قصيدةٌ ألقيَت في مهرجان احتفالي بحافظات القرآن الكريم
اَلْيَوْمَ يَنْطِقُ مَشْهُوداً لَهُ الْعَمَلُ ** حُقَّ الْهَنَاءُ وَحُقَّ الْفَخْرُ وَالْجَذَلُ
حُقَّ التَّحَدُّثُ بِالنُّعْمَى عَلَى مَلَأٍ ** وَالنَّفْسُ بَيْنَ رُبَى الْقُرْآنِ تَنْتَقِلُ
وَالْقَلْبُ فِي حُلَلِ الآيَاتِ مُبْتَسِمٌ ** نِعْمَ الْحُبُورُ وَنِعْمَ الآيُ وَالْحُلَلُ
وَالرُّوحُ تَحْمَدُ مَوْلاَهَا وَتَشْكُرُهُ ** تَرْجُو الْقَبُولَ وَللِرَّحْمَنِ تَبْتَهِلُ
حُقَّ السُّرُورُ فَإِنَّا أُمَّةٌ وَرِثَتْ ** حُبَّ الْكِتَابِ وَبِالْحُفَّاظِ تَحْتَفِلُ
اَلْيَوْمَ عِيدُ كِتَابِ اللهِ عَلَّ بِهِ ** تَغْشَى مَحَافِلَنَا بِالرَّحْمَةِ الظُّلَلُ
وَالذِّكْرُ يُرْسِلُ فِي الآذَانِ عِبْرَتَهُ ** كَيْ تَسْتَجِيبَ بِعَبْرَاتِ الرِّضَى الْمُقَلُ
وَالشِّعْرُ يُنْشِدُ فِي حَفْلِ الْهُدَى طَرَباً ** مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُ
اَلْيَوْمَ نَشْهَدُ تَتْوِيجاً لِمَنْ بَذَلَتْ ** زَهْرَ الزَّمَانِ فَلَانَتْ فِي الْمُنَى السُّبُلُ
اَلْيَوْمَ تَحْمِلُ تَاجَ الذِّكْرِ مَنْ أَمَلَتْ ** حِفْظَ الْكِتَابِ وَجَدَّتْ فَازْدَهَى الأَمَلُ
إِنَّ التَّزَكِّيَ بِالْقُرْآنِ لِامْرَأَةٍ ** أَجْدَى وَأَنْفَذُ مِمَّا يَقْدِرُ الرَّجُلُ
تُجْدِي السِّقَايَةُ فِي الأَجْيَالِ إِنْ شَرِبَتْ ** لَفْظَ الْقُرَانِ نُفُوسٌ مِنْهُ تَكْتَحِلُ
فَالطِّفْلُ تُبْصِرُ نُورَ الذِّكْرِ فِطْرَتُهُ ** وَالْحَقُّ يُنْشِئُهُ عَدْلاً فَيَعْتَدِلُ
وَالْعُودُ مِنْهُ يَظَلُّ الْعُمْرَ مُزْدَهِراً ** غَضَّ النَّضَارَةِ إِنْ أَقْرَانُهُ ذَبُلُوا
وَالْقَوْلُ مِنْهُ سَدِيدٌ بَيِّنٌ سَلِسٌ ** يَأْتِيهِ مُنْتَقِياً أَوْ شَاءَ يَرْتَجِلُ
إِنَّ الْكِتَابَ لَيَحْمِي النَّشْءَ مِنْ عَبَثٍ ** وَالأُمُّ تُزْهِرُ قُرْآناً هِيَ الْمَثَلُ
اَلأُمُّ جُنَّةُ غَرْسٍ إِنْ تَهَدَّدَهُ ** فِي بَدْأَةِ الْعُمُرِ الآفَاتُ وَالدَّغَلُ
مِنْ حِرْصِهَا لُغَةُ الْقُرْآنِ فِي كَنَفٍ ** أَنْ يَسْتَبِيحَ حِمَاهَا فِي الْوَرَى الْعَطَلُ
