تأثير خطابات “الإسلاموفوبيا” على فكر الشباب الغربي

Cover Image for تأثير خطابات “الإسلاموفوبيا” على فكر الشباب الغربي
نشر بتاريخ

بقلم: ذة أسماء العلمي

“تأثير خطابات الإسلاموفوبيا (Islamophobia) على فكر الشباب الغربي”

لقد ساهم الإعلام بشكل فعال في تدليس الحقائق أو توضحيها للرأي العام، إلا أن له دورا أساسيا في توعية المشاهد عن طريق إمداده بمعلومات وحقائق وأحداث الساعة. ومن ناحية أخرى فالإعلام يقوم بترسيخ الصور النمطية والكليشيهات التي تضع الآخر في إطار محدد وتصدر أحكاما نمطية معممة عن الإسلام والمسلمين. وهذا بالتحديد ما فعله الإعلام الأمريكي الذي لعب دورا خطيرا في تحريض وتشويه صورة الإسلام والمسلمين. وعلى سبيل المثال فهو يرى الشرق وخصوصا المسلمين هم أعداء الحضارة والتقدم، وهمجيون ومتوحشون، ومتطرفون، وإرهابيون؛ ويرى الإسلام أيضا على أنه دين السيف، وانتشاره كان بالحرب، والعنف، والابتزاز، والظلم، ودائما ما تقترن صورة المسلمين في خطاب الإسلاموفوبيا بالحياة البدوية مثل القوافل، والجمال، والصحراء واللباس التقليدي البدوي، لكي يقلل من شأن المسلمين وثقافتهم وحضارتهم علما أنهم كانوا في الماضي أسياد العالم. لقد نتج عن هذه الكليشيهات ظاهرة الخوف، والرعب، والحقد، والنفور، وحقن المشاعر السلبية تجاه الآخر الغريب بحقيقة المسلمين.

 لقد أصبح الإعلام يشكل جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للفرد فأصبح له وقع وتأثير كبير على المشاهد وأفكاره ومعتقداته وردود أفعاله، وهذا ما أدى إلى بروز ظاهرة الإسلاموفوبيا. معنى مفهوم الإسلاموفوبيا هو الخوف والكراهية من الإسلام والمسلمين والتحيز والتعصب ضدهم ومضايقتهم بشتى أنواع الإساءات. فخطابات الكراهية والإسلاموفوبيا هي السائدة في الإعلام الأمريكي الذي يعد المؤسس الرئيسي لكل الظواهر غير الإنسانية كالتمييز العنصري، والتمييز حسب اللون، والتعصب الديني والعرقي، والتطرف، وخطابات الكراهية، والترهيب من الإسلام. والمجتمع الأمريكي بجميع فئاته العمرية يتأثر بشكل كبير بكل أنواع الإعلام سواء كان مرئيا أو مكتوبا أو مسموعا إلخ.

فغالبا ما يلجأ الإعلام الأمريكي لإظهار شخصيات بارزة ومشهورة لتدلي بموقفها المعادي والمتعصب تجاه الإسلام والمسلمين. وخير مثال على خطابات الكراهية  والإسلاموفوبيا السائدة في الإعلام الأمريكي، خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي كان يواسي الكيان الصهيوني الغاصب، ويتحدث عن مساعدته لهم ضد فلسطين المحتلة التي انتفضت ضد إسرائيل، فأثناء حديثه سمى هذا الانتفاض بـ “الهجمات الإرهابية”، وهذه صورة نمطية تدل على مستوى تعصبه وعداوته للإسلام والمسلمين، لأن مفهوم الإرهاب له حمولة تاريخية سلبية تدل عندهم على التشدد في الدين والجهاد فيه، وأنه يشجع على العنف وقتل الأبرياء، ودائما ما يلبسون المسلمين وزرة الإرهابيين والأصوليين المتمردين وهذا يدل على الرفض أو النبذ التام للمسلمين في الغرب، فالمهاجرون المسلمون في أمريكا يعانون من التضييق والعنصرية. بالإضافة إلى عدم احترام الأخر رغم اختلافه الديني، والعرقي، والثقافي. فالإعلام الغربي يرى أن أي دولة غربية تدافع من أجل وطنها وتقاوم من أجل طرد المحتل فستكون قوية وصامدة مثل أكرانيا؛ أما إذا كانت دولة مسلمة فمواطنوها إرهابيون متمردون، ومتطرفون لأن دينهم دين السيف وسفك دماء الأخرين. علما أن فلسطين تدافع وتقاوم من أجل وطنها بكل بسالة، وصولة، وإيمان بعد كل هذا الاضطهاد والاعتداءات والاغتصابات التي تعرضت لها منذ 73 سنة من طرف الكيان المحتل لأراضيها. فنلاحظ أن الأمر لا يحتاج إلى تحليل أو تفسير بل يكفي أن تكون مسلما لتتجه إليك كل أصابع الاتهام، وتهان كرامتك ويشتم دينك ومقدساتك.

