باحثون يناقشون الوثيقة السياسية للعدل والإحسان.. ود. إحرشان يميز بين “الوثيقة” و”المشروع” و”البرنامج”

Cover Image for باحثون يناقشون الوثيقة السياسية للعدل والإحسان.. ود. إحرشان يميز بين “الوثيقة” و”المشروع” و”البرنامج”
نشر بتاريخ

د. إحرشان: لأول مرة تصدر وثيقة بهذا الحجم وتغطي كل هذه المجالات بصبغة مؤسساتية للجماعة

اعتبر الدكتور عمر إحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أن الوثيقة السياسية للجماعة ليست مشروعا مجتمعيا بما هو “مشروع فكري عام غير مضبوط بزمن”، إذ إن كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين هي التي تعكس هذا البعد كما يتحدث عنه السوسيولوجيون. كما أنها ليست برنامجا انتخابيا بما يقتضيه من أرقام تجنبتها الوثيقة.

إحرشان الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها الجريدة الإلكترونية “بنصا” أول أمس الإثنين 18 مارس 2024، إلى جانب الدكتور محمد شقير والدكتور خالد البكاري وأدارها الباحث والإعلامي نور الدين لشهب، بشأن الوثيقة السياسية التي أصدرتها الدائرة السياسية للجماعة، شدد على أن البرنامج الانتخابي هو آخر مرحلة من مراحل التفصيل والتطوير للمشروع المجتمعي ليلتقي بالواقع في وقت زمني محدد وأرقام تفصيلية عن المناصب مثلا وغيرها في مختلف المجالات.

وبينما أكد “أننا لا نزعم امتلاك هذه القدرة الآن على ذلك”، أكد في المقابل “أننا لا نريد الكذب على المواطنين وإيهامهم بإجراءات هي بعيدة عن البرنامج بقدر ما هي وعود يمكن النكوص عليها في أول انعطافة”. ونفى أن يكون في الواقع المغربي من هو مؤهل حقا للقيام بهذه المهمة، ومثل لذلك بالوعود التي تقدم في البرامج الانتخابية من طرف كل الأحزاب بما فيها الأحزاب التي لها تجارب في التدبير الحكومي، حيث نجد أن أول ما تضرب بعرض الحائط هو وعودها الانتخابية. وهذه الأحزاب تبرر تنصلها من وعودها تلك بأنها في ائتلاف حكومي.

بالوثيقة الجماعة تستكمل بناءها الفكري والتصوري مثلما استكملت بناءها التنظيمي

فالوثيقة السياسية، يقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، هي مرحلة من مراحل تطور جماعة العدل والإحسان نحو تفصيل المجمل، فهي لم تصل بعد إلى البرنامج السياسي، لكنها انتقلت من مرحلة الأفكار العامة إلى نوع من التفصيل. كما أنها وثيقة لأول مرة يجتمع فيها التشخيص إلى جانب اقتراحات جماعة العدل والإحسان لكل قضايا الشأن العام المرتبطة بالمغرب.

كما أنها لأول مرة تصدر وثيقة بهذا الحجم وتغطي كل هذه المجالات بصبغة مؤسساتية للجماعة، وهي حصيلة نقاش استمر لسنوات وبتشاور، يقول المتحدث ثم يضيف: “وهي مقترح العدل والإحسان لتفعيل نقاش عمومي داخل المغرب ترى أنها أيضا مسؤولة فألقت بهذه الوثيقة في الساحة العمومية على المغاربة وعلى الفاعلين باعتباره مقترحا لتطوير هذا النقاش”.

وشدد إحرشان على أن إصدار الوثيقة ليس من باب الترف الفكري، بل من أسبابه “التجاوب مع ما يروج في الساحة حول العدل والإحسان، سواء في الداخل أو في الخارج، وهي مسألة عادية جدا لأن الغرض أو الهدف التواصلي حاضر بقوة إضافة إلى هدف التوضيح والتأصيل، ولكن ليس الدافع الوحيد هو التواصل”.

وأضاف: “الهدف الأساسي من الوثيقة هو أن الجماعة تستكمل بناءها، فمثلما أنها اشتغلت بما يسمى البناء الجديد لاستكمال البناء التنظيمي، هناك أيضا استكمال البناء الفكري والتصوري، وهذا البناء لن يتم إلا إذا تقدمت الجماعة من العام إلى المفصل”. لافتا إلى أن اعتبار إصدار الوثيقة استجابة لطلبات أو إجابة عن أسئلة، هو نقطة تحسب للعدل والإحسان لأنها تأخذ بعين الاعتبار ما يروج في الساحة السياسية أو في المجتمع كله من كلام حولها ومن أسئلة تجاهها ومن طلب استيضاح فوضحت.

