هيئات مجتمعية عديدة تستنكر فرض إجبارية التلقيح الذي أقرته الحكومة

Cover Image for هيئات مجتمعية عديدة تستنكر فرض إجبارية التلقيح الذي أقرته الحكومة
نشر بتاريخ

أثار قرار الحكومة المغربية، الصادر بتاريخ 18 أكتوبر، القاضي بفرض إجبارية التلقيح واعتماد جواز التلقيح وثيقة رسمية وحيدة للولوج إلى مختلف المؤسسات، سخطا عارما لدى فئات واسعة من الشعب المغربي، حيث خرجت الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية والجمعوية ببيانات الشجب والاستنكار للقرار الذي وصفوه بأنه تعسفي بل ويتنافى مع المساطر الدستورية والقانونية.

فاقد للمشروعية

وهكذا اعتبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن قرار فرض جواز التلقيح على عموم المغاربة يعد “إجراء فاقدا للمشروعية”.

العصبة، وعبر بيان مكتبها المركزي الصادر يوم السبت 23 أكتوبر، رأت أن القرار يعاكس مجموعة من الحقوق المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور، والمادة 3  من مرسوم بقانون رقم 02.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والتي تؤكد على أن التدابير المتخذة من قبل الحكومة لا يجب أن تحول دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين، كما أن هذا القرار بالإضافة إلى تقييده لعدد من الحقوق.

وطالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتوقيف هذا القرار ليتمتع المواطنون بحقوقهم كاملة .

خارج عن قواعد القانون ومبادئ الحرية

وهكذا طالبت الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان في بيان لها بالمناسبة بـ“التراجع عن هذا القرار الخارج عن قواعد القانون ومبادئ الحرية، والمجانب لمقتضيات المواثيق والعهود الدولية، بما فيها منظمة الصحة العالمية التي حذرت الحكومات من فرض التلقيح والجواز الصحي على مواطنيها واعتماد مبدأ الإقناع والاختيار”.

ونبه البيان ذاته إلى خطورة تداعيات هذا القرار الذي وصفه بـ “المفاجئ” وما قد ينتج عنه من إشكالات قانونية وأزمات اجتماعية واقتصادية، وانتكاسات حقوقية، “أمام عدم شرعيته ومشروعيته من جهة، وكذا غياب آليات نظامية واضحة لتنزيله من جهة أخرى”.

وذهبت الهيئة الحقوقية إلى أن هذا القرار “يؤكد تبني الحكومة الجديدة لنفس المقاربة القائمة على استغلال حالة الطوارئ الصحية لانتهاك مزيد من الحقوق والحريات وتكريس السلطوية، بحجة حفظ الأمن وتطبيق القوانين على حساب المبادئ والقيم والحقوق”.

ضرب لحقوق المواطنة الكاملة

من جهتها اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن قرار الحكومة اعتماد ما سمي “بجواز التلقيح” وسيلة حصرية لولوج كل المرافق العامة والخاصة التي تهم وتؤمن السير العادي لحياة المواطنين والمواطنات، “يشكل خرقا سافرا لحقوق دستورية وكونية وعلى رأسها، الحق في حرمة الجسد، وضرب حرية التنقل والتجول وارتياد المرافق العامة والخاصة، وهو ما يعني ضربا لحقوق المواطنة الكاملة”.

وأوضح بيان الجمعية أن هذا القرار “غير دستوري وغير قانوني”، معتبرا أن تفادي الدولة إصداره في شكل قانون من خلال مرسوم، إنما هو “لعلمها بتناقضه مع اختيارية التلقيح التي تم التصريح والإعلان عنها سابقا، وحتى تظل بمنأى عن أي مساءلة قانونية أو قضائية محتملة”.

وشدد بيان الجمعية على ان أن تنفيذ هذا القرار “سيؤدي لا محالة ــ وخلافا لما تدعيه الحكومة بالحد من انتشار الفيروس ــ إلى الاكتظاظ بالمرافق الصحية الساهرة على التلقيح من أجل الإسراع بالحصول على “جواز التلقيح” مما سيساهم في نشر الفيروس على نطاق أوسع ويعرض صحة وحياة المواطنين والمواطنات للخطر”.

