من الجماعة إلى مجتمع العدل والإحسان

Cover Image for من الجماعة إلى مجتمع العدل والإحسان
نشر بتاريخ

استهلال

يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين قدس الله سره في أعلى عليين: ندخل العصر طوعا وكرها. نحن في ذاك المدخـل إمّا مادة يستهلكها التاريخ، وإما ذات لها في الوجود حيثية وبين بني الإنسان معنى، فهي تصنع التاريخ. ننزع عنا لباس الإسلام ونطرحه كما تطرح التقاليد المخجلة، أو نرفع لواء الإسلام لنعتز بعزته بعد أن ذَلِلْنَا للأمم لما كسرنا عِصامه وطوَينا خافِقه) 1 .

أسئلة تأسيسية بنائية

1. أين الشعوب؟ لماذا لا تتحرك؟

2. في أي مرحلة نحن الآن؟

3. ما المقصود بهذا الانتقال/المشروع؟ هل هو انتقال نظري أم انتقال عملي؟

4. قل لي كيف أسير، عمليا وعينيا ويوميا، على المنهاج النبوي؟ كيف تسير الجماعة، حزب الله، لتجتمع رحمة الإيمان وحكمة العقل فتكون الطاقة الدافعة والخبرة الإنجازية الكفيل اجتماعهما بتأهيلنا لاقتحام العقبة. اقتحام وعقبة. عمل إرادي وغلاب إنجازي؟

5. ما هي الشروط المؤهلة؟

6. ما الأصول والقواعد المواكبة لهذا الانتقال/المشروع؟

7. ما هي المفاتيح لتحقيق المشروع؟

8. قل لي كيف نتأهل، كيف نتدرب عمليا من الآن، لكي ندبر المعاملات الاقتصادية ونديرها، ونقود سياسة الدولة الإسلامية بحكمة، وننشر العدل، ونصنع البلاد، ونقسم الثروة، ونغير كل الأوضاع تغييرا يوافق ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وما فعله محمد صلى الله عليه وسلم؟

9. أي دروس مستفادة من الثورة المصرية؟

الشروط المؤهلة

10. واقع عالمي جديد يتسم بصدارة المشروع الإسلامي على جميع الواجهات (الحكم والمعارضة).

11. إقبال متزايد على المشروع الإسلامي في مقابل تراجع مشاريع أخرى في الساحة.

12. سقوط نظرية “التغيير غير ممكن في ظل أنظمة شمولية” (مصر وتونس وليبيا).

13. هامش الوعي الشعبي مقارنة مع مرحلة ما قبل الحراك الشعبي 20 فبراير (الاحتجاجات النوعية وآخرها الاحتجاج على العفو الملكي على دانيال الإسباني).

14. انحسار دور المخزن (الارتباك والحذر وقد ظهر ذلك بشكل جلي في الخطاب الملكي الأخير لذكرى “ثورة الملك والشعب” والذي حاول فيه الملك مخاطبة ود الشعب عبر لغة شعبية).

15. الاحتقان الشعبي المتنامي يواكبه فقدان الثقة في كل ما هو رسمي (أحداث سيدي يوسف بمراكش وأحداث طنجة وإفني و…).

16. فشل خطط المخزن (حرق واستنفاذ كل الأوراق السياسية: البيجدي و…).

17. موقف وموقع الجماعة.

تذكير: أصول وقواعد

أ) قواعد

– القاعدة الأولى: الثقة واليقين بالله

فإن كانت ثقتك أنت بالله عز وجل وصدقك معه، وتصديقك لموعوده حافز تحركك كان مما يؤيدك الله به في قومتك من يؤلفهم حولك من المؤمنين والمسلمين. من يؤلف قلوبهم بالإيمان. هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم (سورة الأنفال، الآيتان: 62-63).

اليقين = الموعود = قدر الله

– القاعدة الثانية: ضرورة المنهاج

ليست العبرة أن نلتمس أقصر طريق للحكم الإسلامي، ولا أن نلتمس أضمن الوسائل رأي العين، فكل طريق غير المنهاج النبوي، وهو السنة، وكل وسيلة لا يقبلها الشرع أمور مرفوضة.

الفهم العميق = المفاتيح = الآليات = المرتكزات. (الاستيعاب للبناء: بناء التصور والهياكل والقيادات المستوعبة والحاملة للمشروع).

– القاعدة الثالثة: الصبر على الأذى

الطباع الضيقة لا تتسع للهمة العلية ولا لجلائل الأعمال. وإنما تكون الرجال رجالا بسعة الصدر والحيلة، وارتفاع النظرة، وسمو الفكرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي سعيد: “ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر”.

أول الصبر القدرة على كظم الغيظ، وطرد الشيطان حين ينفخ في مناخير المرء يستحثه على الغضب للنفس. وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون.

(بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين) كما قال الإمام الفضيل.

– القاعدة الرابعة: الرحمة والحكمة

الرحمة قلبية، والحكمة عقلية راجعة في معرفة الأهداف والغاية إلى الوحي، آخذة بالتجربة التي تمكن الإنسان من ضبط حركة الكون والسيطرة على تفاعلاته ليتسنى له تطبيق الشرع.

