سحرتني آية (13).. “سُبْحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ اِ۬لْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَۖ”

Cover Image for سحرتني آية (13).. “سُبْحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ اِ۬لْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَۖ”
نشر بتاريخ

لكلِّ واحد منا قصّته الخاصّة مع القرآن، مع آية، سورة، سطر، موقف، شعور..

لكل واحد منا آية خاصة مسكوبة بجمال لا ينتهي، يعيش في ظلالها، يتنفسها، تحتضنه ويحتضنها حسب الألم أو الخوف أو الفرح. ومع مرور الوقت وتحول القلب تسلمك هذه الآية لآية أخرى؛  فترى حروفها وتتشرب معانيها وتحلق في سمائها، وكلما ارتفعت اكتشفت.

من الآيات الجليلة الدافئة العظيمة: سُبْحَٰنَ رَبِّكَ رَبِّ اِ۬لْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَۖ * وَسَلَٰمٌ عَلَي اَ۬لْمُرْسَلِينَۖ * وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ اِ۬لْعَٰلَمِينَۖ.

دائما نختم دعاءنا بهذه الآيات، ربما لا نعرف أنها آيات من القرآن، فقد اعتدنا أن نرددها كلما رفع أحدنا كفيه للدعاء، ودائما ما تكون إعلانا عن ختم الدعاء.

أحيانا نقولها دون أن نفكر في معناها، أصبحت جملة تقال عند نهاية الدعاء وكفى.

لنقف قليلا ونتمعن في أنوارها وفيوضاتها..

هي ثلاث آيات مباركات من أواخر سورة الصافات، والصافات حسب المفسرين هي الملائكة. المرة الوحيدة التي وصف رب العالمين بـ”رب العزة” هي في هذه السورة.

“سُبْحَٰنَ رَبِّكَ”؛ أي مهما تفكرت في ذاته فهو أعظم مما تتصوَّر، وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، كل شيءٍ تظن أن الله هكذا هو فوق ذلك..

“سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ”؛ الله عزيز، معنى عزيز يحتاجه كل شيء في كل شيء، ليس الإنسان فقط، فهو يحتاجه كل شيء في كل شيء.

“رَبِّ الْعِزَّةِ”؛ هو صاحب العزة، فإذا أردت العزة فكن معه، فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين، سند صحيح نوراني مبارك.. العزة تستشعر معانيها أكثر عندما تكون في «الصف»، ألم تبدأ السورة بالصافات صفا والزاجرات زجرا والتاليات ذكرا؛ ملائكة تقف صفا وملائكة تزجر وملائكة تتلو الذكر. ثمة ترتيب: صف ثم زجر ثم ذكر. قد نفهم معنى الصف هو صحبة وجماعة، والزجر هو النهر وهو أيضا الحث؛ تقول العرب: زجر الإبل أي حثها على الإسراع، وقد يكون بمعنى الصدق في العمل، ثم الذكر.

“سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ”؛ رب العزة حتى يتساقط عن كاهلك كُل خوفٍ وقَلَق، كُلّ بشرٍ وضعته في غير موضعه، كُلَّ هالةٍ صنعتَها لإنسان أقلّ من قدره، حتّى يتلاشى عنك كُلَّ تَعَلُّقٍ أرهَقَ توازنك.

“وَسَلَٰمٌ عَلَى اَ۬لْمُرْسَلِينَۖ”؛ موكب نوراني ممتد عبر الأزمان، نحبهم ونتبعهم وندعو لهم في دعاء الرابطة علّ الرحمات تتنزل علينا بذكرهم.

“وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ اِ۬لْعَٰلَمِينَۖ”؛ الحمد لله على كل شيء؛ الحمد لله حين الدَّهشة والألم، وحين الشدة والفرح، وحينَ البدء وحال الوصول..

الحمد لله حمد غارق في ظِلّ رحمته، عالق بين ألطافه، كقلب طفلٍ مُحِبٍّ، متى أنعَمَ الله عليه اندَهَش..

فسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.