الشيخ مجيب الرحمن الندوي: العدل والإحسان جماعة ربانية

Cover Image for الشيخ مجيب الرحمن الندوي: العدل والإحسان جماعة ربانية
نشر بتاريخ

وجّه الشيخ مجيب الرحمن عتيق الندوي كلمة إلى جماعة العدل والإحسان بمناسبة إحيائها للذكرى الأربعين لتأسيسها، قائلا للجماعة إن “العالم ينظر إليكم، والدنيا كلها ترمقكم، لكي تأتوا بهذه المعاني التي افتقدها العالم” من خلال الاسم الذي تحمله الجماعة، وتحدث في كلمته عن نظرته للجماعة وللإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله ومؤلفاته.

وشكر الشيخ جماعة العدل والإحسان على إحيائها لهذه الذكرى، قائلا أن هذه الذكرى من قول الله سبحانه وتعالى “حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ“، وأضاف أنه بمناسبة هذه الذكرى يعتبر أن هذه “جماعة موفقة، جماعة ربانية إن شاء الله تعالى، وجماعة مؤمنة صادقة لا تبذل إلا لإقامة العدل والإحسان الذي يحتاج إليه هذا العصر الحديث“، مضيفا أنه “ما أحوج عصرنا إلى مثل هذه القيم الروحية والربانية وإلى هذه القيم الصادقة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا إلى تحقيق هذه المعاني السامية“.

وأوضح في كلمة مصورة بثتها قناة الشاهد الإلكترونية أنه من سعادة حظه الحديث عن الإمام المجدد الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله، وعن هذه الجماعة الموفّقة التي أسّسها الإمام المجدد رحمه الله تبارك وتعالى، الذي تعرف عليه عن طريق بعض الإخوة الذين التقى بهم في تركيا فهم عرفوني بشخصية الإمام، وعن مشروعه وبكتبه ومؤلفاته، فمن هنالك بدأ سفري مع الشيخ الإمام المجدد ومع هذه الجماعة.

مدير معهد الإمام أبي الحسن الندوي للدعوة والفكر الإسلامي أضاف بقوله إنني قرأت بعض مؤلفات الإمام فوالله يعني في الحقيقة وجدته من أعظم رجال التزكية والإحسان والتربية، ومن رجال التعليم ومن رجال الدعوة والإصلاح في هذه الآونة الأخيرة، في هذا العهد وفي هذا العصر الذي هو مليء بالرجال والشخصيات، ولكن هذا العصر لا نجد فيه أمثال الإمام عبد السلام ياسين في فكره الوقاد وفي عمله وفي سلوكه، وفي فهمه الدقيق لروح الإسلام ولروح الشريعة الإسلامية. 

وتابع المحاضر في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الإمام أحمد بن عرفان الشهيد بقوله إنني وجدت في كتب الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله رصانة الفكر، وقوة الأسلوب وعذوبة الأدب وحلاوة الأسلوب، ولكن مع هذه المميزات ومع هذه المواصفات إنني وجدت في كتب الإمام قوة وروحا، تغذي الروح تغذي العقل وتغذي العاطفة.

هذه الأشياء وهذه المواصفات لا تأتي سدى، وهي ليست مصادقة، إن هذه المواصفات إنما هي تابعة لقلب مؤمن فياض، لقلب مؤمن يفيض بحب الله سبحانه وتعالى، ويفيض بحب النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون متعمقا في فهم روح الإسلام. وهكذا كان عمالقة الفكر الإسلامي ورجال الدعوة والإصلاح في القديم، كما وجدنا عندنا في الهند في كتب الإمام السرهندي وفي كتب الإمام ولي الله الدهلوي، وأمثال هؤلاء من المجددين والمصلحين.

في الحقيقة استفدت كثيرا من مؤلفات الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله وتأثرت بشخصيته وأعجبت بها، بهذه الشخصية الفذة العملاقة، ثم ساعفني الحظ بأنني شاركت مرة في مؤتمر في المغرب بمناسبة ذكرى رحيل عبد السلام ياسين رحمه الله، فرأيت أصحاب هذه الحرب وأهل هذه الحركة في دارهم وفي بيتهم وفي مقرهم، وهذا الذي زادني أيضا تعرفا على شخصية الإمام وعلى جهوده الجبارة الموفقة، وعلى فكره النير.

