الوقاية ﻤﻥ الأمراض التعفنية في الصيف

Cover Image for الوقاية ﻤﻥ الأمراض التعفنية في الصيف
نشر بتاريخ

الوقاية هي الصيانة عن الأذى، وإذا تمعنا في شرع الله عز وجل وجدناه يولي عناية خاصة لحفظ صحة الإنسان من كل ما يعتريه من مرض، جسديا كان أو قلبيا، فطريق الوقاية جلي واضح من خلال ما فرض من فرائض وما حث عليه من تعاليم؛ فلا نجد أمرا ربانيا أو توجيها نبويا إلا وفيه خير للإنسان ووقاية له من الضرر، أدركنا ذلك أم لم ندرك.

ونحن في هذا الفصل الجميل، فصل الصيف أو الربيع المائي، إذ تلقي الشمس بأشعتها المتلألئة، ويزهو القمر بحسنه ويبدو البحر كسحاب ملأته قوة الله عز وجل، تتلاطم أمواجه كنغمات فياضة تغمر ثلاث أرباع الأرض، فيحس المؤمن بالسعادة والحبور بتنبه قلبه لمعاني الطبيعة.

ولكي تكمل هذه السعادة ولا يخدشها عائق لا بد من وقاية الجسد مما قد يعتريه من أمراض تظهر أكثر في هذا الفصل، ونخص بالذكر الأمراض التعفنية. فقد أوردت المنظمة العالمية للصحة في تقريرها سنة 1998م أن الأمراض التعفنية مسؤولة عن% 45 من الوفيات في الدول ذات الدخل المحدود و% 63 من أسباب الوفيات عند الأطفال دون سن الرابعة، كما أن الإسهالات التعفنية وحدها مسؤولة عن% 73 من الإعاقة المرضية المزمنة.

أهم الأمراض التعفنية

1- الحمى التيفية (fièvre thyphoїde)

أكثر الأمراض التعفنية انتشارا في فصل الصيف، الحمى التيفية (fièvre thyphoїde) أو حمى الأمعاء أو مرض الأيادي المتسخة، ينتج عن الإصابة بجرثومة السالمونية، وتتم العدوى عن طريق الأيادي المتسخة الملوثة بفضلات المريض أو عن طريق المياه الملوثة الغير الخاضعة للتطهير. تظهر الأعراض بين أسبوع أو ثلاث أسابيع بعد تناول الجرثومة المتواجدة في المياه أو المأكولات الملوثة. وهذه الأعراض هي: حمى 39 – 40 درجة، غثيان، إمساك، عياء شديد، صداع الرأس، رعاف، ظهور بقع حمراء.

2- التسممات الغذائية toxi-infection alimentaire))

بالإضافة إلى الحمى التيفية، تكثر التسممات الغذائية أيضا في هذا الفصل، وتنتج عن استهلاك أغذية معفنة ببعض البكتيريا أو بسمومها، فالحرارة المرتفعة تعرض المواد الغذائية للإتلاف فتفسد ويتغير طعمها ولونها وشكلها مما يؤدي إلى تسممات تشكل خطورة خاصة عند الأطفال والنساء الحوامل والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة. تظهر الأعراض 6 ساعات إلى 48 ساعة بعد استهلاك المواد المتعفنة حيث يعاني المريض من إسهال حاد، غثيان، أوجاع في البطن، حمى…

ونتحدث عن التسمم الجماعي عند إصابة أكثر من شخصين بهذه الأعراض بعد تناول وجبة موحدة.

نصـائـح وقـائـيـة

1- النظافة

أساس الوقاية وحفظ الصحة، وهي شطر الإيمان ووسيلة إلى الطهارة القلبية ونيل المحبوببية عند الله عز وجل.

• نركز على غسل الأيدي بالماء والصابون مدة لا تقل عن 3 دقائق قبل وبعد الأكل وبعد قضاء الحاجة.

• نظافة مصادر المياه ووقايتها من التلوث، فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلويثها فقال :“اتقوا الملاعن الثلاث : البراز في الموارد وفي الظل وفي طريق الناس” 1 وعن الإمام ابن ماجة رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم:نهى أن يبال في الماء الجاري) تفريغ الفضلات عبر قنوات مخصصة لذلك.

• نظافة المواد الغذائية واقتناء الطازجة منها وتنظيفها قبل الطهي.

• نظافة المطبخ والثلاجة والأواني وكل ما يستعمل في إعداد الطعام.

• نظافة الجسد والاستحمام اليومي تفاديا للأمراض الجلدية التعفنية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهرا إلا بات معه في شعاره ملك لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهرا” 2

2- مراعاة الطرق السليمة في تبريد وتجميد المواد الغذائية

• الحفاظ على سلسلة البرودة، فالمواد التي تحتفظ في درجة حرارية منخفضة كالحليب ومشتقاته، الجبن الياغورت، اللحوم، الفطائر… يجب أن تبقى في البرودة انطلاقا من تصنيعها حتى استهلاكها وعند شرائها يجب الإسراع بوضعها في الثلاجة.

• عند النزهة أو السفر توضع المواد الغذائية في مثلجة صغيرة أو أكياس خاصة.

• تجنب المواد المعرضة للإتلاف بسبب الحرارة كالكريما والمايونيز.

• عدم تجميد ما كان مجمدا إلا بعد طهيه فيمكن إعادة تجميده.

• شرب الماء بقدر لا يقل عن لتر ونصف ومزيد ما أمكن وخصوصا الأطفال والشيوخ لأنهم لا يعبرون عن العطش ومعرضون أكثر للاجتفاف.

3- المحافظة على التغذية الصحية

غالبا ما تتغير العادات الغذائية أثناء الصيف، فلا يمنعنا السفر وأخذ الوجبات خارج البيت من الحفاظ على الأسس الصحية للتغذية، نذكر منها:

– تناول الخضر والفواكه على الأقل 5 أنواع في اليوم، فهي غنية بالأملاح المعدنية والفيتامينات والألياف ومواد أخرى مضادة للأكسدة.

– تناول الحبوب والبقوليات والنشويات: أرز، ذرة، قمح كامل، بطاطس… في كل وجبة فلها دور وقائي من أمراض الجهاز الهضمي وأمراض القلب والشرايين.

– الحليب ومشتقاته وما يحتوي عليه من كالسيوم.

– لحوم بكمية أقل وتفضيل السمك.

– تجنب المواد المعلبة والمصنعة التي تحتوي على مواد حافظة المعروفة بتسببها لمرض السرطان.

– تجنب السكر الأبيض والملح الصناعي.

– شرب الماء أو عصير طبيعي بدون سكر.

وأخيرا

لا يكن صيفك صيف غفلة عن الله، ولتغتنم كل فترة فيه فما العمر إلا فترات لا تعوض، ولنغتنم الفراغ من الوظيفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“اغتنم خمسا قبل خمس. حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك” 3 ولنستكمل النقص ونستدرك ما فات طلبا لما عند الله عز وجل فما عند الله خير وأبقى وأنقى وأرقى.

 

 

 


[1] رواه الإمام أبو داود
[2] “رواه الإمام الطبراني رحمه الله بسند جيد.
[3] رواه الإمام أحمد رحمه الله