إرضاء حواء غاية تُدرك

Cover Image for إرضاء حواء غاية تُدرك
نشر بتاريخ

كثيرون هم الأزواج الذين يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم، ولماذا يفشلون أحيانا في تحقيق أمن الأسرة واستقرارها، ولا شك أن مسؤولية السعادة الزوجية تقع على الزوجين أولا وأخيرا، إذ لا بد من بناء ذلك التناغم الروحي والحس العاطفي بينهما، إلا أن بين الحين والآخر نسمع كثيرا من الزوجات ممن تشتكي من معاملة زوجها تحت وطأة الضغط، ومن التصحر في الحياة الزوجية، ويفتقدن كثيرا من الكلمات الطيبة. نعم، كثير هن الزوجات اللواتي يعشن حياة سطحية ولقاءات جامدة لا تتجاوز أحاديث الحياة اليومية وهمومها، والتذكير بالواجبات المنزلية ومشكلاتها.

1. ترك الزوجة وحيدة

ضغوط الحياة قد تفرض على الزوج العمل لأوقات طويلة، وتظل الزوجة وحيدة أغلب الوقت، وقد تزيد المشكلة سوءا عند رغبة الزوج في تمضية وقته بعد العمل مع أصدقائه، أو في تصفح هاتفه، أو الخلود للنوم سريعا دون مراعاة أن زوجته ترغب أيضا في الجلوس معه. وهذا ما عبرت عنه إحدى الزوجات قائلة: “أعيش مع زوجي كخادمةٍ وفيةٍ تحظى بثقة ربّ عملها وليس حبه، أظن أن تلك المشاعر الجميلة التي نجح ذات يوم في تحريكها في داخلي قد ماتت إلى الأبد”.

2. الابتعاد عن الزوجة وعدم الاهتمام بها

“لم أتعوّد على سماع كلمات رقيقة منه تدلّ على حبّه وتقديره، أو على الأقل كلمات شكر نظير ما أقوم به طيلة النهار في رعاية منزله كأيّ خادمة تعمل مجاناً”، كلمات عميقة عبرت بهن إحدى الزوجات عن مدى تحرقها لإهمال زوجها لها. فقد يظن الرجل أحيانا أن مجرد التحدث إلى زوجته بضع دقائق في اليوم كاف لتشعر بحنانه، لكن ما يحدث في هذه الحالة هو العكس، لأن الزوجة تعتقد أن أهميتها عند زوجها تنحصر فقط في هذه الدقائق.

3. تصيد الأخطاء الدائم للزوجة

لا يخلو إنسان من العيوب والأخطاء، لكن محاولة الزوج تصحيح أخطاء زوجته باستمرار وبطريقة تشعرها دائما أنها مليئة بالعيوب ولا تصلح لأن تكون في المكان الموجودة فيه الآن، يؤدي على الأغلب إلى نزاع بين الزوجين. وهذا التصرف من أكثر ما يرهق الزوجة، تقول إحداهن: “هذا الرجل حطّمني، فهو دائم الانتقاد، كثير الشكوى، ويتعمد إهانتي وإحراجي أمام أولادي…”.

4. عدم اعتذار الزوج عن أخطائه أبدا

تقول إحدى الزوجات: “اشتهيت دوما أن أسمع من زوجي كلمة اعتذار بعد خطئه في حقي، لكن مع الأسف أنا من يبادر دائما إلى مصالحته والاعتذار منه”. فمن المفترض عند وقوع أي طرف في الخطأ أن يعتذر للطرف الآخر، لكن عند رفض الزوج الاعتذار دائما عن خطئه، ظنا منه أنه سيظهر بشخصية ضعيفة أمامها، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة الخلاف بينهما.

5. عدم تحمل الزوج المسؤولية

من أكثر الأمور التي تجعل مكانة الزوج تهتز عند زوجته؛ عدم تحمله للمسؤولية، سواء كانت في عمله أو منزله أو مع عائلته، بل وقد يترك بعض الأزواج كل المسؤوليات على زوجاتهم. وهذا ما أكدته زوجة: “زوجي لا يهتم بي وبطلباتي الخاصة ولا حتى بالمنزل وطلباته”.

