غمرتنا الأنوار بمولدك الشريف وتوالت علينا المسرات يا خير من وطئت قدماه الثرى وأفضل من دعا وخير من بشر. فرحنا به فرحنا بالله الذي خصنا بك واصطفاك من بيننا تشريفا وتكليفا، ذكرناك، وبذكر الصالحين تتنزل الرحمات، فكيف بذكر قدوة الصالحين وأعظم العابدين، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ.
فرحنا بك طاعة سيدي، فرحنا بك تعظيم لمحارم الله تعالى، أعتق أبو لهب تويبة رضي الله عنها التي بشرت بمولدك الشريف فخفف الله تعالى الكريم عنه العذاب كل يوم إثنين وقد حق عليه العذاب، فكيف بمن آمن بك واتبعك وصدقك وعزرك وفرح بمولدك الشريف.
الفرح بك عبادة يا رسول الله، عليك من ربك العظيم أعظم الرضا وأتم الصلاة والتسليم. توالت علينا الأفكار وتناسلت المواقف في غمرة الفرح بمولدك الشريف، نظرنا إلى ماض بئيس عاشته البشرية في فساد عارم وظلم على الصدور جاثم إلى أن انتشلتها يد السماء ببعثتك الشريفة، سطعت الأنوار وعلت الهمم وشحذت العزائم… فُجرت بركات السماوات والأرض والتقت على خير قد قدر، ففاضت ينابيع الرخاء وغمر الحب الأرض وعم الوئام. استعاضت البشرية بمجتمعات التآخي والبر الشامل بمجتمعات الأنانية، والخير يقينا في الأمة ثابت إلى أن تقوم الساعة.
غثاء كغثاء السيل صرنا يا رسول الله، لولا الفئة الظاهرة على الحق، هزمت أمتك في حاضر أليم على أكثر من صعيد.. أهانها القريب والبعيد.. أتراها تناست ماضيها المجيد وعزها التليد أم غفلت عن وعيد ربها الشديد ووعده الأكيد “وكان حقا علينا نصر المؤمنين”.
المؤمنون، والإيمان قول وعمل، سلوك واتباع، لا عبرة بإيمان يلاك بالألسن والقلب خواء من محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمحبة اتباع وإلا أضحت عبارة لفظية حالمة لا تؤتي أكلا ولا تنتج زرعا، المحبة عمل وإنجاز جزاؤها أخوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجر خمسين من الصحابة رضي الله عنهم. عمل وتدافع، اقتحام ومحبة متسلسلة في الأمة، إلى حين لقاء الله المنان، محبة للصالحين حيثما كانوا ومتى كانوا نتوجها بدعاء عظيم يردده الفرد الصالح لينضوي في سلسلة الصالحين النورانية: “ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا انك رءوف رحيم”.
محبتك محبة آل بيتك الكرام رضي الله عنهم، هم وصيتك فينا.
محبتك عمل بكتاب ربنا الكريم، فهل أخلفناك بحق وتفان وإحسان فيهما.
عفوا سيدي يا رسول الله، ما قدرناك حق قدرك، ما عزرناك وما وقرناك وما نصرناك بما أنت أهل له، لو سجدنا لله ما حيينا ما وفيناه حقه أن بعثك فينا.
عفوا سيدي يا رسول الله، نعتذر لمن بدل بعدك وغير.
عفوا سيدي يا رسول الله، ما نريد أن نكون من أهل السحق.. نستسمحك.
عفوا سيدي يا رسول الله وصلى الله عليك وعلى آلك وسلم، صلاة تامة كاملة متواترة لا انقطاع لها عدد ما ذكركم الذاكرون وغفل عن ذكركم الغافلون.
صلاة وسلام عليك في ذكرى مولدك الشريف، صلاة ممزوجة بالأوبة والتوبة والرجوع المنيب المتذلل إلى الله العفو الرحيم.
صلاة وسلام عليك يا رسول الله، صلاة موصولة بكامل المحبة من أمتك، محبة التعزيز والتوقير والتقدير والاتباع والنصرة في يوم مبارك أغر كهذا.. في يوم الفرح بك يا رسول الله.. ودمنا لك إخوة يا سيدي، فهلا رضيت.