فـي إطار برنامجها السنوي، عقدت لجنة النصيحة والتربية التابعة للهيئة العامة للتربية والدعوة مجالس النصيحة يومي السبت والأحد 11 و12 الربيع الثاني 1439 هـ الموافق لــ: 31،30/12/2017، لمدارسة فضل مجالس الإيـمان، من خلال الأهداف الآتية:
– مواظبة المؤمنين على حضور المجالس الإيمانية،
– إحياء معاني المواساة والاحتضان،
– تفعيل الدور التربوي للمسؤولين الكفاءات.
أهداف تُوسِّل لتحقيقها من خلال مواد المجلس الأربع المعهودة، ففي مادة “الـمُـدارسة” وانسجاما مع المحور العام للمجلس اختير قوله تعالى من سورة الكهف وَاصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعْدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا 1، وفـي مادة “الإحسان” حُدد مبحث “حِلَقُ الذّكْـــــرِ” من الجزء الأول من كتاب الإحسان للإمام المرشد عبد السلام ياسين؛ أما “السيرة” فاحتفلت بالصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الذي تميز بحرصه على مجالس الإيمان وحاز بذلك شهادة ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يــرحمِ اللهُ ابنَ رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة”؛ أما “الموعظة”، فتولت التحفيز على فضيلتـيْ التجالس والتزاور فـي الله.
مواد تكاملت وتضافرت بسطتها مداخلاتُ الأطقم التأطيرية وأغنـتْها مداخلاتُ الحاضرين تشوفا لـما خص به المولى الكريم مَن اجتمع لتلاوة القرآن الكريم وتدارسه من أفضال: حُفوف الملائكة ونزول السكينة وغشيان الرحمة وتاجها ذكر الله لهم ومباهاته الملائكة بهم.
إن مجالس الإيمان التي رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي المواظبة عليها اغـتـــرافا من نورانيتها تعتبر من أنجع وسائل التربية الإيمانية، فـــــ“من أبجدية الإيمان الاجتماع على ذكر الله”، و“مِنْ أعلى العمل المقرِّب إلى الله عز وجل – يؤكد الإمام المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله فـي ذات المبحث – الجلوسُ فـي جماعة لذكر الله”، لذلك “كانت حِلقُ الذِّكــْــــر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثابتة ثبوت كتائب الجهاد، مقدسة قدسيَّتَها”. وفـي حديث الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يقول الرب عز وجل يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع من هم أهل الكرم”. فقيل: ومن هم أهل الكرم يا رسول الله! قال: “مجالسُ الذكر في المساجد”.
ومن الموافقات اللطيفة تزامن مجالس النصيحة هذه مع الذكرى الخامسة لرحيل الإمام، وهو ما أضفى على هذه المجالس روحانية خاصة، كيف لا والإمام المرشد رحمه الله حرَص غاية الحرص على تثبيت هذه المجالس والارتقاء بها والترغيب في حضورها. كما تزامنت مجالس النصيحة مع نهاية السنة الميلادية وما يصحبها من صخب وضوضاء احتفالا بحلول سنة جديدة؛ صخب وضوضاء تختزل ما يعيشه الانسان من هوس وحيرة، “فلا تكاد تسمع ذكر الله. والناس – يتحسر الإمام المرشد رحمه الله – غافلون، لاهون، مشتغلون بسفساف الأمور. هم منغمرون في الحياة الدنيا، لهوا ولعبا، وشكا وإلحادا، وغفلة عن الله. هذيان العالم ملعون، أي مُبعَد مُبعِد عن الله.قال رسول الله عليه وسلم: “الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالما ومتعلما”.
ومجالس الذكر كما كانت على عهد رسول الله ستبقى – ينبه الإمام المرشد رحمه الله – “دائرة نورانية عزيزة من دوائر السنة المحمدية على جند الله أن يعطوها حقها”؛ تعطى حقها للإسهام في تربية أجيال تعلقت منها القلوب بالله وشحذت منها الهمم وانتظم منها الصف للتعاون على أعباء بناء صرح أمة نالت منها قرون الاستبداد ووأدت لديها بعد الحق في الحرية والكرامة والعدالة الحق في طلب وجه الله والارتقاء في معارج الإيمان.
وللتذكير، فمجالس النصيحة تأسست منذ أزيد من ثلاث وعشرين سنة، مادتها الرئيسة ذكر الله والتذاكر فيه، وهي مجالس صحبة فـي الله وذكر لله وصدق فـي طلب وجهه الكريم، فيها تحيا قلوب وتستيقظ همم وتشحذ الإرادات. وهي مجالس، وتقديرا لقيمتها التربوية تـحظى بالإشــراف المباشــر لأعضاء مجلس الإرشاد، وهو ما يتيح فرصا ثمينة لتتشرب أجيال الجماعة من جيل البناة الذين حظوا بصحبة الإمام المرشد رحمه الله وغرفوا من نورانيته وما حباه المولى الكريم في شتى المجالات.
والحمد لله رب العالمين.