مِنْ وَحْيِ لَيْلَتِهِ الْغَرَّاءِ صَارَ فَمِي
يَهْمِي بِشِعْرٍ عَلَى الْقِرْطَاسِ مُنْسَجِمِ
نَهْرٌ مِنَ الحُبِّ رَقْرَاقٌّ بِأَخْيِلَتِي
يُمِدُّني بجَمِيلِ الحرْفِ وَالْكَلِمِ
وَعَنْدَلِيبُ الرُّؤَى يُزْجِي بَدَائِعَهُ
تحكِي السَّعَادَةَ.. تَتْلُو رَائِعَ النَّغَمِ
آوَتْ إِلَى دِفْءِ أَبْيَاتي نَسَائِمُهُ
فَاخْضَوْضَرَتْ زَهَرَاتُ الفِكْرِ بالنَّسَمِ
آوَتْ إِليَّ حمَامَاتُ الهوَى فَإِذَا
بِرِيشِهَا وَدَّ لَوْ صَيَّرْتُهُ قَلَمِي
كَيْمَا أُحَبِّرَ أَشْعَارِي بِرَوْعَتِهِ
تَحْبِيرَ ممْتَدِحٍ بِاللهِ مُعْتَصِمِ
يَا رِقَّةَ اللَّفْظِ يَا حُسْنَ الْبَدِيعِ وَيَا
غَضَّ البَيَانِ.. حِمَايَ اليومَ فَالْتَزِمِي
فَلَسْتُ أَطْلُبُ مجْداً غَيْرَ مُعْتَبَرٍ
وَلَسْتُ أَمْدَحُ إِلاَّ سَيِّدَ الْأُمَمِ
لَوْلاَهُ ما طاب لي حرْفٌ وَلا ائتلفت
لَكِ المعَاني وَهَزَّتْ مهْجَةَ الْعَجَمِ
أخْلَصْتُ لله قَوْلي وَاسْتَعَنْتُ بِهِ
فَبَاركَ اللهُ مَا دَبَّجْتُ مِن حِكَمِ
…………….
يَا لَيْلَةً بِبِشَارَاتِ الْهُدَى شَرُفَتْ
وَخَصَّهَا اللهُ في التَّارِيخِ بِالكَرَمِ
نَعِمْتِ مِنْ لَيْلَةٍ غَنَّتْ فَضَائِلَهَا
مَوَاكِبُ الجِنِّ قَبْلَ الْإِنْسِ وَالنَّعَمِ
طَلَعْتِ بِالموْلِدِ الْوَضَّاءِ فَابْتَهَجَتْ
بِهِ الحياةُ وحَلَّ البؤسُ بالصَّنَمِ
نجُومُكِ الزُّهْرُ فَرْحَى وَهْيَ سَابحَةٌ
فِي بحْرِ نُورِكِ تُهْدِي النُّورَ لِلْقِمَمِ
يَا مَوْلِداً رَدَّ لِلْأَيَّامِ نَشْوَتَهَا
وَصَدَّ بِالْهَدْيِ عَنْهَا سَطْوَةَ النِّقَمِ
مَا إِنْ تَبدَّى بِنُورِ اللهِ مُلْتَحِفاً
حتى تَدَاعَى إوانُ الْحَاكِمِ الظلِمِ
وشَنَّتِ الرِّيحُ حَرْباً أَطْفَأَتْ لَهَباً
لم يَنْطَفِئْ لِرِيَاحٍ قَبْلُ أو عَرِمِ
مَاذَا دَهَى الظُّلْمَ؟ أَعْلاَمٌ لَهُ انْتَكَسَتْ
وأَهْلُهُ في ذُهُولٍ غَيْرِ مُقْتَحَمِ
وَزَفْرَةٌ سُمِعَتْ في الْأُفْقِ عَالِيَةٌ
لجِنَّةِ اللاَّتِ وَالْعُزَّى عَلَى الْأَجَمِ
لِمِثْلِ أَحْمَدَ تُبْدِي الْأَرْضُ زِينَتَهَا
ويَرْقُصُ الزَّهْرُ فَوَّاحاً عَلَى الْأَكَمِ
…………….
