قال الله تعالى :سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [سورة الإسراء، الآية 1].
أيد الله عز وجل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزة الإسراء والمعراج في وقت تتالت فيه المحن، واشتد فيه أذى المشركين عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين. فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه بالدعاء إلى المولى الكريم قائلا: “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين: أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك”.
كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم دعاء مستضعف مضطر إلى مولاه، فأجابه المولى وواساه بمعجزة الإسراء والمعراج ليريه من آياته، وليعلمه بأنه سيد النبيين وإمامهم، وأنه إن كان أهل الأرض قد كفروا به فإن كل من في السموات آمنوا به وأيقنوا.
ومن جملة ما أراه الله عز وجل من آياته؛ البيت المعمور. جاء في حديث ثابت عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتيت بالبراق” … الحديث، وفيه: “ثم عرج بنا إلى السابعة فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد – صلى الله عليه وسلم – قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسنِدا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يَدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه”.
والبيت المعمور بيت مشرف في السماء السابعة وهو لأهل السماء كالكعبة لأهل الأرض، ذكره الله تعالى في سورة الطور آية 4 قال تعالى: والبيت المعمور. قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه وغيره في تفسير هذه الآية: “هو بيت في السماء حيال الكعبة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يخرجون منه فلا يعودون إليه…”. وقال الإمام أبو بكر الأنباري رحمه الله: “سأل ابن الكواء عليّاً رضي الله عنه قال: فما البيت المعمور؟ قال: بيت فوق سبع سموات تحت العرش يقال له الضراح”. وفي صحيح مسلم عن سيدنا مالك بن صعصعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء: “ثم رفع إلي البيت المعمور فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم” فسبحان الله العظيم.