معاناة بلال من ارتفاع ضغطين ضغط المخزن وضغط الدم (الحلقة العاشرة والأخيرة)

Cover Image for معاناة بلال من ارتفاع ضغطين ضغط المخزن وضغط الدم (الحلقة العاشرة والأخيرة)
نشر بتاريخ

ها نحن وصلنا من هذه السلسلة آخر حلقاتها. وما من شك أن كثيرا من القراء توقعوا أن تخصص الحلقة النهائية للحديث عن رحيل بلال ونهاية مسيرة حياته. وفعلا هكذا خططت في البداية، ولكن عند توزيعي مضامين الشهادات التي اعتمدتها على فقرات وحلقات هذه السلسلة، فضُلَ لي الفصل المتعلق بجهاد بلال ومواقفه تجاه الظلم والاستكبار، فقلت، ألم يجعل الإمام المرشد خصلة الجهاد آخر ما ختم بها خصال منهاجه العشر، فلم لا أجعل جهاد بلال وما تعرض له من مضايقات خاتمة ما دونت من سيرة هذا الرجل وخصاله رحمه الله؟ فاخترت عنوانا للحلقة الختامية: معاناة بلال من ارتفاع ضغطين ضغط المخزن بما هو متابعة وإيذاء وتهديد، وضغط الدم وهو المرض الذي مات منه الفقيد.

– بلال وضغط المخزن:

يقول الأستاذ حسن بوغا في شهادته: “منذ بداية المتابعات المخزنية للإخوة في الجماعة كنت أرى بلالا يترصد به كثير من رجالات المخزن، يتتبعون تحركاته ويراقبون مسكنه؛ لكن الرجل لم يكن يكترث بهم وكان دائما يقول في موضوع مراقبته اللصيقة: “ذرهم! هم يؤدون عملهم، ونحن نؤدي عملنا”. وعندما يستدعونه لمقراتهم كان سلاحه الأول والأخير ذكر الله عز وجل وترديد الآية الكريمة “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”. وفي مقابل ذلته على المومنين والتي تطرقتُ إلى جانب منها لما تكلمت عن صبره على التقريع من قبل للسي بشيري رحمه الله وكيف كان يقابله بالهدوء التام، ينقلب بلال أسدا ضرغاما وهو يواجه استنطاقات البوليس في مخافر الشرطة أو استدعاءات القائد في المقاطعة. كان قويا وشجاعا يعتز بانتمائه إلى الجماعة ومؤمن إلى حد اليقين أنها تمثل الخلاص، وأن انتماءه إليها إنما هو تشريف من الله واصطفاء، لا ينال منه ترغيب ولا يزعزعه ترهيب”.

–       صدور جريدة الصبح واعتقال مديرها

يقول السي عبد الجبار عبد الهادي في شهادته التي أدرجنا فصولا طويلة منه في هذه السلسلة: “في لقاء من اللقاءات الشهرية التي كانت تعقد بدار الإمام ياسين رحمه الله بسلا، عرض علينا مشروع إصدار إعلامي جديد. فبالإضافة إلى المنبر الذي كان موسميا ألا وهو مجلة الجماعة، نريد، يقول الأستاذ ياسين رحمه الله، إصدار صحيفة أسبوعية على شكل جريدة، واقترَحَ تسميتها ب: “الصبح”.

“وطبع العدد الأول فوزعناه يدا بيد، وخاصة بأبواب المساجد. فتم إلقاء القبض على مجموعة من الإخوان، اقتيدوا إلى المقاطعات، واستنطقوا بها. وبعد ذلك تم اعتقال السي عبد السلام ياسين على إثر مقال في جريدة الصبح كتبه السي بشيري بتوقيع أبي جهاد. فبلغنا الخبر في الدار البيضاء واجتمعنا، مجموعة من الإخوان، فانبرى فيهم بلال، لما رأى علامة الوهن على بعض منهم، كالليث الضيغم خطيبا مذكرا بمقولة أنس بن النضر لما شاع في غزوة أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل، فمر على قوم من المسلمين قد ألقوا السلاح من أيديهم، فقال لهم: “ما بالكم قد ألقيتم السلاح؟” فقالوا: “قتل رسول الله “، فقال أنس: “فما تصنعون بالحياة بعد رسول الله؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله”. فكانت كلمته فينا كلمة مشهودة، بعث بها فينا الروح من جديد، وشمرنا وبدأنا مرحلة صعبة جدا: اعتقال الأستاذ المرشد بسلا ثم اعتقال إخوان الدار البيضاء.