علاقة الوثيقة بفكر الإمام.. شقير يحدد نقاط الوصل والتطوير

من جانبه اعتبر الدكتور محمد شقير الكاتب والباحث الأكاديمي في علم الاجتماع السياسي، أن إخراج الوثيقة السياسية للجماعة في هذا الوقت الذي يعرف عقما سياسيا هو “حسنة سياسية” وفرصة لإتارة نقاشات يفتقدها السياق الحالي.

وذهب إلى أن الوثيقة تستمد منطلقاتها من الفكر الذي أنتجه الأستاذ عبد السلام ياسين في خطوطه العريضة؛ سواء فيما يتعلق بمنظوره للحكم في المغرب أو منظوره للاختلالات التي تعرفها هذه المنظومة، وهذا يفند مقولة “القطيعة الفكرية أو المرجعية”.

فإذا لم تحقق الوثيقة قطيعة مع فكر الأستاذ عبد السلام ياسين، فإنها وقف المتحدث “تشكل استمرارا بشكل أكثر تنظيما وتموقعا في المشهد السياسي”، وأرجع ذلك إلى أن مكونات الوثيقة تعد بمثابة برنامج سياسي يلم كل المرجعيات التي تعتمدها الجماعة، وفي الوقت نفسه حاولت بلورة مقترحات في ثلاثة محاور، وجعلت منها برنامجا سياسيا متكاملا يمكن وصفه بالمشروع السياسي العملي المتكامل.

وتابع: “وهذا هو الجديد في هذه الوثيقة، أي أن هناك رغبة في التطور من منهج وأفكار نظرية إلى أفكار عملية، والانتقال من مجال التنظير والانتقاد والحوار إلى المجال العملي”. يقول الدكتور محمد شقير.

الجهاز المفاهيمي للوثيقة يعكس التمايز بين ما كتبه الأستاذ ياسين وما كتبه آخرون

وركز الدكتور خالد البكاري، الناشط الحقوقي والسياسي والأستاذ الجامعي، حديثه في مداخلته على الوثائق التي لم يكتبها الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، باعتبار التساؤل الذي لازمه لمدة طويلة حول أن الشخص الذي يكتب للجماعة وينظر لها ويؤسس لمشروعها هو الأستاذ عبد السلام ياسين، وبعدما توفي رحمه الله يتأكد السؤال حول ما إذا كنا سنرى أشخاصا آخرين أو مؤسسات التنظيم ستعيد إنتاج وثائق أخرى، مشيرا إلى أن هذا العمل بدأ في عهده وكانت هناك وثائق رغم أنها لم تجد صدى كبيرا وقد أشارت إليها الوثيقة السياسية.

ويرى البكاري نوعا من التطور داخل نسق هاته الوثائق من داخل نسق المشروع لكنه تطور أكثر في جانب المصطلحات، موضحا أن الوثيقه أشارت إلى أن الجماعة تعمدت استخدام لغة مشتركة تيسيرا للتواصل، خلافا للوثائق الأخرى التي رأينا فيها مصطلحات متداولة سياسيا ولكن كانت الهيمنة للمصطلحات والمفاهيم اللي وضعها الأستاذ عبد السلام ياسين، وهذا كان يطرح مشكلا لأن أبناء الجماعة يفهمون سياقها ودلالتها، ولكن من هو خارج الجماعة أو غير مطلع على أدبياتها فإنه يجد عسرا في فهم بعض المفاهيم وقد تكون مؤسِّسة في تلك الوثائق.

وتابع: اليوم نجد الجهاز المفاهيمي الغالب على هاته الوثيقة، يستخدم المفاهيم السياسية المتداولة في علم السياسة والمتداولة أيضا في النقاش العمومي السياسي، وعندما تقف الوثيقة مع الاستشهادات خصوصا في المقدمة والاحالات على ما كتبه الأستاذ عبد السلام ياسين نحس بهذا الاختلاف بين لغة الوثيقة خارج ما كتبه هو وما كتبه الفريق الذي صاغ الوثيقة، بحسب البكاري.

يمكنكم مشاهدة باقي تفاصيل النقاش عبر الشريط: