مسيرة الشعب المغربي.. فئات وأجيال من مختلف ربوع الوطن تتمسك بالقضية الفلسطينية وترفض التطبيع

Cover Image for مسيرة الشعب المغربي.. فئات وأجيال من مختلف ربوع الوطن تتمسك بالقضية الفلسطينية وترفض التطبيع
نشر بتاريخ

احتشد مئات الآلاف من المغاربة وصرخوا ملء حناجرهم صبيحة يوم الأحد 15 أكتوبر 2023 تنديدا بالصمت الرسمي المغربي تجاه المجازر اليومية التي تقع في أرض فلسطين، الذي كشف عن تواطؤ وتخاذل، شأنه شأن مواقف الأنظمة العربية عموما، وهو ما اعتبرته الأمة خيانة للقضية، والأفظع منه دعم حكومي غربي منحاز بشكل مخز ورهيب، مدعم بالمال والأسلحة الثقيلة والإعلام الجبان الكاذب، على مرأى ومسمع من العالم والتاريخ.

اللافت في هذه المسيرة التي نظمت بالعاصمة الرباط كان هو اختلاف الأعمار التي شاركت فيها، شيوخا ونساء وأطفالا، شبانا وشابات، منهم الأطباء والمحامون والمهندسون والعمال وربات البيوت، أتوا من مختلف جهات ومناطق المغرب معبرين عن اعتزازهم بالمقاومة البطولية التي سطرت ملحمة ملهمة أذاقت من خلالها الكيان الصهيوني طعم هزيمة مرة لم يستسغها إلى الآن، وقابلها بقتل النساء والأطفال واستباحة الحرمات وتهجير أهل غزة بالحديد والنار.

وقد حاولنا في موقع بوابة العدل والإحسان أن نستقي من هذه المسيرة تصريحات مختلفة من أطراف المسيرة ووسطها وهوامشها، مستفسرين عن سبب قدوم الناس لهذه المسيرة والرسائل التي يوجهونها من خلال هذه المشاركة.

أجابنا شيخ جاوز الستين عاما قادم من مدينة سوق الأربعاء أنه جاء “للتضامن مع إخواننا في فلسطين الذين يتعرضون لهجمة صهيونية عالمية“، مؤكدا أن هذا “أقل ما نقدم لإخواننا الذين يدافعون عن معتقدات الأمة ويدافعون عن المسجد الأقصى الذي إليه تشد الرحال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم“. واستنكر الشيخ محمد آيت أحمد “تطبيع الأنظمة العربية وحصارهم للأمة وللشعب الفلسطيني“، وأضاف بغضب أننا “إذا أردنا أن نطبق ما يريده الحكام المطبعون فعلينا أن نبدل القرآن الذي أنزله الله“، وختم تصريحه بالقول إنه “لو فتحت الحدود لجاءت الأمة والمسلمون بالملايين ليحرروا فلسطين“.

 

السيدة زينب القادمة من مدينة خريبكة قالت: “اللهم هذا منكر، ما يقع في فلسطين ومنذ سنوات أكثر مما يطاق أو يحتمل، وكل هذا يجب أن يتوقف، فالعالم لا يمكن أن يكتفي فقط بأن يتفرج على ما يحصل“، وعند سؤالها عن الرسالة التي يمكن أن توجهها لأهل غزة أجابت: “كونوا أقوياء، فنحن لا ندري كيف بإمكاننا مساعدتهم، ويمكننا أن نساندهم معنويا وهذا ما نحاول القيام به في هذه المسيرة“.

 

أما الأستاذ المتقاعد الحسن العسناوي القادم من مدينة تنغير فقد أعلن عن فرحه بـ”المقاومة التي نالت من الصهاينة”، سائلا المولى “أن يزيدوا في فرحنا بتحرير الأقصى وتحرير فلسطين وتحرير الأمة الإسلامية أجمعين“. وأوضح أنه جاء لهذه المسيرة “تضامنا مع إخوتنا في فلسطين الذين يقاومون من أجل البقاء، ومن أجل التحرير، ونسأل الله أن ينصرهم ويثبتهم ويرمي عنهم، ويهزم الصهاينة الغاصبين ويدمر خططهم وأسلحتهم“.