وكنت أقول للسي بلال: الحِمْلُ أصبح ثقيلا ثقيلا جدا. إذ كنا نقوم بخدمة الإخوان المعتقلين في السجن ونتفقد أسرهم المكلومة بعد أن غُيِّب َمعيلوهم في غياهب السجون وتُرِكوا يواجهون من غير دربة ولا تجربة تعقيدات الحياة. أتكلم عن الدار البيضاء. وأذكر أننا اجتمعنا مرة مع السي فتح الله أرسلان، فسألنا عن تفقد ومواساة المعتقلين وأسرهم فأجبته الله تعالى يفتح الأبواب ولا نعلم من أين يأتي العون ولا كيف يحصل التيسير.

–       بلال يعتقل إثر توزيعه لصحيفة الخطاب

ونبقى مع عبد الجبار في شهادته 1: “بعد منع جريدة الصبح، عوضت بعنوان آخر أطلق عليه اسم “الخطابّ”.

وبعد طبع العدد الأول، جاءني السي بشيري للبيت وأعطاني مجموعة من الأعداد وزعتها على عدد من الإخوان كما سلم مجموعة أخرى لبلال ليبيعها للمصلين في أبواب المساجد. فاعتقل من صلاة الظهر حتى الليل. ولما أفرج عنه زرته في بيته فوجدته فرحا مستبشرا وقال لي: “هذه هي البداية، هذه هي طريق الدعوة وهذا هو الثمن”.

–       بلاء بلال أثناء فترة اعتقال الأستاذ ياسين

يقول عبد الجبار: “في بداية اعتقال الأستاذ ياسين بسجن العلو بسلا، كنا، بلال وأنا ومجموعة من إخوان الدار البيضاء، في تجند مستمر، ليلنا كنهارنا، لا نفترق إلا لإنجاز المهمات التي نتوزع تنفيذها أو لضروريات العمل أو لتلبية حاجيات البيت الملحة. كنا في هذه الفترة نبحث عن مدافع عن الإخوان من المحامين وعمن يكتب عنا في الصحافة ولو سطرا، يعرف بقضيتنا أو ينتصر لمظلوميتنا. فخطرت على بالنا فكرة، كان بحوزتنا كتيب بالفرنسية “من أجل حوار مع النخبة المغربية المغربة” 2.

فقلنا لم لا نوظف هذا الكتاب للمرشد عبد السلام ياسين نوزعه مرفقا ببطاقة، يَكتُبُ فيها بالإنجليزية أو بالفرنسية أو الإسبانية أو الألمانية من يتكلم من إخواننا هذه اللغات، أن صاحب هذا الكتاب معتقل من أجل أفكاره السياسية، وسبق أن اعتقل مرات ومرات؟

“وبمنة مِنَ الله وفضل، انعقد في تلك الفترة مؤتمر الدول الإسلامية في الدار البيضاء، أيام الحسن الثاني رحمه الله، فانطلقنا نبحث عن الفنادق التي يقطنها الصحافيون الأجانب، فأُخْبِرنا أن جزءا منهم يقطنون فنادق سموها لنا في الدار البيضاء والمحمدية. كنا، الأخوة إبراهيم بلال ومصطفى طيوري ومحمد البوسحاقي والعبد المذنب، نملك دراجات نارية، فكنا نحوم حول تلك الفنادق، وكلما رأينا شخصا لديه محفظة وذا سحنة أوروبية نبتدئه بالكلام ونمده بنسخة من الكتاب مرفقة بالبطاقة التي ذكرت مكتوبة بلغته. وكم سُرِرْنا لما جاءني خبر من بلجيكا عن طريق الأصهار مفاده أن بعض الجرائد الأوروبية أصبحت تكتب عن معارض للنظام المغربي اسمه عبد السلام ياسين يقبع في السجن من أجل أفكاره. فرحنا غاية الفرح أن بارك الله جهودنا في التعريف بقضيتنا واعتقال مرشدنا”.