اَلأُمُّ مَدْرَسَةُ الأَجْيَالِ مَا زَرَعَتْ ** رَسْمَ الْكِتَابِ فَلاَ وَهْنٌ وَلاَ مَلَلُ
وَالْحَافِظَاتُ لِقُرْآنِ السَّمَا عَلَمٌ ** يَهْدِي وَيُشْرِقُ مِنْهُ السَّهْلُ وَالْجَبَلُ
وَالْحَائِزَاتُ وِسَامَ الْحِفْظِ زِدْنَ عُلاً ** كَالْوَبْلِ يَبْدَأُ رَشّاً ثُمَّ يَنْهَمِلُ
نِلْنَ الْقِرَاءَةَ مِنْ حُفَّاظِنَا سَنَداً ** وَالْعِلْمُ فِي سَنَدِ الْحُفَّاظِ مُتَّصِلُ
وَالْحِفْظُ فِي سَنَدٍ كَالرِّيِّ مِنْ نَهَرٍ ** أَوْ كَالنَّخِيلِ عَلَى التَّمْرَاتِ يَشْتَمِلُ
أَوْ مِثْلَ شَهْدِ حَفِيظٍ مُثْقَلاً عَسَلاً ** يَغْنَى الْحَفِيظُ وَيُوفِي الْحَاجَةَ الْعَسَلُ
للهِ صِدْقُ نِسَاءٍ لَمْ يَزَلْنَ عَلَى ** عَهْدِ الْقُرَانِ فَهَانَ الدَّهْرُ وَالشُّغُلُ
للهِ دَرُّ نِسَاءٍ يَسْتَبِقْنَ إِلَى ** حِفْظِ الْكِتَابِ فَهُنَّ الشَّامَةُ الأُوَلُ
للهِ شَأْنُ بُيُوتٍ لَمْ تَحِدْنَ بِهَا ** عَنْ دَأْبِكُنَّ وَلَمْ يَعْلَقْ بِهَا كَلَلُ
إِنَّ الْبُيُوتَ بِحِفْظِ الذِّكْرِ لَهْيَ لَنَا ** نِعْمَ الْبُيُوتُ بُيُوتُ اللهِ لاَ جَدَلُ
وَالْقَوْمُ إِنْ طَلَبُوا قُرْآنَهُمْ رُحِمُوا ** عِنْدَ الْبُيُوتِ وَيَغْشَاهُمْ نَدىً جَلَلُ
أَنْتُنَّ رَحْمَةُ عَصْرٍ مُعْرِضٍ تَلِفٍ ** أَنْتُنَّ أَكْرَمُ مَنْ تَحْفَى وَتَنْتَعِلُ
أَنْتُنَّ هِمَّةُ خَيْرٍ لَيْسَ تُدْرِكُهَا ** شُمُّ الْجِبَالِ وَلاَ يَسْعَى لَهَا زُحَلُ
إِنَّ الْقُرَانَ رَبِيعُ الْقَلْبِ مَا رَغِبَتْ ** نَفْسٌ إِلَيْهِ بِحُبٍّ لَيْسَ يُحْتَمَلُ
إِنَّ الْقُرَانَ ذَهَابُ الْهَمِّ مَا لَفَحَتْ ** نَارُ الْقُنُوطِ وَضَاقَتْ دُونَهَا الْحِيَلُ
إِنَّ الْقُرَانَ نَذِيرُ اللهِ مَا فَزِعَتْ ** نَفْسٌ إِلَيْهِ وَأَدْنَى حَبْلَهَا الْوَجَلُ
أَهْلُ الْقُرَانَ لَأَهْلُ اللهِ خَصَّهُمُ ** بِالْقُرْبِ مِنْهُ عَطَاءً فَوْقَ مَا بَذَلُوا
وَالعَامِلَاتُ لِنَشْرِ الذِّكْرِ أَحْسَنُنَا ** حَظّاً كَمَا عَمِلَتْ فِي الدَّعْوَةِ الرُّسُلُ
