مقاربة الحركات الاسلامية لقضية المرأة “نموج جماعة العدل والإحسان” 1

Cover Image for مقاربة الحركات الاسلامية لقضية المرأة 
“نموج جماعة العدل والإحسان” 1
نشر بتاريخ

حظيت الحركات الاسلامية منذ نشأتها للتمحيص والبحث، وأجمعت اغلب الدراسات انها حركات اجتماعية تسعى إلى بناء نظام اجتماعي جديد قائم على الإسلام، والحركات الاجتماعية ما هي إلا ردود فعل لتغيرات بنائية في المجتمع مرتبطة بمتغيرات أخرى مثل التحولات الاقتصادية والاجتماعية وبنية النظام السياسي ونظام القيم ؛ وهي بمثابة جهد جماعي ومطلب مشترك بين جماعة من الناس يعملون بوعي، وباستمرار على تغيير بعض أوكل أوجه النظام الاجتماعي والسياسي القائم، ويمرون بعدة مراحل لكي يصلوا إلى هذا الهدف، تبدأ عادة بحالة من القلق والتوتر الجماعي غير المنظم، لتنتهي بتكتل صفوف ووعي القائمين بالحركة وتوجيههم نحو هدف واحد محدد وهو تغيير النظام الاجتماعي والسلطة السياسية القائمة. ودراسة الحركات الإسلامية كحركات اجتماعية وسياسية تركز على كونها قوى سياسية في المجتمع لها أهدافها وخصائصها المتميزة واستراتيجيتها وتتأثر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية السائدة، شأنها في ذلك شأن أي قوى سياسية أخرى. وما صفة ” الإسلامية ” في هذه الحالة سوى تعبير عن الإطار الفكري الذي تنطلق منه هذه الحركات، فهي في حقيقة الأمر حركات اجتماعية وسياسية في مجتمعات إسلامية، ويمكن أن نقول إن أبرز السمات المميزة لهذه الحركات هي حداثتها. فهي حركات نشأت في كنف الحداثة واستجابا لتحدياتها. وهي أيضا إسلامية بمعنى أنها اختارت استجابةً لتحديات الحداثة المرجعية الإسلامية، ومن المفاهيم التي يشتد حولها القلق في الخطاب الإسلامي الحديث والمعاصر، مسألة “المرأة ” وجدلية دورها الاجتماعي العام.

فالبعض يريد أن يجعل من الوضعية الراهنة للمرأة آخر معقل لإسلام منهزم ومنحط، وآخرون يعتبرونها عتبة لتأسيس الديمقراطية. ويحصر البعض هويتها في أمومة يعتبرها آخرون عائقا نحو مشاركتها الفاعلة والفعلية في المجتمع. بعضهم يختزلها في جسد يجب أن يلف، وآخرون في جسد يجب أن يكشف. بعضهم يرى أن صوتها عورة يجب أن يخرس وآخرون يرونه صوتا انتخابيا يجب أن يربح. منهم من يريدونها حرية بدون حدود، ومنهم من يريدها مكبلة بكل القيود. وآخرون يصرون على حمايتها رغما عنها. هكذا إذن ومنذ قرون عاشت المرأة تتقاذفها الآراء بين منتقصين وأنصار.

إن الحديث عن المرأة ودورها الفاعل في البعد الإنساني المتنوع، والمتحرك المواقع، يثير الحوار حول الكثير من المفاهيم القلقة التي يحملها الناس في النظرة إليها، لا سيما في الإطار الديني الإسلامي، مما قد يؤدي إلى الارتباك في التعامل معها على صعيد الواقع، أو إلى فقدان ثقتها بنفسها من خلال الإيحاءات المختلفة المؤثرة في شعورها وإحساسها بالحياة من حولها، ونظرتها إلى المسؤولية الملقاة على عاتقها [1]. ومحور هذا القلق في قضية المرآة هو جدلية دورها الاجتماعي ومشاركتها في الوظائف العامة. فالمرأة المسلمة مبعدة عن دورها الاجتماعي والحياتي إلى حد كبير، ولا يزال هاجس إبقائها على الهامش ينغص عيشتها، ويقلق راحتها، ويقصيها عن الحركة، وتبقى مسألة الاعتراف للمرأة بفاعليتها، ودورها، وعدم فرض الوصاية العمياء عليها من أهم القضايا التي تشغل بالها[2].

وتأسيسا على ما سبق، نصبح امام مجموع من التساؤلات التي تطرح نفسها من قبيل:

*كيف ينظر المشروع الاسلامي الى قضية المرأة؟ ما أسسه المركزية في المعالجة؟

*ما موقع قضية المرأة في هذا المشروع؟ وكيف يمكن تقييم هذه المعالجة؟

وانطلاقا من أهمية دراسة دور النساء في الحركات الإسلامية، نسعى هنا إلى مقاربة النشاط النسوي الإسلامي في المغرب من خلال نموذج جماعة العدل والإحسان من خلال الموقع الذي تحتله قضية المرأة في ادبيات الجماعة، وما مدى التطابق بين التنظير في قضية المرأة وواقع الممارسة.

وللإجابة على هذه الاشكالية، سنقسم موضوعنا هذا الى ثلاث محاور:

-المحور الاول سنتطرق فيه الى موقع المرأة بصفة عامة في فكر الحركات الاسلامية، معللا ببعض الشهادات لفاعلين في حقل الحركة الاسلامية.

-في المحور الثاني سنلقي الضوء على تصور جماعة العدل والإحسان لقضية المرأة.

-المحور الثالث يبرز موقف جماعة العدل والإحسان من بعض القضايا النسائية.

يتبع…

[1] تأملات إسلامية حول المرأة. السيد محمد حسين فضل الله، بيروت: دار الملاك ط2، 1992م، ص3.

[2] – د. منى يكن :الفكر الحركي الإسلامي وسبل تجديده. ندوة: مستجدات الفكر الإسلامي والمستقبل، الكويت : الأمانة العامة للأوقاف، ط 1، 1993 م، ص 268.