مرض الموت والوفاة

معاناة بلال من المرض: ضغط الدم وداء السكري

تقول السيدة زوجة بلال: ” كان بلال يعاني مرض السكري. ومع اقترابه من الأربعين من عمره، لحقه مرض عائلته الوراثي، ارتفاع ضغط الدم. فقد مات منه أبوه وأمه وعمه وأفراد آخرون من قرابته. وعندما أُرْثِي لحاله فأقول له “شد الأرض شف حالتك الصحية” كان يجيبني رحمه الله:” زهرة! أنا بغيت نموت في سبيل الله”.

“وكنت أنا بعض المرات ألومه: “الأولاد يشتاقون لقعودك معهم، لا داع لأن تخرج الآن، اقعد بالبيت!” كان يجيبني بنبرة يختلط فيها الصدق بالحزم: “الله سبحانه وتعالى يعلم فيم أنا ذاهب، وأنا جعلت الله وكيلا على أولادي، ولن يخيبني فيهم”. وينصرف تكاد الدمعة تسبق إلى مقلتيه.

هم الدعوة يسكن بلالا ولو طريح الفراش في المشفى

تقول السيدة زهرة: “وحتى لما كان طريح الفراش في المستشفى العمومي حيث تنتشر بكل غرفة ثمانية أَسِرَّة وأكثر، كان عند حلول وقت الصلاة يَنْهَض ويُنْهِض من المرضى من كان قادرا على النهوض ويطلب من غير القادرين أن يصلون في أفرشتهم، فيصلون بإمامته جماعة. “زعما مكيهداش” (عجبا لا يهدأ) من الدعوة. سبحان الله!”

ويترجل الفارس ويبكيه أطفال الحي

وتتابع السيدة زهرة حاكية: “لما كان اليوم الذي توفي فيه زوجي بلال رحمه فيه، بكاه أطفال الحي الصغار وأولاد الدرب…

تصوروا كانوا مثل سائر الشباب المفتونين، كيعايرو (يسبون) الدين، ولا تظهر عليهم آثار الالتزام بأخلاق التدين. لكنه رحمه الله كان يمر عليهم وهم متحلقون يلعبون أو يتحدثون، فيجلس إليهم يشاركهم الحديث وينصحهم ويوجههم. سبحان الله مقلب الأحوال! أكثرهم التزموا وبدت عليهم أخلاق التدين في هذا الحي”.

عبد الحميد بن بلال يتذكر يوم قُبِضَ فيه أبوه

“… لما توفي والدي ورأيت أعداد الناس الذين حضروا معزين أو متبعين جنازته مشيعين، ولاحظت كثرة الذين يسألون عنه، عندها عرفت مكانة الوالد. سبحان الله العظيم! كان له شأن في ربوع المغرب كاملا. فقد حضر الناس للتعزية فيه من مختلف مناطق المغرب. الله يرحمه مسكين! وباختصار هذا ما أذكر عن الوالد رحمه الله ووسع عليه في قبره”.

وفي ختام هذه الحلقات:

يودعنا الشهود

عبد الجبار عبد الهادي: “في الختام أقول هذا الرجل العظيم السي بلال أطلب من الإخوان أن يدخلوه في دعاء الرابطة. فلقد بذل الغالي والنفيس وقدم تضحيات وتفانى في خدمة الدعوة إلى الله وكما أشرت إلى بعض هذا في شهادتي، ولا أحسبني أحطت إلا بالقليل مما قدم لآخرته في مجال الدعوة إلى الله. رحمه الله وأحسن جزاءه، وحفظ أولاده، فإني إن كنت أديت شهادتي في الأب فأنا أشهد كذلك أن أبناءه، وخاصة صلاح الدين الذي أتيح لي التعرف عليه أكثر من إخوته، من الخلف الصالح.