لَمْ يُودَعِ الْكَلِمُ الْقُدُّوسُ أَفْئِدَةً ** إِلاَّ لِأَنَّ قُلُوباً لِلْهُدَى نُزُلُ
يَفْضُلْنَ بِالشَّرَفِ السَّامِي، وَلاَ شَرَفٌ ** يَوْمَ التَّفَاضُلِ عِنْدَ اللهِ يُنْتَحَلُ
يَحْظَيْنَ يَوْمَئِذٍ بِالنُّورِ مُكْتَمِلاً ** رَاقِي الْمَرَاتِبِ لاَ نَقْصٌ وَلاَ خَلَلُ
يَا سَعْدَ مَنْ كَنَزَتْ فِي الرُّوحِ أَحْرُفَهُ ** لَمْ يُلْهِهَا أَبَداً عَنْ قَصْدِهَا بَدَلُ
يَا تَعْسَ مَنْ ذَهَلَتْ عَنْ رَبِّهَا وَجَرَتْ ** فِي سَرْحِهَا فَرَمَاهَا الشِّقْوَةَ الذَّهَلُ
كَمْ بَيْنَ نِعْمَةِ مَنْ فَازَتْ بِبَارئِهَا ** يَوْمَ الْمَفَازِ وَسِيقَتْ فِي الأُلَى قُبِلُوا
سَوْقَ الْكِرَامِ وَمَنْ سِيقَتْ مُصَفَّدَةً ** يَوْمَ التَّغَابُنِ إِذْلاَلاً لِمَنْ بَخِلُوا
جَازَى الشَّكُورُ نِسَاءً كَمْ سَهِرْنَ عَلَى ** قَدْحِ الزِّنَادِ فَعَزْمُ الْحِفْظِ مُشْتَعِلُ
وَالْهَمُّ مُنْبَعِثٌ وَالْحَزْمُ مُتَّزِرٌ ** وَالْقَصْدُ مُنْبَلِجٌ وَالْقَلْبُ مُتَّكِلُ
سُبْحَانَ مَنْ وَهَبَ الْقُرْآنَ بَسْطَتَهُ ** حَتَّى أَحَاطَ بِهِ فِي حِفْظِهِ الْقِبَلُ
لَوْلاَ تَيَسَّرَ فِي ذِكْرٍ لَمَا قَدَرَتْ ** نَفْسٌ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَنْفَدَ الأَجَلُ
أَنَّى يُرَدِّدُ وَحْيَ اللهِ مَنْ نُسِجَتْ ** فِيهِ الْخَلِيقَةُ تُرْباً مَسَّهُ الْبَلَلُ؟
تِلْكَ الْعِنَايَةُ يَا بُشْرَى لِمُدْرِكَةٍ ** قَدْرَ الْقُرَانِ وَلِلأَغْيَارِ تَعْتَزِلُ
صَلَّى الإِلَهُ عَلَى الْمَبْعُوثِ أَحْمَدِنَا ** لَوْلاَهُ مَا انْزَجَرَتْ عَنْ حَتْفِهَا الْهَمَلُ
لَوْلاَ النَّبِيُّ لَكُنَّا أُمَّةً فُرُطاً ** نَأْتِي الْمَعَادَ كَمَا يَأْتِيهِ مَنْ جَهِلُوا
إِنَّ الرَّسُولَ بِخُلْقِ الذِّكْرِ مُنْتَصِرٌ ** مَهْمَا تَقَوَّلَ مَنْ فِي الأَرْضِ أَوْ فَعَلُوا
إِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَهْوَ بِهِ ** هَدْيٌ تَشَخَّصَ لِلإِنْسَانِ مُكْتَمِلُ
صَلَّى عَلَيْهِ إِلَهُ الْعَرْشِ مَا لَمَعَتْ ** شَمْسُ الْكِتَابِ وَأَسْفَى عَنْهُ مُنْخَذِلُ