أيها الزوج المبارك

خير ما رزقت به في هذه الدنيا المرأة الصالحة، فهي تذكرك بالله، وتساعدك على الخير، وتحفظ ولدك وبيتك ومالك… وهي كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته” 1. فبعبير الحب تمتلك قلبها، وبلين الكلام تأسر نفسها، فسارع بالخير تسعد، واعلم أن خير دواء للمرأة الكلمة الطيبة. ولك مني أجمل هدية، قطوف دانية من جنات الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام:

1. التلطف والدلال

إن من أعظم ما يفتل في رباط المودة، تلطفك بزوجتك، ومراعاتك لحالها. ومن أجل مظاهره المسارعة في إدخال السرور عليها، بحيث تستغل الأوقات المختلفة فتبادرها إما بالعبارة الحانية المملوءة عاطفة ورقة، وإما بشيء من الترفيه البريء والمزاح الجائز، أو من خلال مساعدتها في شيء من الخدمة المنزلية ونحوها. كما أن أي تلطف مع الزوجة عمل خير يؤجر عليه المرء؛ فقد روى البخاري عن سعد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “.. وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ”.

2. التزين والتجمل والتطيب للزوجة

الله عز وجل جميل يحب الجمال، وقد أمرك الله عز وجل بأخذ الزينة في الجمعة والأعياد والمساجد وغيرها. ويجدر بك أن تكون نظيف البدن والثوب، طيب الرائحة، حسن الهيئة، فالزوجة تريد منك مثل ما تريد منها من التجمل والزينة، قال ابن عباس: “إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي وما أحب أن أستطف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها عليَّ لأن الله تعالى يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ“.

3. الجلوس مع الزوجة والتحدث معها

إن من إكرام الزوجة أن تخصص وقتا للجلوس معها، تحدثها وتحدثك، تسامرها وتسامرك، ولتحذر من اعتياد الصمت بينكما؛ فتتحول الحياة إلى “ثكنة عسكرية فيها أوامر من الزوج وطاعة من الزوجة؛ خذي، هاتي، كلي، اشربي، قومي، اقعدي، تعالي، اذهبي، نامي، استيقظي، ماذا تريدين، متى تخرجين؟! أُسطوانة مكررة مكروهة تجعل الحياة الزوجية بغيضة باهتة باردة! فأين الحب واللطافة؟ وأين المودة والرحمة وما بينهما؟! أين الأحاديث الحسان منك أيها الرجل! عن جمال عيونها، وعذوبة ألفاظها، ورقة ذوقها، وحسن اختيارها للباسها؟! وأين كلمات الشكر والثناء عند الطبخ والغسل والكنس؟!” 2.

4. التشاور مع الزوجة

التشاور بين الزوجين يشيع روح المحبة والمودة والتفاهم، ويبعث الثقة والطمأنينة في النفس، كما أنه يشعر كل طرف أن الطرف الآخر يحترم فكره ويقدره، وهو مبدأ إسلامي أصيل هدفه الوصول إلى الرضا النفسي والشعور بالاستقرار والمعايشة الوجدانية وتقارب الأفكار. الحوار بين الزوجين مدخل للتفاهم وتجديد الحب، والعون على تخطي المشكلات، واستمرار الحياة الزوجية.

5. مداراة الزوجة

وجب على الرجل أن يجبر قلب زوجته، وأن يرفع من معنوياتها، ويحسن إليها ويكرمها. الأصل هو صون المرأة، والتلطف بها، والتماس أسباب رضاها ومراعاة نفسيتها، لا التجسس عليها، وإحصاء أخطائها. وأذكر هنا قاعدة أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه مع أم الدرداء بقوله: “إذا رأيتني غضبان فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب”.

هكذا ربى الحبيب المصطفى صحبه، كيف لا وهو الذي رسم لنا أبهى صورة للزوج المحب المتفاني في دلال زوجته، فيدير الكأس ويشرب عليه الصلاة والسلام من موضع فمها، تسافر معه فيسابقها ويمازحها ويضاحكها، يجلس على مائدتها فيأنس لحديثها ويضحك لمزاحها، يهتف بحقوقها وعدم ظلمها، ويلفظ أنفاسه الأخيرة ويودع الحياة وهو يتمتم قائلا: “استوصوا بالنساء خيرا”.  هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عارفا بنفسية المرأة مراعيا لمشاعرها، عالما باحتياجاتها، ملبيا لرغباتها. فالمرأة تحتاج من الرجل شيئا واحد فقط، أن يحبها ولكن بصدق ووفاء.


[1] رواه أبو داود.
[2] كتاب دروس للشيخ إبراهيم الدويش، ص 17.