“فاللهم إني قدمت شهادتي في عبدك بلال إبراهيم عدي حميد، وقد غادرنا منذ ثلاثين عاما، فإن نسيت بعض التفاصيل أو لم أضبطها، فإنك أمرت فقلت: ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه وأتبَعْتَ ذلك بقولك: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطانا. صدق الله العظيم والحمد لله رب العالمين”.

حسن بوغا: “لا شك أن بلالا الحبيب رحمة الله عليه أنفق كل ما لديه من الوسائل داخل الجماعة المباركة، وقته وجهده فكره وعز شبابه، بدون تردد ولا ملل، محتضنا جامعا للقلوب ليس له من هم سوى التقرب إلى الله ودعوة الناس للتوبة الجماعية والعمل الجماعي على تغيير ما بالنفس ثم تغيير المنكر وإزهاق الباطل وإحقاق الحق. يربي بالحال قبل المقال. من خلال تعامله يزرع فيك الحب للجماعة ورجالاتها والثقة فيهم. بقي هذا حاله حتى لقي ربه ولقد كان مما يكثر الإمام عبد السلام ياسين يُذَكِّرُ به قول الصالحين “من لم يفز بالله فلا نهاية لحسرته”. نسأل الله تعالى أن يرحم سيدي بلال ويرحم جميع الإخوان الذين سبقونا إلى الدار الآخرة وأن يجعلهم من السعداء ويلحقنا بهم شهداء. كما أسأل الله تعالى ألا أكون قد بخست أخي الكريم حقه، وإذا وقع مني زلل فليعذرني بروحانيته كما عهدته في حياته. هذه شهادتي في الرجل فهل من مقتد؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

أحمد أبو الصواب: عزوفه، يرحمه الله، عن الدنيا كان باديا للعيان، بداية من القناعة، بحيث لم يكن يطمع من الدنيا في شيء. كنت مرات كثيرة أمازحه قائلا: “كيف بك أسي إبراهيم، إذا توفرت للجماعة المقرات وللإخوة الإمكانات، من سيارات ودور واسعة، فكان جوابه الدائم: “أنا لا أريد أن أعيش، وتكون لنا هذه السيارات والإمكانات ويتوفر لنا كل شيء مما تريدون أنتم، أنا أسأل الله أن يأخذني إلى جواره وأنا على هذه الحالة”، كان دائم الاستعداد للرحيل دائم الأهبة للقاء الله” يرحمه الله.

حسن إزرال: كان رحمه الله رحمة واسعة من الإخوان الكرام الفضلاء الذين احتلت الدعوة إلى الله عز وجل شَغاف قلوبهم. ولقد عرفته، قبل أن يكون في الجماعة وبعد انتمائه إليها، رجلا حركيا منشغلا بأمر الدعوة إلى الله عز وجل ولا انشغال له عنها، وكان حركة دائبة.

ويودعكم كاتب الحلقات

سادتي القراء الأعزاء.

لما كتبت ونشرت على صفحات موقع “الجماعة. نت” سيرتين من هذه السلسلة: “رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” وكان ذلك إثر رحيل أخوين عزيزين إلى الدار الأخرة، أولاهما عن الحاج إبراهيم الشرقاوي 3 وثانيتهما عن السي عمر عزيز 4  رحمهما الله، قلت فاتني السي إبراهيم بلال توفي منذ ربع قرن وحسب علمي لم يُكتب عنه ولم يُنشر حرف.

وشاء الله أن يقرر الإخوة في لجنة الدعوة والتواصل القيام بحملة تعريفية بمن سبقونا إلى دار البقاء خاصة منهم الرعيل الأول من جيل التأسيس لجماعة العدل والإحسان. ولما ذكروا لي من بينهم الفقيد إبراهيم بلال رحمه الله قلت: “أما بلال فاتركوه لي، أنا أكفيكم هم الكتابة عنه، فهو مشروع كنت أفكر فيه منذ مدة”. فربطت الاتصال بالأخ العزيز الأستاذ عبد العزيز واقف ملتمسا منه العون في استكتاب أو تسجيل شهادات المقربين من الفقيد وهو منهم، إذ كان حفظه الله وكما أخبرني بذلك، أول نقيب أسرة أسست بالدار البيضاء كلفه بتسييرها الفقيد السي محمد بشيري رحمه الله، وكان بلال من أعضائها.