يَا مَكَّةَ الخيْرِ جُودِي مِنْ أَمَانَتِهِ
عَلَى قُرَانَا ..عَلَيْنَا جُودَ مغتَنِمِ
وَنَبِّئِينَا عَنِ الْأَحْدَاثِ مُعْجِزَةً
وعَنْ صِفَاتِ نبي اللهِ والشِّيَمِ
قَالَتْ :هُوَ الْبَدْرُ، فَرْدٌ فِي جَلاَلَتِهِ
نَبْعُ المحَاسِنِ، خَيْرُ النَّاسِ كُلِّهِمِ
شَمْسُ الْفَضَائِلِ، بحْرٌ في مَكَارِمِهِ
دَاعٍ إِلَى اللهِ فِي صَبْرٍ وَفِي سَلَمِ
هَادٍ إِلى الْخَيْرِ عَنْ عِلْمٍ عَلَى أمَلٍ
سَاعٍ إِلى جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ فِي شمَمِ
مُكَرَّمٌ في ثَنَايَا الآيِ مُنْفَرِدٌ
بِتَاجِ رَبِّ الْوَرَى فِي سُورَةِ القَلَمِ
مُحَمَّدٌ سَيِّدُ الدَّارَيْنِ زِينَتُهَا
فَخْرُ الْمُحِبِّينَ يَوْمَ الْحَشْرِ وَالنَّدَمِ
فِإِنْ تَسَلْ عَنْ عَبِيرِ الْمِسْكِ أَطْيَبِهِ
فَمِسْكُ أَحْمَدَ عَرْفٌ غَيْرُ مُنْعَدِمِ
وَإِنْ تَسَلْ عَنْ جَمِيلِ الْقَوْلِ أَرْوَعِهِ
فَقَوْلُ أَحْمَدَ رَوْحُ اللهِ وَالْقِيَمِ
وَإِنْ تَسَلْ عَنْ سُيُوفِ الهِنْدِ مُرْسَلَةً
فَسَيْفُ أَحْمَدَ مَسْلُولٌ عَلَى الظُّلَمِ
……………..
لِيَثْرِبَ الخيْرِ أُهْدِي أَلْفَ رَائِعَةٍ
مِنَ التَّحَايَاى..سَلاَماً أبْيَضَ العَلَمِ
أَزُفُّهَا عَبْرَ أَنْسَامِ الصَّبَا أَرَجاً
إِلى حَبِيبِي رَسُولِ اللهِ رُوحِ دَمِي
لاَ حُبَّ يُتْلِفُ أَحْزَانِي وَيُذْهِبُهَا
إِلاَّ هَوَاكَ –حَبِيبِي- بَلْسَمُ السَأَمِ
فِدَاكَ.. رُوحِيَ.. عُمْرِي لَسْتُ مُتَّبِعاً
إِنْ لم أُحِبَّكَ حُبّاً غَيْرَ مُتَّهَمِ
دَمْعِي إِذَا بُحْتُ بِالْأَشْوَاقِ مُنْهَمِرٌ
وَجْداً يَخُطُّ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِالْأَلَمِ
لَكِنَّهُ ألَمُ الْعِرْفَانِ.. حُزْنُ رِضاً
مُسْتَعْذَبُ الجُرْحِ في أعْمَاقِ مُنْقَسِمِ
نِصْفٌ هُنَا فِي رِبَاطِ الْخَيْرِ مغْتَرِبٌ
وآخَرٌ فِي بِلاَدِ الشَّرْقِ لَمْ يَنَمِ
وَجْدٌ وَمَا الْوَجْدُ إلاَّ جَمْرُ مُلْتَهِبٍ
في الصَّدْرِ مُنْسَكِبٍ في الْعَيْنِ مُضْطَرِمِ
سُقِيتُ مِنْ كَأْسِهِ مَا لَذَّ في خَلَدِي
وراحَ يُفْصِحُ عَنْ سِرِّي وَمُكْتَتمي
هِيَ الْمَحَبَّةُ لاَ قولٌ نُزَخْرِفُهُ
عَلَى الصَّحائِفِ.. فاسْتَيْقِنْ وَلاَ تهِمِ
مَا إِنْ أطُفْ بكِ يا جَنَّاتِ سُنَّتِهِ
حَتَّى أُقَلدَ رَيْحَاناً مِنَ الحِكَمِ
…………….
يا قرة الْعَيْنِ.. مَا لِي مَنْ أُسَائِلُهُ
غَيْثَ الشَّفَاعَةِ يومَ الرُّعْبِ والنِّقَمِ
إِلاَّكَ “فَاشْفَعْ تُشَفَّعْ”، كُلُّ مُمْتَدِحٍ
يَرْجُو نَدَاكَ بِهَذَا الْيَوْمِ فَاعْتَزِمِ
هَذِي قَصِيدَةٌ صَبٍّ وَامِقٍ وَلِهٍ
عَطْشَى إلى نَظْرَةٍ مَبْرُورَةِ الْقَسَمِ
عَلَيْكَ مِنِّي صَلاَةُ اللهِ خَالِصَةٌ
مَحْفُوفَةٌ بِسَلاَمِ اللهِ مُذْ قِدَمِ
مَا دَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّبْعُ الطِّبَاقُ وَمَا
حَجَّ الْحَجِيجُ زَرَافَاتٍ إِلَى الْحَرَمِ