قرار تعسفي وتمييزي

المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم FNE اعتبر في بيان له أن قرار فرض جواز التلقيح “قرار تعسفي وتمييزي”، مردفا أنه غير مؤسس على سند قانوني ويتناقض مع الترويج لكون التلقيح اختياريا.

وأكد بيان الجامعة الوطنية أن فرض هذا الجواز هو “تضييق على الحقوق والحريات وخرق سافر للقوانين التي تضمن حرية التنقل وحق ارتياد المرافق العمومية للحصول على الوثائق الإدارية وتعطيل لمصالح المواطنات والمواطنين”، مضيفا أنه “ينمي الشعور بالإكراه لدى العديد من رافضات ورافضي التلقيح”.

وتساءل المكتب الوطني للجامعة في بيانه عن الكيفية التي ستتعامل بها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي مع نساء ورجال التعليم والتلميذات والتلاميذ والطالبات والطلبة والمتدربات والمتدربين.. غير الملقحات وغير الملقحين بسبب رفض التلقيح أو بسبب آخر، أمام خطر المنع من ولوج المؤسسات والإدارات التعليمية…؟ مضيفا بقوله “وما ذنب التلميذات والتلاميذ من قرار عدم التلقيح من طرف أمهات وأباء وأولياء أمرهن وأمرهم؟؟ إذن على الدولة أن تتكفل بهن وبهم!!”.

يكرس الفرقة والمشاحنات

أما الفدرالية الوطنية لجمعيات المقاهي والمطاعم بالمغرب، فقد استنكرت في بيانها “ما تم تداوله في المواقع الاجتماعية بفرض جواز التلقيح على مرتادي المقاهي والمطاعم من قبل المهنيين وهذا يتنافى مع اختصاصاتهم علما أن التلقيح اختياري وليس إجباري”.

واعتبرت فدرالية الجمعيات والمقاهي أن الوصول إلى المناعة الجماعية “لا يجب أن تكون على حساب المهنيين وأرزاقهم وعموم المواطنين”.

وعبر البيان عن الشجب والاستنكار لهذا القرار “المجحف” لأن فرض جواز التلقيح على مرتفقي المقاهي والمطاعم سيكرس للتفرقة والمشاحنات واستفزاز الزبائن من دون سند قانوني أو أخلاقي أو منطقي أو علمي، وهو ما سينعكس سلبا على قطاع حيوي “كان ينتظر الدعم والمواكبة لإخراجه من غرفة الإنعاش وليس الإجهاز على ما تبقى من جدرانه في وقت قل فيه الزبائن وقلت المردودية والمداخيل”.

فتج نقاش وطني حول اللقاح

المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان من جهته طالب الحكومة في بيان له بالتراجع عن هذا القرار “الذي يحد من حرية الرأي وعدم اقتناعه بجدوى التطعيم أو بأعراضه”. منبها من يهمهم الأمر إلى أن هذا القرار “يفتقر للمرونة والواقعية ويهدد بتداعيات خطيرة على الأنشطة الاقتصادية والخدماتية”.

وعبر المرصد في البيان، عن تضامنه مع جل المغاربة الرافضين للقاح، مطالبا الحكومة بـ“فتح نقاش وطني حر وشفاف حول اللقاح وتوضيح إيجابياته وسلبياته”.

وبالنظر إلى ارتجالية هذا القرار وافتقاره للواقعية وإمكانية التطبيق على أرض الواقع، وفق بيان المرصد، فإنه دعا الحكومة إلى “إرجاء هذا القرار إلى أجل يمكن لكافة القطاعات من تدبير إمكانية تنزيله”.

نطالب بالتراجع عنه

المكتب التنفيذي للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، وصف القرار في بيانه بأنه “متسرع وغير مدروس”، مطالبا الحكومة المغربية بالتراجع عنه، لأنه “يحرم جزءا مهما من المغاربة بمن فيهم خبراء وأكاديميين وأطباء من حقوقهم الدستورية لاقتناعهم بعدم جدوى اللقاح أو ضرره على صحتهم”.

وعبر بيان الرابطة عن تضامنه التام واللامشروط مع المغاربة الرافضين للقاح، داعيا الحكومة إلى فتح حوار علمي قانوني ديني، وبمشاركة كل وجهات النظر من أجل وضع سائر المواطنات والمواطنين حول النقاش العمومي في وسائل التواصل الاجتماعي عن الأضرار التي يلحقها اللقاح وعن عدم جدواه.