 

مع زوجته وابنه قال لنا الأستاذ القادم من الدار البيضاء إن الحضور هنا هو من أجل “التضامن مع إخواننا في غزة، لأجل رفع الحصار عنهم، وإظهارا للتضامن القوي نصرة لإخواننا، وما جئنا إلا لنقدم شيئا يسيرا ونقول لهم بأننا معكم“، وأكد لنا بأن المغاربة معهم “قلبا وقالبا، والأمة كلها جسم واحد كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى“.

 

بدوره الشاب لطفي المستخدم في البصريات من مدينة فاس كشف أنه أتى للمسيرة “لأعبر عن رفضي لما يتعرض له إخوتنا في غزة وفي كافة فلسطين، ولكي أؤدي واجب النصرة، لأن نصرة فلسطين هي واجب أكثر مما هي تضامن، فقضية فلسطين قضية مصيرية تهم جميع الأمة الإسلامية، وأي استهداف للقضية الفلسطينية هو استهداف بشكل رسمي لجميع البلدان الإسلامية“، وأيضا من أجل “رفض التطبيع، والاتفاقيات التي صاحبته، والتي قامت بها الدولة المغربية. ولكي نثبت أن النظام في واد والشعب في واد آخر“.

 

وعلى كرسيه المتحرك أتى بوعزة من مدينة بني ملال لـ”يتضامن مع الشعب الفلسطيني الأبي، ويستنكر هذه المجازر الصهيونية التي ارتكبت في حق الشعب من قتل نساء وأطفال وشيوخ“، معتبرا أن المقاومين “رجال ولن يُهزموا بإذن الله، فهم قد رفعوا رؤوسنا، نطلب من الله عز وجل أن ينصرهم نصرا عزيزا مؤزرا“، وداعيا أن “يشتت سبحانه وتعالى أشلاء الصهاينة وأن يعين جنود القسام على النصر والتمكين“.

 

من مدينة تطوان أتى الطالب الجامعي محمد ياسين الذي أخبرنا بأن الحافز الذي دفعه للحضور هو “لما عرفت أن كل المغاربة سيأتون لهذه المسيرة، وأحسست بأن وجودي مهم فيها، لبيت النداء لكي أحضر وأعلي صوتي، وهنا علينا أن نرفع صوتنا بقوة لكي ننصر هذه القضية“، وعبر عن فرحه الشديد عند رؤيته “عدد كبيرا من المغاربة من كل المناطق أتوا كذلك لينصروا القضية“، ودعا الفلسطنيين بأن يبقوا “صامدين ثابتين بقوة اليقين، ونحن معهم ننصرهم حتى ينصرهم الله عز وجل“.

 

السيدة أمينة صاحبة شركة خاصة والقادمة من البيضاء أخبرتنا أن زوجها فلسطيني وأبناءها كذلك، وهي ترى وتسمع كل يوم “عائلته وإخوته وأصدقاءه يموتون، وهذا عار لا يمكن أن نبقى ساكتين عليه“، وعبّرت عن أن سبب مشاركتها في هاته المسيرة هو لأنها “إنسان، مغربية، ومسلمة” وجاءت لتثبت أن “الشعوب وكل المسلمين مع فلسطين حتى وإن كان الحكام والجيوش غير كذلك، ونحن نفكر فيهم وندعو معهم وإن شاء الله سننعم يوما بالحرية“.

 

التلميذ في التكوين المهني من مدينة وجدة قال إنه “فرح جدا للقدوم للرباط، لكي أوصل صوتي ورغبتي، لأنني لست راض عما يقع لإخوتنا في فلسطين، ومن ناحية أخرى أنا فرح بالطوفان الذي قام به إخواننا في كتائب القسام“، ووجه عبد الإله كلامه إلى الفلسطينيين معربا أن “دماء إخوتنا في فلسطين لا تضيع سدى، فهم يتبرعون بدم المسلمين أجمعين، ودمنا نحن كذلك، اختاركم الله لتكونوا في الجبهة، والله سيجازيكم خير الجزاء، ونحن نتمنى لو كنا معكم“.