وهناك أيضا مثال آخر يعد أكبر عناصر التحريض على الإسلام في الساحة الإعلامية، وهو اليميني المتطرف الفرنسي إريك زمور الذي يكن كرها شديدا للإسلام والمسلمين ويحرض ضدهم الفرنسيين. ويرى أن الإسلام دين منغلق يرفض الحرية الفردية، ويستبد ويتحكم في الفرد، وهو يعني العبودية والخنوع. أما القرآن فيعتبره أنه يقسم العالم إلى قسمين أرض حرب وأرض إسلام والمقصود بأرض الحرب هي فرنسا. كما أنه يكشف في كل خطاباته التعصب والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين وهذا ما جعل له آلاف الأنصار في فرنسا والمعروفين في الجسم الانتخابي الفرنسي بالمتجذرين في الإسلاموفوبيا. إضافة إلى أنه أثار غضب الكثير من المهاجرين المسلمين جراء تصريحاته ومواقفه المستفزة تجاه الإسلام. بينما له تخوف كبير وفوبيا من الشرق، لأنه دائما ما يحذر من زحف المهاجرين ومن الخطر القادم من الشرق، ويزعم أيضا أن المسلمين يريدون استعمار فرنسا لتصبح دولة مسلمة. ولقد وصل به الأمر إلى حد المطالبة بمنع القرآن الكريم، ومنع ارتداء الحجاب، ومنع المسلمين القاطنين في فرنسا من تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية مثل محمد( 1).

لقد أسفرت عن خطابات الكراهية والإسلاموفوبيا نتائج وخيمة مما تسبب في ردود أفعال شنيعة من طرف المجتمع الغربي مثل زيادة العنصرية ضد المسلمين والزنوج، وتعرض المسلمين إلى عدة تهديدات واعتداءات لفظية وجسدية عنيفة من طرف الغربيين، وارتفاع نسبة ارتكاب جرائم قتل ضد المسلمين. وهناك مثال حي على جريمة الكراهية وهو الطفل الفلسطيني المسلم البالغ من العمر 6 سنوات الذي تعرض للطعن 26 مرة على يد رجل أمريكي يبلغ من العمر 71 عاما الذي قال: أنتم المسلمون يجب أن تموتوا، كما أن أم الطفل استهدفت أيضا وأصيبت بجروح بالغة، ولقد اتهمت الشرطة الأمريكية الرجل بأنه استهدف الضحيتين بسبب عقيدتها الإسلامية( 2)، بأي ذنب قتل هذا الطفل البريء هل بدافع ديانته وعرقه يجب قتله؟، أين هي حقوق الإنسان واحترام معتقد الآخر واختلافه أم هذا من حق الغربيين لا المسلمين؟. ناهيك عن الإساءة إلى النساء اللواتي يرتدين الحجاب، وتشويه المقدسات مثل حرق القرآن الكريم، وحظر الآذان والمساجد، وشتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم والإساءة له عن طريق الرسومات الكاريكاتورية تحت لواء حرية الرأي والتعبير.

وختاما يمكننا القول إنه عندما تكون الدولة قوية ومتقدمة والإعلام قويا لا يمكن تكذيبها أو تغييرها فهي تتلاعب بالصور والحقائق كيف تشاء، كما يمكن ملاحظة أن هناك معركة إعلامية بين الشرق والغرب كانت سائدة منذ القدم ولازالت مستمرة لعدة عوامل من بينها فوبيا الغرب من الشرق أن يكتسح العالم بدينه وثقافته وحضارته التي تعد في نظر الغرب مرفوضة رفضا تاما، لأنهم يسوقون أن الإسلام دين انتشر بالقوة وحد السيف ويشجع على الإرهاب ويدعو للتطرف والعنف والأصولية بمعناها القدحي وليس الإيجابي البناء، مما يؤدي إلى شحن المجتمع الغربي بالكراهية والخوف غير المبرر تجاه الإسلام والمسلمين. كما أن للإعلام الغربي مسؤولية رئيسة في بث العداوة والحقد والتعصب في الإعلام، وخلق الفتن في المجتمع عن طريق تلفيق كل الجرائم والأحداث الإرهابية للإسلام، وكل هذا ساهم بشكل خطير في إرساء الصور النمطية والأحكام المسبقة عن الإسلام والمسلمين.


[1] قناة عربي TRT: https://www.youtube.com/watch?v=nFbqrlaHrbo
[2] قناة الجزيرة العربية: https://www.youtube.com/watch?v=VSJDkFQL9ps