وطالبت “الرابطة المغربية” الحكومة بتمكين سائر المواطنات والمواطنين من الحق في المعلومة حول عدد الإصابات من الملقحين وعدد الحالات الحرجة والوفيات وعن حالات تزعم أصابتها بأضرار جسدية خطيرة. أو وفاتها نتيجة اللقاح.

تحميل الحكومة مسؤولية تبعات القرار

الكنفدرالية الديموقراطية للشغل من جانبها سجلت تنديدها بهذا القرار الحكومي “الذي يعد انتهاكا للحقوق والحريات وتجاوزا للمساطر القانونية وشططا في استعمال السلطة، والذي أربك السير العادي للمرافق العمومية وخلق ضغطا على المنظومة الصحية، وتوترات ونزاعات بين المواطنين والإدارات وبين الأجراء والمشغلين في القطاعين العام والخاص”.

ودعت الكنفدرالية الحكومة في بيانها إلى “اعتماد مقاربة تواصلية وتشاركية فعالة وفتح النقاش العمومي ومد المؤسسات الدستورية وكافة المواطنات والمواطنين بالمعطيات العلمية التي تتأسس عليها مختلف القرارات”.

وحذر البيان ذاته من “أي استغلال لهذا القرار للمس بحقوق الأجراء في القطاعين العام والخاص وافتعال نزاعات اجتماعية جديدة بدل معالجة آثار الجانحة وتداعياتها على الطبقة العاملة وعموم الأجراء، ويحمل الحكومة مسؤولية تبعات هذا القرار”.

القرار مخالف للدستور

وبنى المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الانسان رفضه لقرار الحكومة في فرض إجبارية التلقيح على أن القطاعات الاقتصادية والاجتماعية “تجد نفسها متضررة من هذا القرار بدل أن يساهم في تخفيف الأضرار التي تكابدها”.

واعتبر المركز في بيان له في الموضوع أن قرار فرض حواز التلقيح للولوج إلى المؤسسات والمرافق الحيوية “قرار مخالف للدستور ولمبادئ حقوق الإنسان”.

وشدد على أن الحكومة يتعين عليها الاستمرار في حملة التلقيح، إلى حين بلوغ نسبة 70 – 80 بالمائة، “حيث يقر العلماء بأن هذه النسبة كافية لتحقيق التعايش مع الفيروس ومتحوراته، دون الولوج إلى إجراءات تعسفية تنطوي على الشطط”.

الطلبة والتلاميذ أكبر المتضررين

وأوضح بيان للكتابة الوطنية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المعروفة اختصارا بـ “أوطم” أن حجم الضرر الذي سيخلفه هذا القرار سيكون شديدا، “لكن بالتأكيد سيكون أكثر شدة على فئتي الطلاب والتلاميذ الذين سيستمر حرمانهم من التعليم عن سبق إصرار وترصد، بعد أن حرمهم التعليم عن بعد الارتجالي من مواكبة المحاضرات والدروس لموسمين تعليميين متواليين”.

 وتساءل بيان الاتحاد عن مدى وعي الدولة بخطورة هذا القرار الذي سيفاقم الأزمة، مضيفا “وهل تدرك مآلاته الكارثية على السير الدراسي العادي لعدد هائل من الطلاب والتلاميذ؟” مستنكرا منع الطلاب من ولوج مؤسساتهم في جامعة محمد الخامس وكلية الحقوق -عين السبع- بجامعة الحسن الثاني، وداعيا العمادات ورئاسات الجامعات إلى “الانتباه لخطورة وتداعيات مثل هذه السلوكات الخارجة عن نطاق القانون، التي ستؤثر سلبا على السير الدراسي الطبيعي لكثير من الطلاب”.

واعتبرت “أوطم” أن إدراج هذه الحيثية المجتمعية ضمن من يشملهم القرار، وعدم الاكتراث لخصوصيتها وحجم الضرر الذي سيلحقها، “يؤكد بما لا يدع مجالا الشك أن ورش التعليم بكل مستوياته خارج حسابات الدولة”. معبرة عن رفضها المطلق لهذا القرار “العبثي” الذي يستهدف الحقوق والحريات العامة والخاصة، “ويكرس منطق الترهيب عوض منطق التواصل والحوار، ويشجع على تنامي ظاهرة الرشوة واستغلال المرتفقين…”