 

أما الطبيب أنس الاختصاصي في الأنف والحنجرة الذي يقطن في مدينة البيضاء فقد أبرز أنه شارك في المسيرة لأنه “مع المقاومة ومع غزة ومع رجال فلسطين، ونحن نندد بعملية التطبيع ونقول لا لخيانة القضية الفلسطينية“، ودعا للمقاومين أن “ينصرهم المولى عز وجل، ويجعل هذه المعركة معركة التحرير الموعود بإذن الله“. ولم ينس أنس توجيه التحية لكل الفلسطينيين، خاتما تصريحه بالقول “نحن معكم قلبا وقالبا بالدعاء وبالتضامن، تمنينا لو كنا معهم، لكن منعتنا ظروف يعلمها الجميع على رأسها التطبيع والحكام الخونة“.

 

الأم وربة البيت منى القادمة من طنجة مع أطفالها قالت بأنها جاءت للمشاركة في المسيرة “مثلي مثل كل المغاربة لكي أقول بأن القضية الفلسطينية قضية الأمة الإسلامية والعرب جميعا وعلينا دعمهم، لكي يرى إخوتنا في فلسطين وغزة أننا ندعمهم، ولو كان ذلك بخروجنا وأصواتنا فقط“، وتابعت داعية “نسأل الله أن ينصرهم ويغلبهم على العدو“.

 

بابتسامة لا تخطئها العين قابلتنا المسنة السبعينية الشريفة الحمدوشي من مدينة مكناس والتي لم تتحدث معنا إلا دعاءً بأن يوفق الله المقاومة وينصرهم بقدرته، ويعلي درجتهم ويحفظهم، و”يحلي” كلامهم وينصرهم على أعدائهم.

 

الأستاذ المتقاعد إدريس القادم من تيفلت أخبرنا بأنه جاء للمساهمة في هذه المسيرة “التي يشارك فيها كل إنسان حر وشريف لكي يرفض الظلم والطغيان الذي لم يتعرض له أي شعب في العالم، هذا ظلم مطلق وكبير“، وشدد على أنه “مهما طبع أناس، فالشعوب في دمائها وعروقها وأرواحها مع القضية الفلسطينية ومع التحرير، ومع أي حر يدافع عن حقه لكي ينعتق من الاستعمار كما دافعت كل الشعوب عن بلادها، فغزة كذلك تدافع، ومن حقها أن تدافع وتقاوم“.

 

الأطفال كذلك كان لهم حضور مهم في المسيرة، منهم فاطمة الزهراء ذات 11 ربيعاً، والتي قالت بصوتها الطفولي إنها جاءت لتكون “مع الشعب الفلسطيني وتتضامن معهم“، وأنها أحست بالألم أثناء مشاهدتها صور قتل الأطفال يعذبون ويقتلون، وأضافت بأنها مع الفلسطينيين بقلبها في السراء والضراء.

 

ومنهم أيضا منير الصادقي ذو 12 سنة، فقد جاء لهذه المسيرة “تضامنا مع قضية فلسطين، وهو يتمنى بأن تتحرر فلسطين“، ووجه لأهل غزة رسالته بالقول “لا تستسلموا، وأننا كلنا فداكم“.

 

 

حضرت المسيرة كذلك طفلة فرنسية قدمت من البيضاء، قالت لنا بأنها أتت “من أجل الاحتجاج ومن أجل التضامن مع فلسطين“، ودعت كل الأطفال “لتقديم الدعم والتشجيع والتضامن مع الفلسطينيين ومساندتهم في هذه الحرب“. ومن سيدي سليمان قالت لنا طفلة أخرى بأنها عندما سمعت خبر المسيرة “قلت لأمي هيا نذهب لنتضامن مع إخوتنا وأصحابنا في غزة، لأننا شعب واحد ودين واحد، وكما لا نريد هذا لأنفسنا لا نريد ذلك لإخوتنا“.