من عنف الشوارع إلى عنف المدارس

Cover Image for من عنف الشوارع إلى عنف المدارس
نشر بتاريخ

إن ما يقع في المدرسة المغربية من سلوكات منحرفة (قبلة مكناس…)، تتطور في بعض الأحيان إلى الإجرام وتتحول العلاقة التربوية المقدسة إلى التشنج، كالذي وقع أمس في ورزازات: “أستاذ يضرب ويسحل من طرف تلميذ في فضاء القسم وحصة الدرس”!

كيفما كانت نتائج التحقيقات، تبقى تلك الصور بشعة مهينة ومسيئة للأسرة التعليمية (الأستاذ والتلميذ) تستدعي وقفة تأمل عميق لتصحيح وضع كارثي ينذر بإفلاس التعليم.

إفلاس التعليم بالمغرب لا يحتاج لتقارير المراقبين الدوليين ولا إلى أرقام ومؤشرات البنك الدولي التي ترتب التعليم المغربي أسفل السلم العالمي، كما لا تحتاج إلى تقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي يمتص الأموال الطائلة بدون جدوى، ليضع برنامجا استعجاليا فاشلا أو يخطط لاستراتيجية التعليم لعام 2030!

كيف يمكن أن يصبح التعليم غدا قاطرة للتنمية وهو يعيش اليوم أبشع صوره؟

كيف يمكن أن يمتلك جسم الأسرة التعليمية قوة وهو يعاني اليوم من أخطر الأمراض الفتاكة؛ ألا وهي ترهل منظومة القيم، التي جعلها مهندسو استراتيجيات الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا هدفا، بل هاجموا منظومة قيم الدول العربية والإسلامية بلسان عربي فصيح.

كيف يمكن أن يمتلك شبابنا قوة اقتراحية وهو مسلوب الإرادة الاقتحامية في مدرسة أصبحت بدورها مرتعا للرعب ووكرا للفساد؟

 كيف يمكن لأستاذ أن يسترجع مكانته العلمية وهيبته الاجتماعية وهو يعيش اليوم في الفقر والمرض والتهميش، لا إطارات نقابية توعيه، ولا فضاءات جمعوية تنمي قدراته، ولا جامعات أو معاهد تحتضنه… لا يكاد يؤدي وظيفته، ويحضر حصصه مخافة الاقتطاعات، ويحابي تلامذته مخافة اللكمات …

صور مؤلمة تعكس بجلاء فقدان البوصلة في المدرسة المغربية. انقلبت الصورة التي كاد فيها المعلم أن يصبح رسولا إلى صورة أصبح فيها الأستاذ شيطانا رجيما، وتحول التلميذ فيها من متعلم نشيط إلى وحش مفترس لا يدرك ما يفعل من سلوك مضطرب، أنهكت جسده المخدرات وأتلفت حواسه وعواطفه مشاهد الرعب والفساد…

وأمام هذا الوضع الكارثي، تقف وزارتنا الوصية مكتوفة الأيدي، وتقتصر، إن بادرت، على إصدار المذكرات الزجرية أو تبني الحلول الترقيعية بطلاء الجدران بالصباغة وارتداء الوزرة البيضاء… في حين أصبح جسم المؤسسة بدون روح، والعلاقة التربوية بدون معنى: الأستاذ فيها عبد حوالة وليس صاحب رسالة والتلميذ عبد نزوات وليس صاحب عزمات!!!

 لك الله يا وطني؛ أضحت أرضك مسرح الجرائم الكبرى والصغرى… الضحية فيه الجاني والمجني عليه معا. وأصبحت طفولتك مغتصبة وعرضك منتهكا ومالك منهوبا… وإنسانك مهانا…

عنف ورعب وهلع انتقل من الشوارع والملاعب إلى الفضاءات المقدسة: البيوت والمدارس.