اعتبرت هيئة حقوقية وطنية أن حجم “الانتهاكات والمضايقات” التي يتعرض لها الأستاذ معطي منجب منذ أكثر من سبع سنوات، بلغ ذروته اليوم “بتوقيفه رسميًا من العمل كأستاذ في الجامعة في مطلع هذا الشهر” بعد منعه من السفر واستمرار حجز حسابه البنكي، ومنعه من بيع سيارته لمواجهة مصاريف الحياة.
“الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرّية التعبير بالمغرب” في ندوة صحافية لها اليوم، الخميس 9 مارس 2023، التي حضرتها وجوه حقوقية وطنية بارزة، وعدد من وسائل الإعلام؛ وصفت ما يتعرض له منجب بـ “الاضطهاد السياسي” الذي بدأ عام 2015.
وذكرت الهيئة في تصريحها الصحافي أثناء الندوة بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنه بالتوازي مع انطلاق محاكمته بتهمة “تهديد الأمن الداخلي للدولة” وخوضه إضرابًا طويلًا عن الطعام دام 24 يومًا، مُنِعَ عمليًا من التدريس في الجامعة ليضطر إلى التفرغ للبحث في ميدانه الأكاديمي والكتابة بشكل منتظم في الصحافة. وقد منعت أغلب المحاضرات الأكاديمية التي يُدعى لإلقائها في مختلف جامعات المغرب منذ تلك الفترة، كما منعت عدة ندوات جامعية بما فيها تلك الدولية يومين أو ثلاث قبل افتتاحها.
وأشارت الهيئة ذاتها إلى أن هذه المضايقات تزامنت مع “الهجوم الدوري لإعلام التشهير المقرب من السلطة على منجب”، وقد أحصت لجنة التضامن معه مئات المقالات الموجهة ضده كل سنة، فضلا عن “الحملات التي يشنها الذباب الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي الموجه من لدن السلطة لمحاولة تشويه صورته لدى الرأي العام والضغط عليه من أجل إسكاته وكبح نشاطه الحقوقي”.
وفي أكتوبر 2019؛ تقول الهيئة؛ أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يبرهن تقنيًا على اختراق هاتف منجب عبر برمجية “بيغاسوس” التي تنتجها شركة NSO الإسرائيلية، وكان ذلك أول اختراق ببرمجية “بيغاسوس” الخبيثة مبرهن عليه بشمال إفريقيا.
وتابعت الهيئة: “وبعد حضوره لكل جلسات المحاكمة المتعلقة بتهمة “تهديد الأمن الداخلي للدولة” وتهم أخرى خطيرة رفقة ستة صحفيين ونشطاء حقوقيين، والتي بلغت 22 جلسة خلال خمس السنوات الأولى أي حتى سنة 2020، وهي كما يعرف الجميع لم تبدأ أبدًا، بل كانت تستمر كل جلسة دقائق معدودات ليُقرَّر تأجيلها بثلاثة أشهر”.
واسترسلت هيئة مساندة معتقلي الرأي موضحة أن الأستاذ منجب “اعتقل بشكل مفاجئ وتعسفي، وخارج مقتضيات القانون والدستور، من الشارع العام يوم 29 دجنبر 2020، حيث كان جالسًا بمطعم لتناول الغداء بوسط الرباط”، وقد سَبَق هذا الاعتقال نشر بعض المواقع الإلكترونية المقربة من السلطة، والمعروفة بعملها التشهيري، تهديدات وتلميحات صريحة باعتقاله، “وهو ما حدث بالفعل. بل إن التهمة الجديدة المفبركة التي اعتقل من أجلها كان قد ذكرها موقع” معروف “حتى قبل صدور قرار البحث التمهيدي الذي يقضي بالبحث مع منجب في هذه التهمة الجديدة”.
حُرِمَ الدكتور منجب من حقه في محاكمة عادلة بعد أن حُكم عليه ابتدائيا بسنة حبسًا نافذًا رفقة صحفيين آخرين، في محاكمة لم يتسن له فيها الدفاع عن نفسه، بعد أن تم تغييبه عنها قسرًا، لكونه مسجونًا، ودون استدعائه أو إخبار دفاعه بالجلسات السرية، وذلك في خرق سافر لمعايير المحاكمة العادلة وللدستور والقانون تقول الهيئة في تقريرها. وتوضح أنه لما غادر السجن بعد ضغط وطني ودولي عقب دخوله في إضراب ثانٍ عن الطعام دام 20 يومًا، اكتشف أنه لا يزال ممنوعا من السفر منذ خريف 2020 بدون أيِّ مبرر قانوني يُذكر.
وجدّدت “الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حريَّة التعبير بالمغرب” دعوتها إلى السلطات المغربية من أجل وقف مسلسل الاضطهاد السياسي الذي يتعرض له منجب وإسقاط كلّ التهم الموجهة ضده وضد النشطاء الستة، وتجدّد أيضًا مطالبتها بفتح تحقيق في كلّ الانتهاكات القانونية والمسطرية التي طالت هذه القضية.