وإنني كنت أقول دائما أن بعض الأسماء إنما هي تعبر عن حقيقة مسمياتها وروحها، فهذا الاسم جماعة العدل والإحسان، إنني أعتقد أن الإمام لم يأخذ هذا الاسم إلا لأهداف كبيرة، إلا لأجل أن هذا الاسم إنما هو يعبر عن حقيقة وروح هذه الجماعة المومنة الواثقة الصادقة إن شاء الله.

أسس عبد السلام ياسين رحمه الله هذه الجماعة لتبذل جهدها ولتهتم بهذه الوصية الربانية في هذا العالم المتعطش إلى العدل الحقيقي الذي فقده منذ زمان، إلى العدل الذي أصبح في هذا العالم كأننا لا نجد رائحته ولا نشمه في هذا العالم الظالم الغاشم، فمن هنالك نحتاج إلى تجديد هذا الفهم، إلى أخذ هذه المعاني القوية الروحية، إلى الأخذ والاهتمام بهذه الوصية الربانية العدل، وكذلك الإحسان أيضا مطلب شرعي ومهم جدا، كما جاء في هذه الوصية الربانية، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم في أسئلة جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال في نهاية هذا الحديث النبي صلى الله عليه وسلم هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، وماذا كان الدين؟ الدين في ذلك الحديث هو الاسلام والايمان والاحسان. والاحسان كلمة جامعة شاملة ومصطلح ديني ومطلب شرعي أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فإنه يراك، والاحسان إن الله يحب المحسنين. فيا له من جهد رائع ويا له من تفكير قوي جيد. حيث جاء هذا المصطلح في هذه الجماعة الموفقة في اسم جماعة العدل والاحسان. وإنني حينما أنظر إلى مؤلفات الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله وحينما أنظر إلى هذه الجماعة فأقول لهم وأقول لنفسي يا أصحاب هذه الجماعة أنتم أحرى وأنتم أولى بأن تجددوا هذه المعاني، وبأن تنشروا معاني حقة صحيحة صادقة، وروح صادقة لهذه المعاني، معاني العدل والإحسان.

وإنني أشعر كذلك في مؤلفات الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله شيئا مهما جدا وهو أنه ركز عنايته وبذل جهده في تربية النفس، في التربية الروحية الايمانية، فإنه بدون هذه التربية الروحانية الأعمال كلها قشورا بلا مغزى، وأجسادا بلا روح. سبحان الله هذا الإمام المجدد رحمه الله وتقبله في الأبرار الصالحين إنما هو بذل جهده في هذا الموضوع، حتى أنه خرج من عزلة الزوايا والخنقاهات إلى ساحة الحياة الحية وإلى ميادين الحياة النابضة بالحياة.

هو ربى جيلا جديدا هو ربى نشأ جديدا تحت هذه المظلة الروحية الايمانية وتحت هذه المبادئ السامية. فإنني رأيت عند أصحاب هذه الجماعة وعند تلامذة الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله. رأيت هذه الروح تتجلى في تعاملهم في خلقهم وفي جهودهم وفي ابتساماتهم، والله في الحقيقة أنا تأثرت بالإمام وبمؤلفاته وتعاليمه وجهوده وكذلك مع تلامذته أيضا حينما عايشتهم وشاركت معهم في المؤتمرات وفي الندوات، وكذلك شاركت هنا في مؤتمر في تركيا مرة في مؤتمر حول موضوع نظرية التغيير في كتابات الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله.

وإنني أتذكر في هذه المناسبة أنني قلت في ذلك الوقت أيضا أنه من اهتمام الإمام أنه بذل جهده وعنايته في التربية الروحية وفي تربية النفس، ومن هنالك يأتي التغيير، وإذا لم تتغير الروح ولم تتغير النفس فلا معنى لتغيير الأجساد والملابس والاشكال. إنما أهم المهام هو العناية بالتربية الروحية وبالنفس، وهكذا وجدت في كتابات الإمام رحمه الله.

وإنني أشكر الله سبحانه وتعالى أنه وفقني للتعرف على شخصية الإمام وجهوده والاستفادة من كتاباته وأن أستلهم من فكره وروحه، وأن أجلس مع تلامذته، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، وإنني أشكر الإخوة القائمين من تلامذة الإمام وإنني أحييهم جميعا.