اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه والمرسلين وكل ولي لله إلى يوم الدين. ما يمنع الناس من هداية ربهم إلا استكبارهم: وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً. انتمى الصحابة إلى هذا الجناب الكريم والتفوا حوله وأحبوه بمحبة الله فكانوا أفضل جيل وخير أمة. ووصانا صلى الله عليه وسلم بالتقلين من بعده: كتاب الله وعترته أهل بيته، وفتح لنا باب الفقه حين دلنا أن سلمان من أهل بيته لتتجه محبتنا للنسبين، نسب فاطمة والعباس وعقيل وجعفر، ونسب الإحسان وهو النسب الروحي وعليه مدار الصحبة.
إن الله تعالى أرسل المرسلين وجعل خاتمهم سيدنا محمد بن عبد الله فجمع فيه الهدى وجمع له أسباب كمال التابع في محبته وطاعته بنص القرآن الكريم. فمن صحبه صلى الله عليه وسلم وأحبه وفني في محبته صعد إلى الدرجات العلى، ومن لم يدرك زمانه احتاج لتربية شيخ يرقي روحانيته لتتصل بذلك المقام السامي. وإنما يسمى الصوفية وصولا هذا الرقي الروحاني حتى يتلقى المريد عن روحانية الرسول مباشرة ويستقي منه الروح والرحمة. ويسمى عندئذ «محمديا» وهو اصطلاح صوفي توسع معناه ليشمل كل من يحب جناب الرسول ويخلع في حبه العذار.
قال الله عز وجل: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ.
وجعل الله مبايعة محمد عبده ونبيه مبايعة له سبحانه، قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.
وتقصر الآيات الكثيرة الرحمة والفوز في طاعته عليه الصلاة والسلام واتباعه.
ولكي نعرف مقامه العظيم أخبرنا بلسان الحق أنه سيد ولد آدم وأخبرنا أنه لبنة التمام في البناء الإلهي. قال عليه الصلاة والسلام: “مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيئين” 1.
أول خطوة على المحجبة البيضاء في المنهاج النبوي محبته وطاعته صلى الله عليه وسلم، فمن أحبه فقد ائتمر بأمر الله فتفتح له أبواب فضل الله ومن صلى عليه فقد ائتمر بأمر الله وحق له أن يتعرض لرحمة الله، ومن لهج به وعكف على بابه فقد اهتدى ووفي له الكيل وسار على درب الموكب النوراني يقتحم العقبة سالكا مسالك الرجال. ومن وقف مع أنانيته يرد على الله في قرآنه فإنما هو محروم.
تابع تتمة كلام الإمام عبد السلام ياسين في كتاب الإسلام غدا.