مجالس التنوير…مجالس بر تذوقناها ثم افتقدناها

Cover Image for مجالس التنوير…مجالس بر تذوقناها ثم افتقدناها
نشر بتاريخ

مجالس التنوير…مجالس بر تذوقناها ثم افتقدناها

رقيقة تلك المجالس التي كان يخص بها الحبيب المرشد رحمه الله المؤمنات قصد تنويرهن ومناقشة همومهن التربوية، وتسديد علاقاتهن الاجتماعية بقلب حان واحتضان أبوي عز نظيره. نشرك قراءنا الأعزاء لحظات عشناها عن قرب معه رحمه الله افتقدناها بفقد من افتقدناه، لكنها تظل شاهدة على بره وإحسانه، هي عبارة عن تعليق منه رحمه الله رحمة واسعة على فقرة من فصل الأمهات المؤمنات صانعات المستقبل) 1 من كتابه تنوير المومنات وإجابته عن بعض هموم الحاضرات.

حول هذا المقتطف التنويري كانت المأدبة:

“عقت وما بقت امرأة قامت بوظيفة جسمها، فألقت إلى الوجود أجساما، أخرجت إلى الوجود جسما جديدا فلما أرسلته هملا ساء عملا فهو غثاء بال وإن كان الجسم في ريعان الشباب…”

هذا النص، قال الأستاذ المرشد رحمه الله معلقا، يتشبه بلاغة بما كتبه الأولون وأين نحن وأين هم؟. في هذا النص الوجيز عتاب لبعض الأمهات اللاتي لا يعتنين بتربية الأولاد عنايتهن بتربية أجسام الأولاد والبنات، عتاب في لهجة رفيقة، نرجو أن تلمس عاطفة الأمومة فيمن يقرأن كتاب تنوير المومنات أو من يسمعن هذا الشريط.

إن الرفق بالذرية والرفق بالأم والرفق عامة لمن خصال الإسلام التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حثا، وروت أحاديث الرفق أمنا عائشة رضي الله عنها. إن النساء أقرب إلى الرفق من الرجال، وللرجال عليهن درجة على كل حال. اهتمام الوالدات بالوليد؛ هذا شرع. وتنظيم العناية بالوليد لها أحكام شرعية معروفة، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود لهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف على المولود له: هذا فرض فرضه الله عز وجل عليه.

“والوالدات يرضعن” وجوبا أو استحبابا؟ اختلف فيه بعض الفقهاء وجزم فيه ابن حزم، رضي الله عنه وتجاوز عن بعض مغالاته، جزم بأن هذا الإخبار يفيد الإيجاب.

وإذا طلقت المرأة، يبيح له الشرع أن يستأجر الأم أو مرضعا ترضع الأطفال، ثم في آخر السياق: “وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف”. سواء كانت ظئرا أو أما ترضع الأطفال، عليه أن يعتني بها ويكسوها بالمعروف. في سورة الطلاق: “أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن، وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن” الرفق المطلوب من الزوج في سورة البقرة وسورة الطلاق مؤكد جدا، ومجتمعنا مجتمع عنف وشطط واحتقار للمرأة واللعب بحقوقها تحت ظل قانون قد يعطي للمرأة كما يريد أعداء المرأة من بني جلدتنا، قد يعطيها مما يسمونه حقوقا، وقد تكون هناك مدونة الأحوال الشخصية، وعليكن أيتها الأخوات أن تتصدين لانتزاع حق المرأة كاملا فحقها ما أعطاها شرع الإسلام.

في أثناء الحمل والولادة تتعرض المرأة لثورة في كيانها، تحدث في جسمها، في دمها، في ما هنالك من كيماويات تسري في العروق وفي الدم، تحدث ثورة في الجسم فينشأ عنها ثورة عاطفية، هذه الثورة العاطفية ناشئة عن أسباب معقولة، فجسم المرأة بصدد تلقي خلق، نطفة فعلقة فمضغة ينشؤها الله تعالى النشأة الأولى ثم ينشؤها عظاما فيكسوها لحما، هي بصدد التعرض لهذه العملية العظيمة فيصحب ذلك ما تعانيه المرأة وحدها دون الرجل ثورة عارمة في كيانها. ينبغي للأزواج أن ينتبهوا إلى ذلك فيتحملوا من المرأة ما يجب أن يتحمل فلا يقهروها أثناء الحمل. ويبلغني أن كثيرا من حالات الطلاق تحدث أثناء الحمل، تتعرض المرأة لما تتعرض له فيظن بها الزوج ظنا سيئا فيلج لجاجه، وهي المسكينة ما شأنها اللجاج ولكنها تعاني في كيانها. فينبغي لكم؛ الحاضرين والحاضرات أن تقوموا ببث الوعي لهذه الحالات، وبث الدعوة إلى الرفق بالمسكينة التي توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بها: “رفقا بالقوارير” في حياته صلى الله عليه وسلم، و”استوصوا بالنساء خيرا” في حالة النزع.

يتبع


[1] تنوير المؤمنات ج2