وصايا الصالحين (5) | خطبة لعمر الفاروق رضي الله عنه

Cover Image for وصايا الصالحين (5) | خطبة لعمر الفاروق رضي الله عنه
نشر بتاريخ

جاء في رواية: أنَّه بعد يومين من استخلافه (سيدنا عمر رضي الله عنه) تحدَّث النَّاس فيما كانوا يخافون من شدَّته، وبطشه، وأدرك عمر أنَّه لابدَّ من تجلية الأمر بنفسه، فصعد المنبر، وخطبهم، فذكر بعض شأنه مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وخليفته، وكيف أنَّهما توفيا وهما عنه راضيان.

ثمَّ قال: “.. ثمَّ إِنِّي قد ولِّيت أموركم أيُّها النَّاس! فاعلموا أنَّ تلك الشِّدَّة قد أضعفت، ولكنَّها إِنَّما تكون على أهل الظُّلم والتَّعدي، ولست أدع أحداً يظلم أحداً أو يتعدَّى عليه حتَّى أضع خدَّه على الأرض، وأضع قدمي على الخد الآخر حتَّى يذعن للحقِّ. وإِنِّي بعد شدَّتي تلك أضع خدِّي لأهل العفاف، وأهل الكفاف.

ولكم عليَّ أيُّها النَّاس خصالٌ أذكرها لكم، فخذوني بها؛ لكم عليَّ ألا أجتبي شيئاً من خراجكم، ولا ممَّا أفاء الله عليكم إِلا في وجهه، ولكم عليَّ إِذا وقع بين يدي ألا يخرج مني إِلا في حقِّه، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم، وأرزاقكم ـ إِن شاء الله تعالى ـ وأسدَّ ثغوركم، ولكم عليَّ ألا ألقيكم في المهالك، ولا أجمركم في ثغوركم، وإِذا غبتم في البعوث؛ فأنا أبو العيال، حتَّى ترجعوا إِليهم.

فاتَّقوا الله عباد الله! وأعينوني على أنفسكم بكفِّها عنِّي، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وإِحضار النَّصيحة فيما ولاني الله من أمركم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي، ولكم”.

وجاء في روايةٍ: “إِنَّما مثل العرب مثل جملٍ أنفٍ (1) اتَّبع قائده، فلينظر قائده حيث يقوده، أمَّا أنا فوربِّ الكعبة لأحملنَّكم على الطريق!“.


(1) الجمل الأنف: الذي اشتكى من الحلقة التي أدخلت فيه لإخضاعه في القيادة.


ذكره الدكتور علي محمد الصلاَّبي في كتابه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ص 120 – 121.