضاء عاش فتى قويا

وقائدَ خدمةٍ حسنٌ رعاها

إلى أن أثمرتْ رُطبا جَنِيا

هو الإحسانُ يمشي مستقيمًا

على أرضِ الورى بشرًا سويا

مثالاً في التخلي والتحلي

تجلت في الشمائلِ والمُحَيَّا

سوياً لا يُهَوِّن أو يغالي

ورمز توازن عزما وسعيا

وصاحب فكرة بكر

وقول سديدٍ راشدٍ لفظًا ورأيَا

صبورا بالنوائب لا يبالي

وفي عز البلاء ترى رَضِيَّا

ولا يشكو لعبد سوء حال

مريضا كان أو كَلاً 9 عييا 10

ترى المطوي يخفي شغل بال

بمن ساموا الورى قَهْرا وبغيا

فعاثوا في فلسطين الغوالي

فسادا لم يعد مكرا خفيا

كأني بالفقيدِ فِداءَ قدسٍ

ومَسْجِدِها ارتضى هجرا ونفيا

عن الدنيا وما منها وفيها

وغزّةُ تكتوي بالنار كيَّا

ولا من منجد آس مواس

ولا من ناصر أمرا ونهيا

فهل يكفي اعتراضٌ وامتعاضٌ

وهل يجدي فداءُ المَيْتِ حَيَّا؟!

لِكُلٍ موعد آت قريبا

وطوبى للفقيد قضى نَقيا

وطوبى ثم طوبى ثم طوبى

لعبد بعد فقدٍ طابَ حيَّا

وهل يفنى سوى من صار نِسْيًا؟!

ليبعث من لظى رمسٍ 11 شقيا

وأما المؤمن الغالي فيمضي

إلى مثواه محمودا زكيا

ويُلْفِي في رياضِ القبر أنسا

وعند الله فردوسا عليا

برفقة من هُمُ الأرقى نديا

ومن يحيون رَغْدًا سرمديا

مع المولى الكريم بلا حجاب

وأجْمَلِ خَلقِهِ وجها وريا 12

صلاتي والسلام على رسول

أنار القلب بالقرآن وحيا

وعلمنا بأصحاب كرام

أصول الدين بالمنهاج هديا

وأرشدنا بمصحوب دليلٍ

إلى التجديد عمرانا جليا 13

فأنهضنا لإحسانٍ بِعَدْلٍ

شعارا تربويا قومتيا

فبالتربية الفضلى يباهي

بك الرحمان محبوبا وليا

وفاز القائمون بكل خير

ونالوا رتبة في الدين عليا

خديمُ القومِ سيدهم مقاما

ونافعهم هو الأسمى رقيا


[1] مقر العدل والإحسان بمدينة الدار البيضاء الذي تم الحجز عليه ظلما وعدوانا.
[2] أسى جمع أسوة.
[3] يعن: يظهر.
[4] الدار الكبيرة: مقر الجماعة في البيضاء التي تم الحجز عليها وفرض الحصار على ما فيها.
[5] نابها: أي أصابها بالحصر واستهدفها به.
[6] العقب: الولد يخلف أباه في الخير.
[7] نجيا: أي مناج ربه.
[8] الصغير شفرة القوم وهذا كبير وهو للقوم شفرة أي خادم نشط حاذق.
[9] الكل هو العالة على غيره.
[10] العيي: الضعيف العاجز.
[11] الرمس: القبر.
[12] في ري: في حسن حال ونعمة.
[13] الجلي هو الساطع الواضح المصقول.