انتقدت تنسيقية منظمات المجتمع المدني، اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 في ندوة صحافية بمدينة الرباط ما وصفته بـ “الانحراف التشريعي” في مسار تعديل قانون المسطرة الجنائية، الذي يمر في مرحلة المناقشة والمصادقة داخل الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي، مشددة على أن هذا المسار يتناقض مع التزامات المغرب الدولية من خلال من القيود التي تفرضها المادة 3 على مباشرة الدعوى العمومية بخصوص الجرائم التي تمس الأموال العمومية، وتلك التي تمنع المادة 7 بموجبها اللجوء إلى العدالة من طرف الجمعيات.
وانطلقت المبادرة من أهمية المكانة التي منحها الدستور المغربي كأعلى قانون في البلاد للمجتمع المدني لتؤكد مهمته الأساسية في مكافحة الفساد وحماية المال العام ومحاربة الرشوة والتصدي لكل مظاهر نهب المال العام أساسية، لافتة إلى أن كل مبادرة تشريعية تناقض هذا التوجه تعتبر “انحرافا تشريعيا” يهدف بالدرجة الأولى إلى سلب الجمعيات مهمة التبليغ والمطالبة بفتح التحقيقات القضائية اللازمة لترتيب الجزاء.
المبادرة المدنية المكونة لحد الآن من 26 هيئة وجمعية وشبكة، لمواكبة مستجدات تعديل قانون المسطرة الجنائية وخاصة المادتين 3 و7، قالت اليوم في ندوتها الصحافية في مقر الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب، إن مقتضيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، نصت على ضرورة “وضع كل دولة وتنفيذ أو ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد تعزز مشاركة المجتمع المدني وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة “
الندوة الصحافية التي أدارها الأستاذ أحمد البرنوصي نائب الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي المغرب، الذي لفت إلى أن الحكومة لم تتسرع فقط في التنصل من التزاماتها بحماية المال العام، وإنما تسرعت أيضا في حماية من يختلس المال العام، وقد تناول الكلمة إلى جانبه من أعضاء المبادرة كل من الأستاذ محمد النويني رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، والأستاذ عبد الإله بنعبد السلام منسق الائتلاف الحقوقي لهيئات حقوق الإنسان، والأستاذ سعد الطاوجني الكاتب العام لجمعية ترانسبرانسي، والأستاذ محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير.
وأبرزت الندوة التي حضرها عدد من المنابر الإعلامية والحقوقيين والمهتمين بمحاربة الفساد؛ تركيز المبادرة المدنية على الترافع من أجل التصدي للتعديلات المقترحة على المادتين 3 و 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية 23-03 حصرا، لكونها “تمس قانون المسطرة الجنائية، وتستهدف دور المجتمع المدني في التصدي لمظاهر الإفلات من العقاب المرتبطة بالجرائم المالية ونهب المال العام والإثراء غير المشروع”.
وأشارت المبادرة في تقريرها الصحافي الذي تلاه الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام على الصحافة، إلى أنها اجتمعت مع رئيس وأعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 17 يونيو الجاري وسلمتهم نسخة من المذكرة الترافعية وأطلعتهم على وجهة نظر المجتمع، مؤكدة ضرورة تدارك الأمر بمراجعة المادتين 3 و 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية لتصبح مطابقة لأحكام الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.
وشدد بعند السلام على أن الهدف من هذه المراجعة هو إسقاط “التطاول” على الحقوق الأساسية للمواطنين و”صيانة” صورة المغرب في المحافل الإقليمية والدولية، وتعزيز دور المجتمع المدني وخاصة الجمعيات التي تشتغل على محاربة الرشوة ومكافحة الفساد ونهب المال العام وتعزيز الشفافية في تدبير الشأن العام.
وأعادت الندوة الصحافية تذكير الرأي العام بعزمها تنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 01 يوليوز 2025 أمام البرلمان للتنديد بهذا الانحراف التشريعي الذي بادرت به الحكومة،
وأكدت الهيئات المشكلة للمبادرة في هذه الندوة الصحافية أنها فتحت نقاشا دستوريا وقانونيا لإعداد مذكرة تفصيلية “ستوجه إلى المحكمة الدستورية بخصوص مضامين هذا التعديل المخالف للدستور”، لافتة إلى أنها قد تضطر في حالة استنفاذ كل الوسائل الوطنية المتاحة إلى توجيه مراسلة إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وإلى مكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحكم الإشراف على إعمال مقتضيات الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها الدولة المغربية”.
وفي تفاعل أعضاء المبادرة مع أسئلة الصحافة، اعتبروا أن المبررات التي يسوقها وزير العدل لتسويغ مقترح حرمان هيئات المجتمع المدني من حقوقها في الترافع من أجل حماية المال العام ومكافحة الفساد “أقبح من الزلة”، حيث يذهب إلى أن الرقابة المشددة من قبل هذه الهيئات لحماية المال العام تشكل عائقا أمام تقديم الترشح لولوج المؤسسات المنتخبة، وهو التبرير الذي أثار سخرية كبيرة داخل قاعة الندوة.