ندوة “مراجعة مدونة الأسرة السياق والقضايا والمآلات” تجمع قيادات إسلامية

Cover Image for ندوة “مراجعة مدونة الأسرة السياق والقضايا والمآلات” تجمع قيادات إسلامية
نشر بتاريخ

تحت عنوان “مراجعة مدونة الأسرة السياق والقضايا والمآلات” نظمت حركة التوحيد والإصلاح ندوة حوارية مساء السبت 10 فبراير 2024، أدارها الرئيس السابق للحركة الأستاذ عبد الرحيم شيخي، وشارك فيها كل من الأساتذة:

رشيد العدوني؛ نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح ورئيس لجنة مراجعة مدونة الأسرة بها.

عبد العالي المسئول؛ عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ورئيس اللجنة المشتركة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة بها.

بثينة قروري؛ رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية.

نبيل صبحي؛ عضو المكتب التنفيذي للحركة من أجل الأمة.

حسن الكتاني؛ رئيس رابطة علماء المغرب العربي.

الندوة تغيت، حسب مديرها، “مناقشة عدد من القضايا المتعلقة بمراجعة المدونة، وبسط نقاط الخلاف فيها، وبحث سبل تجاوزها، واقتراح أفضل الحلول للإشكالات المطروحة والاختلالات المسجلة، بما يعود بالنفع والاستقرار والطمأنينة لهذا الصرح الأسري الذي يبنى عليه المجتمع والدولة والأمة”.

في قراءة السياق العام لمراجعة مدونة الأسرة المغربية أوضح الأستاذ العدوني أنه “يمكن القول أننا أمام قراءات عديدة للمؤشرات التي تؤطر هذا السياق، منها ما يركز أننا أمام نص امتد لعشرين سنة، وهي كمدة كافية لتقييم أثر هذا النص القانوني والبحث في اختلالاته والإشكالات التي أبان عنها أثناء تطبيقه، ومحاولة معالجتها”، ومنها “أننا عرضة لضغوط خارجية تريد فرض نموذج معين للأسرة وتضغط من أجل مراجعة التشريعات وصياغتها على نمط معين”، وأيضا أن “الأسرة اليوم أصبحت موضوع تدافع حقيقي”، معتبرا أن هناك “صحوة إنسانية موجودة في كثير من دول العالم تدافع عن الأسرة بعدما آل النموذج الغربي العلماني إلى الفشل وإلى توترات اجتماعية وثقافية وقيمية”.

ودائما فيما يخص السياق أكد الأستاذ صبحي أن “المنهج الإسلامي يتعامل مع تجديد المعطيات” وأن “الاجتهاد لا يمكن أن ينقطع، فكلما تجددت الأحوال وتجددت الظروف إلا ويحتاج المسلمون انطلاقا من الناس المؤهلين لذلك أن يباشروا عملية الاجتهاد وربط الواقع بالمنظور الإسلامي في كل تفاصيله”. وبالنسبة له التعديل يرتبط بسياقين: “سياق عالمي؛ وهو سياق ضاغط وله صدى في الواقع، وهناك السياق المحلي والوطني”، السياق الدولي يتميز “بالتغول النسوي، وهو تيار شمولي يحاول أن يتغلغل في كل شيء، ليس له امتدادات على مستوى المجتمع لكنه يتحكم في مواقع القرار، والذي أصبح يؤسس لثقافة الحضارة الغربية في منظورها الحديث، والذي وضع يده وكل قراراته في يد الأقليات الجنسية..”، مما يتميز به، يضيف المتحدث “أنه يتحكم في الإعلام ولغة السياسة، ويسعى إلى تغيير القوانين والأعراف وتبديل العلاقات التقليدية داخل الأسرة.. له صداه في المغرب حيث إن مجموعة من التيارات النسوية كأنها عبارة عن وكالات تتحدث في هذا الجانب وتسعى إلى التكتل وتغيير نظام الأسرة”.

على المستوى المحلي، “يمكن أن نتحدث عن سياقات موضوعية من بينها الممارسات القضائية، والتي تبين إشكالات سواء على مستوى النصوص المنظمة أو في الأشكال التطبيقية”، وهناك أيضا “مجموعة من التوصيات لمجموعة من الهيئات، مثل تقرير النموذج التنموي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كذلك في الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في إحدى ندواته أعطى توصيات حول تعديل مجموعة من الأمور المتعلقة بالمدونة، وأيضا الخطة الوطنية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية”.

