تنويه
جبلت النفس البشرية وانطوت على مطامح كثيرة، منها المحمودة ومنها المذمومة، ومن هذه الفطر المغروسة في الناس محبة المحمدة والذكر الحسن عند الأغيار.
الهدي النبوي الأول
ـ مِن أين يأتي الأمرُ بالقبول للعبد في الأرض؟
الجواب نجده عند الذي لا ينطق عن الهوى سيدنا ﷴ ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
“إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ.”
محبةُ الله لعبده المحبوب تستوجب مَحبة جبريل عليه السلام، وهذه تستجلب نداء إخباريا إلزاميا لأهل السماء، عليهم السلام، بوجوب محبة هذا العبد المحبوب. بعدها ينزل هذا النور للأرض على صورة قبول عام لهذا العبد المحبوب الموفق.
الهدي النبوي الثاني
ـ كيف ينال العبدُ الموفقُ محبةَ الله له؟
المفتاح نجده في هذا الحديث القدسي العظيم، الذي رواه بسند صحيح الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال:
“إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.”
يمكننا ترتيب خطوات الهدي باختصار كما يلي:
1 ـ يكف العبدُ الموفق أذاه عن الناس، ويحرص على مسالمة أولياء الله مخافة أن يُعلن اللهُ، عز وجل، الحربَ عليه. مع التزام الفرائض واجتناب النواهي.
2 ـ كل ذلك يفتح نوافذ النور في قلبه، فيطمع في الاستزادة من الخير، وتزول وحشته من أولياء الله، ويجد الحلاوة والطمأنينة والانشراح… في ملازمتهم ومعاشرتهم وصحبتهم…
3 ـ تلك الصحبة المباركة تقدح شرارةَ حب الله في قلبه، فيطمع في القرب، فيكثر من طَرْق الباب العظيم بكثرة الدعاء والنوافل وسائر القٌرٌبات من أعمال القلب والجوارح.
4 ـ والله حليم كريم رحيم ودود يفتح للعبد المُحِب البابَ فإذا هو في عالم “فإذا أحْبَبْتُهُ” الذي لا يستطيع مُعَبِّرٌ التعبيرَ عنه إلا بالبلاغ النبوي الشافي الكافي المعافي: الشافي للقلوب من أسقامها، الكافي للعقول من زيغها، المعافي للجوارح من انحرافها:
“فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ”.
5 ـ ولا يكون القَبولُ في الأرض لهذا العبد المحبوب إلا هدية أولية من رب العالمين مقدمة في دار الفناء بين يدي الهدية العظمى في دار البقاء.
الهدي الثالث
عن أَبي الدَّرداء، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: كانَ مِن دُعاءِ داود، عليه السلام:
“اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعمَل الَّذِي يُبَلِّغُني حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي، وأَهْلي، ومِن الماءِ البارِدِ” روَاهُ الترمذيُّ وَقَالَ: حديثٌ حسنٌ.
وآخر دعوانا أَنِ اِ۬لْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ اِ۬لْعَٰلَمِينَۖ ١