ب) أصول

– الأصل الأول:

قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت: 33).

– الأصل الثاني:

قال تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران: 104).

– الأصل الثالث:

قال تعالى: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ (الجن: 22،23).

– الأصل الرابع:

عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أراد هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا” (رواه البخاري).

– الأصل الخامس:

عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يُستجاب لكم”.

إمامة المستضعفين

* الاقتحام (شروطه):

– السلوك: لا نفتأ نذكر بأن سلوك العبد إلى اللّه عز وجل، وما يطلبه السلوك الإيماني الإحساني من تربية، من ذكر، من ترقيق القلب بالمداومة على الذكر، هو معنى المنهاج واتجاهه وغايته.

– النداء والاستجابة: يتفاوت عباد الله من فرد لفرد في الاستعداد للترفي وفي خصال القلب والعقل، فيتفاوت سلوكهم. أما حزب الله المخاطب بالقرآن في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا افعلوا ولا تفعلوا فالمفروض أنه جماعة يتمثل فيها الإيمان الذي هو مناط التكليف بحمل الأمانة الجماعية.

* التأهيل والتدريب:

يقول الإمام المرشد قدس الله سره: تكبرون داخل الجماعة وتكبر عقولكم وتكبر قلوبكم إذا لم تتكبروا).

في الجماعة نبني أنفسنا تربية ونبني عقولنا خبرة ونبني هياكلنا قوة وصلابة وحسن أداء ونبني مشروعنا تصورا وممارسة حكيمة، ويكون ذلك متضمنا لما يأتي بل مضيفا إليه مقتنصا لكل حكمة شاردة أو واردة.

– التأهيل التربوي والتواصلي.

– التأهيل السياسي والفكري.

– التأهيل النقابي والإداري (التقني).

* الفعالية الاجتماعية:

تحريك طاقات الإنسان، وتوجيهها إلى مستوى مصلحة الآخرين.

ثلاث دروس من الثورة المصرية

من خلال متابعتنا للثورة المصرية وما أعقبها من مخاض عسير وانقلاب متكامل الأطراف على الشرعية الدستورية، نستفيد من كل ذلك ثلاث دروس تهم الحركة الإسلامية الآيل إليها أمر المسلمين ـ الحكم ـ بإذن الله الكريم الوهاب.

* الواجب الإعلامي:

سميته واجبا وليس ضرورة فقط حتى نجعله بين أعيننا ولا نتنازل عنه خصوصا محوريته في كل صراع مع الباطل؛ فقد تكون لك القوة البشرية والمشروع المتكامل الواضح لكن بدون تسويق إعلامي يمكن أن تخسر كل شيء في لحظة هجوم.

والواجب الإعلامي مسألة مصيرية؛ وهنا لا نتحدث فقط عن الوسائل الإعلامية التابعة للتنظيم، وإنما التغلغل في كل المؤسسات الإعلامية سواء الرسمية التابعة لقوى الاستكبار أو تلك التابعة للدولة، وتكوين قطاع كبير من الإعلاميين والصحفيين، كما يجب أن لا نغفل على أهمية إعلام المواطن وفتح المجال هنا للطاقات الشابة بل تدريبها في هذا الباب (صفحات فايسبوكية، تويتر، يوتيوب…).

* التغلغل الناعم:

يقول الأستاذ المرشد رحمه الله تعالى: قبل قيام الدولة الإسلامية تسعى الدعوة ما وسعها، في سرية يناسبها التسرب اللطيف، أو اغتناما للحريات العامة التي يضطر الحكام أن يتنازلوا عنها للشعب، أن تصل للمدارس، والجامعات، والنقابات، والتعاونيات، والجمعيات المهنية والثقافية والنسوية، واتحادات الرياضة والشباب، وما إلى ذلك من كل المنظمات والتجمعات الموجودة فعلا. وعلى الجماعة أن تؤسس أجهزتها الموازية في كل هذه الميادين، فيكون العمل من داخل المنظمات الرسمية، والعمل من داخل الأجهزة الخاصة، سائرا في اتجاه واحد. يكون التنظيم الجهادي أصلا تتفرع عنه وتخدم أهدافه هذه المنظمات بنشاط العناصر المؤمنة المكلفة بمهمات التغلغل) 2 .

* تقوية شبكات الدعم المجتمعي:

وذلك عبر تقوية شبكة العمل الجمعوي الثقافي والشبابي والحقوقي المحلي أو الإقليمي والدولي وانخراط رموز من الحركة الإسلامية في هذا الأمر لتكون قيادات مجتمعية مستنبتة اجتماعيا يصعب اجتثاثها أو عزلها عن المجتمع الذي يألف خدماتها ويلتف حولها لصدق أدائها في تبني قضاياه المجتمعية الحضارية والأخلاقية والسياسية والحقوقية والتفكير في كيفية تطوير أداء العمل الاجتماعي بشكل جدي لأنه باب تقوية العمل الجماهيري.


[1] العدل؛ الإسلاميين والحكم. ص: 693.\
[2] المنهاج النبوي؛ ص: 82.\