واستحضر صبحي مع ما نعيشه وطنيا من الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة ليتساءل: هل مدخل تغيير القوانين وضبطها سيفضي إلى النتائج المرجوة؟

الأستاذة قروري عدت نقاش المرجعية نقاشا أساسيا كونه “جوهر الاختلاف بين مختلف المقترحات الموجودة في الساحة، بين من يجعل المرجعية الإسلامية ذات الأولية أو هي الأولوية الوحيدة والمطلقة، وهناك من يجعل المرجعية المدنية أو مرجعية الاتفاقيات الدولية الأساس الذي ينبغي أن تستلهم منه مدونة الأسرة مقتضياتها”. وميزت المتحدثة بين أمرين ضرورين؛ القصد من المرجعيتين الإسلامية والكونية، ذلك أن “الخلفية الفلسفية والفكرية مهمة جدا للتوضيح والفهم”، مبرزة بخصوص الأولى أن الله سبحانه وتعالى في عدد من المواضيع السياسية.. فتح الباب للاجتهاد بشكل واسع “لكن نلاحظ أن عددا من الآيات القرآنية فصلت في كل ما يتعلق بالأسرة تفصيلا دقيقا” وهذا يدل أنها “من القطعيات التي لا ينبغي المساس بها”، وهناك “جزء كبير هو من المتغيرات” هو مناط لاجتهاد العلماء والأخذ بعين الاعتبار تحولات المجتمع، تقول المتحدثة وتضيف: “في المنظومة الإسلامية كل ما يتعلق بالأسرة مرتبط بالنظام العام”. وفيما يخص من يستند على المرجعيات الدولية “هناك خلفية ثقافية معينة حاكمة وناظمة، وهي خلفية متأثرة بالغرب، لذلك نجد أن الغرب في مجال الأسرة بعد مساره التاريخي والسياسي، وصل إلى ما يسمى بالقانون المدني، أي أن كل ما يتعلق بالعلاقات الشخصية بين الأفراد ينظمها الأفراد”.

في نفس القضية قال الأستاذ المسئول أننا يمكن أن نتفق مع المواثيق الدولية بخاصة “فيما يتعلق بالمشترك الإنساني بين الناس، لكن حينما تتدخل في خصوصيات الدول وهويات الناس، فهذا أمر فيه ما فيه”، ونوه إلى أننا كدولة إسلامية نمتلك مرجعية هي المرجعية الإسلامية، التي نقصد منها “الرجوع إلى كتاب الله وإلى ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسُن، وإلى الاجتهاد المبني على قواعد الشريعة، وفي الوقت ذاته لا نستبعد الحكمة البشرية، بل ينبغي أن نعمل بها وأن نأخذ بها، وأن نستبعد ما شذ من فقه عند علمائنا رحمهم الله، لأن عددا من الناس يظنون أن ما في كتب الفقه كله خير وصالح للأمة”، مشددا على أن “فقهنا فيه ما ينبغي انتخاله، وفيه عدد من الآراء هي غير صالحة لوقتنا ولا لأسرنا”، وأن “المواثيق الدولية ينبغي أن تحترم خصوصيتنا، خاصة وأنها انطلقت الآن في القضاء على التمييز بين المرأة والرجل في الجنس والدين، وستنتقل إلى مرحلة الحديث على المثلية”، لذلك يجب أن “نفكر في موضوع الأسرة بعيدا عن هذه الضغوطات الدولية، فنحن مع المواثيق الدولية ما لم تخالف نصا قطعيا من شرع الله سبحانه وتعالى وما لم تخالف الفطرة الإنسانية”.

الأستاذ الكتاني بسط رؤية رابطة علماء المغرب العربي فرع المغرب بالخصوص التي تقول بأن المطالب بهذه التغييرات هي حلقة من حلقات المطالبات الدائمة للتيارات العلمانية والحداثية “وذلك ناتج عن الاحتلال الأجنبي للمغرب، فبمجرد أن وطئت أقدام العدو الأجنبي الفرنسي والإسباني المغرب عطلت الحدود الشرعية”.

في بداية فجر الاستقلال كانت هناك آراء لتعديل بعض المواد، وكان ذلك كله داخل الفقه الإسلامي، والقائمون عليه كانوا من كبار علماء المغرب، يقول الكتاني ويضيف: “لكن في كل مرة كان التيار الحداثي العلماني يتقوى شيئا فشيئا يضع على الطاولة مطالب كانت في الغالب لا تقبل لأن المجتمع لم يكن يتقبلها بحال من الأحوال، لكنه في التعديلات الأخيرة استطاع أن يقحم العديد من الأمور التي كان العلماء وخاصة رجال ووجوه الحركة الإسلامية غير راضين عنها، خاصة في المسيرة الكبرى التي حدثت قبل حوالي 20 سنة”. إلا أنه بعد تفجيرات 16 ماي، يسترسل الكتاني “مُررت الكثير من الأمور استغلالا للجو الذي أرهب فيه أهل الدين، وفرضت مسائل سكت الناس عنها اضطرارا”، ليخلص إلى أنه “الآن؛ الذي يراد تغييره أكبر مما غير” منبها إلى أن “نتيجة التغييرات السابقة كانت فجة؛ اتساع الطلاق وانهيارات في الأسرة..”.

بناء على ذلك يرى الكتاني أننا “لدينا مذهب استطاع أن ينظم حياتنا لمدة أكثر من ألف عام، مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهو من أوسع المذاهب وأغناها في الأصول والقواعد وفي مسائل النوازل”، وما نحتاجه نحن داخل المجتمع الإسلامي “بصرف النظر عن الضغوطات الدولية وما تريده التيارات العلمانية، أن يكون لدينا قضاة علماء ومتدربون يستطيعون أن يستخرجوا من تلك الموسوعات الضخمة أحكاما تتناسب وتتواكب مع العصر”.

الندوة تطرقت إلى محاور أخرى، نضعها بين أيدي القراء للاطلاع: