كل عام وأنتم بخير

Cover Image for كل عام وأنتم بخير
نشر بتاريخ

ويذهب عام فريد؛ شهد على تفاصيل أوجاعنا، انكشف في لياليه ذاك الضعف الذي طالما خبأناه وراء ابتسامات عددناها جدارا بين عالمين.

عالم تراه أعيننا، بما هو أحداث متسارعة ووباء انتشر فينا انتشار النار في الهشيم، ودعنا أحبابا سكنوا أفئدتنا، دفناهم تحت الثرى ودفنا معهم أحلاما نسجناها برفقتهم وخططا هندسوها بما تراكم من تجاربهم يستحيل تخيل تحققها في غيابهم. عالم كلما توسطت شمسه كبد السماء اشتد ظلامه وظلمه وعشعش في ثناياه. عالم انكشفت فيه حقائق زايلت بين عزة الأحرار وزيف الأشرار. عالم تحطمت فيه أرقام الخوف بشكل قياسي. عالم تلون بالحزن والكآبة والألم والقهر والدموع التي تمنعت عن الكف. عالم انفجرت فيه كل المكبوتات وأخرج فيه كل ذي هفوة ما كان مكتوما في جعبته. وتطايرت التعليقات وتنوعت التأويلات، واشتدت حيرة الحائرين؛ فتن كقطع الليل المظلم.

بالمقابل عالم آخر، تنفست فيه الروح الصعداء عندما اصطلحت كل ذات مع ربها تبسط أمامه صفحات لم يكتب على بياضها إلا لهو ولعب وزينة وتفاخر في الأولاد والأموال وتطاول في البنيان.

كانت لحظة مراجعة عميقة استدرك فيها من استدرك قيمة أن يُمْنَحَ الحياة ويعيشها حيا بمولاه. لم يكن الهم الأخروي يرابط في المخيال الجماعي للكثير ممن غاب عنهم سؤال المصير؛ ما قضيتي مع ربي؟ العودة إلى الله راحة بعد تعب، أمل بعد ألم، استعداد واستنفار لقواك الباطنية واستنفاد الوسع جهادا بمقدراتك العقلية.

إنا لله وإنا إليه راجعون؛ راجعون بعد كل غربة عشناها في التيه، راجعون بعد كل شتات سكن الفكر، راجعون شئنا أم أبينا لنكون لله. إنا لله بكل سكناتنا وحركاتنا، إنا لله في حزننا وأيضا في فرحنا، إنا لله بعقولنا وقلوبنا، إنا لله بأقلامنا مهما تعددت ألواننا، إنا لله بكل عرق حب ينبض فينا.

سنة جديدة متجددة مدعوون فيها لهجرة ما اعترانا من نقص كسبته أيدينا، تائبون نعم، لكن منطلقون بهمة نحو القمة.