بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه
في ذكرى وفاتك يا جدي الحبيب وروحك الطليقة ضيفنا قصدت أن ألقي على مسمع الحاضرين الكرام ما أظنك تحب أن تسمع.
ذكرى رحيلك يا جدي خنجر في صدور أحبابك وخشيت أن أزحزحه إن أطلقت العنان لكلامي وأنا أسرد ذكرياتي معك، لن أنسج إلا حزنا ولن أخلف إلا ألما، وسأَبكي وأُبكي وما كان هذا ليفرحك.
حرت فيما أقول ومددت يدي إليك لتأخذني بين كلمات وحروف أنسج نسجك ولا أقول إلا ما يرضيك ويرضي الله عني.
في يوم كهذا غادرتني وأحبابي تاركا مقعدك وقرآنك ومذياعك وتاركا قلبي فارغا لا يربط عليه إلا أن الله تعالى رادك إلي بعد حين، حين ينقضي أجلي فتقر عيناي بلقياك.
عيناي اللتان انفتحتا على بهاء محياك وعلى صدق محبتك، فظللت أرقبك بهما وأرقب أقلامك وجلستك وجمالك وأذانك وكلامك.
أدركت أنك لست كالناس، وأن لك صَنعة جميلة أحببتها حين أحببتك.
أدركت بعيني أنك أعليت الشراع حين أعليت الهمم، وأحكمت المنافذ حين أحكمت الأخوة والمحبة وأمددت بحبل الله المتين الذي عليه يُجتمع، أبدعت خرائطك ومغنطت بوصلة قلوب وجهتها الله وحده لا شريك له. أعليت اللواء عاليا لواء جماعة العدل والإحسان.
أدركت جدي الحبيب أن مُرساها وعد عظيم وعدنا به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: “ثم تكون خلافة على منهاج النبوة” .
موعودنا نبينا وراعينا هو بر الأمان الذي يسهل به فجر الخلافة على منهاج النبوة وتبزغ شمس دولة القرآن.
الطريق طويل والمستنقع قرون من فتن وكيد أعداء وفساد ووهن. لكن ما كان انتشال السفينة من أوحالها وإقلاعها على الله بعزيز هو العزيز الوهاب.
أدركت بعيني يا جدي الحبيب أن السفينة ليست كالسفن، إنها نورانية بنور القرآن ودعاء الرابطة والصلاة على سيدنا محمد ولا إله إلا الله.
وبما تلمح من إشارات منارة الغيب الواسع، أدركت جدي الحبيب أن الشرور شتى نستعيد بالله من شرور أنفسنا ومن كيد شياطين الإنس والجن، لكن أمن خوفي حين أدركت أن إخوتي وأخواتي جند الله هم رجال ونساء تصلح فيهم الآية الكريمة في سورة آل عمران: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ صدق الله العظيم.
اللهم أنرْ طريق سفينة أمة نبيك صلى الله عليه وسلم وأبلغها ما وعدتها على لسان حبيبك ونجّها من طوفان أضحى يداهمها.
آخر كلامي في هذا المجمع الكريم، لروحك العزيزة يا جدي، يا من وعدتني الصدق أن المرء يحشر مع القوم الذين سكن فؤاده حُبُّهم. أشهد هذا الملأ أنك أنت قومي وأنك أنت من سكن فؤادي حبك وأنني أرجو العلي القدير أن يحشرني معك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.