فلما توصلت بالشهادات واستمعت إلى المسجل صوتيا منها، وهو الغالب الأعم، أو قرأت المكتوب منها، علمت أن السي بلال أعظم بكثير مما كنت أعرفه عنه، وإن كان ما أعرفه ليضعه في مقدمة من يستحقون أن يترجم لهم وتؤبد سيرهم كتابة ونشرا.

وما كان يخطر ببالي لما قررت أن أكتب عن فقيدنا إبراهيم بلال أن تتعدى الحلقات المخصصة له الخمس ولا أن تفوق صفحاتها الخمس عشرة. نعم، كنت أعلم، وقد وقر -ومنذ لقائي الأول به- حبه في قلبي، وجالسته وصحبته وعاشرته فأكبرت فيه خصالا لا تخفى وميزات لا تتوفر إلا لأفذاذ من الصالحين من العباد، أن سيرة السي إبراهيم فيها ما يُحكى أو بتعبيرنا الدارج فيها “ما يتعاود”، لكني قدرت أن الذي لا أزال أذكره مما عايشته مع الرجل لن يفي لتحبير حلقتين على أكبر تقدير، وما عسى ما أتوصل به من شهادات مما علق بأذهان الشهود، مما عايشوه قبل ثلاثة عقود أن يغذي من حلقات؟ اثنتين أو ثلاثة لا أكثر. ذاك كان ظني القاصر، وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، فكانت الحلقات عشرا إضافة إلى الحلقة التعريفية وفاقت الصفحات المائة صفحة من الحجم المتوسط.

فرحمك الله أخي بلالا، ورفع قدرك، وأنت في برازخ موتك تعلم أن اتصالي بك في دعاء الرابطة ومنذ مغادرتك دار الفناء والتحاقك بدار المقامة والبقاء، لم ينقطع. أسأل الله بفضله ومنه أن تكون هناك راضيا مرضيا، نرجو لك ذلك ونؤمله، ونشهد أنك أَحَق به وَأَهل له، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وهو أعلم بمن اتقى.

ولقد تقاطرت، سيدي وحبيبي، على بريدي الإلكتروني -وهو مما ظهر وشاع وانتشر بعد رحيلك عن دار الدنيا- الرسائل تخبر أن الكثيرين ممن وقفوا على سيرتك دمعت أعينهم ورقت قلوبهم ودعوا لك بالرحمة والرضوان. ولله الحمد فهذا ما كنت أقصده من نبش سيرتك ونشر ما عِشْتَ تَكتُمُه من شيمك وخصالك، وما كتبته إلا لأسترحم لأخي لعل قارئا يدعو له ويستغفر، وقد حقق المولى بعضه وأرجو أن يكون لك صدقة جارية تستمر ولا تنقطع.

رحمك الله، أخي بلالا، حسنت أخلاقك مع إخوانك ومع جيرانك، وشهدت زوجك بعد ثلاثة عقود من وفاتك، الشهادة التي يطمع في سماعها كل زوج من زوجه: “رجل ماكاينش بحالو 5” فحزت شهادة الخيرية والتشبه بسيد البرية القائل: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي” 6.

أودعك سيدي وعسى الله أن يجمعني وقراء مقالتي بك عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَة،ٍ مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] في شهادته المسجلة  شهر ماي 2020.
[2] Pour un dialogue avec l’élite marocaine occidentalisée صدر سنة 1980.
[3] نشرت على صفحات موقع الجماعة.نت في حلقة تعريفية وست حلقات ابتداء من 20 يناير 2014.
[4] توفي يوم 08 شتنبر 2015 ونشرت السلسلة التعريفية به على موقع الجماعة.نت في سبع حلقات ابتداء 19 أكتوبر 2015.
[5] زوج لا يوجد له مثيل.
[6] رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.