لا تضيع فرصة رمضان

Cover Image for لا تضيع فرصة رمضان
نشر بتاريخ

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: “آمين آمين آمين”. قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين آمين آمين. قال: “إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين” (1).

في مجلس نبوي مهيب وقد جلس الصحب الكرام رضوان الله عليهم بين يدي الحبيب يلتمسون من فيض كرم الله تعالى عليه ما تلين به القلوب وتطيب، وتزكو به الأنفس وترتقي في معراج القرب من السميع المجيب. صعد الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلّم المنبر على نحوٍ غريب، وأخذ يؤمّن عند كلّ عتبة صعدها وعند كل درجة رقاها.

أثار هذا التأمين فضول الصحابة رضي الله عنهم، إذ لم تكن عادته صلى الله عليه وسلّم فعل ذلك، لذلك لمّا خطب فيهم ونزل، سألوه عمّا حصل. فأخبرهم أنّ الروح الأمين عليه السلام أتاه عند كلّ عتبة رقاها فدعا وطلب منه التأمين.

كان للمنبر ثلاث درجات.. فكان لسيدنا جبريل عليه السلام ثلاث دعوات، ولمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاثة تأمينات.

هي إذن ثلاثة أدرع واقية من النيران.. ثلاثة سبل مشرعة نحو أبواب الجنان.. برّ الوالدين، واغتنام رمضان، وكثرة الصلاة على المصطفى العدنان.

وأخطر ما في هذا الحديث هو أن من ضيّع الفرص الذهبية وشأنُها عنده هان، واستخفّ بالأمر واستهان، فقد خسر الرهان وتعرض للهوان وأصابته حتما دعوةٌ اجتمع لها الأمينان، وكلاهما له الحظوة عند الرحمان.

أما وإنّ العبد المؤمن ليخاف أن تصيبه دعوة سوء من جهة الوالدين، أو من جهة أحد عباد الله الصالحين، أو من جهة ولي أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه، أو من جهة مظلوم مغموم يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ. أمّا هذه الدعوات الثلاث فقد اجتمع لها خير خلق الله أجمعين، سيد ولد آدم والروح الأمين..

فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وحزبه.


(1) رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحه وأبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في المعجم الأوسط والبيهقي في الشعب.