جاء في كتاب “عناية النساء بالحديث النبوي” تأليف أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان تحت عنوان صغير: “صورة من عناية عالم بزوجته” ص120. قال ابن الحاج:سمعت سيدي أبا محمد رحمه الله يقول لما أن تأهلت قلت للزوجة: لا تتحركي ولا تتكلمي بكلمة في غيبتي إلا وتعرضيها علي حين آتي، لأني مسؤول عن نفسي وعنك فأسأل عن عشر صلوات، ثم كذلك في جميع المأمورات، وكل ما أنا مطالب به من الفضائل وغيرها حتى بالغ معها بأن قال لها إن نقلت الكوز من موضع إلى موضع فأخبريني به. قال: وذلك خيفة من أن تتصرف في شيء تظن أنه لا يترتب عليه حكم شرعي، وقد يكون ذلك فيه.
فبقيت تخبرني بكل تصرفاتها إلى أن طال عليها ذلك فبقيت تخبرني بما يظهر لها في ذكره فائدة وتسكت عن الباقي، فوجدت نفسي قلقا خيفة أن يكون ما لم يظهر أن فيه فائدة قد يكون فيه ذلك؛ فبقيت إذا دخلت البيت ينطق الله لي جدار البيت حين أدخل فيقول لي جميع تصرفها، فأقول لها: هل بقي شيء؟ فتقول على ما ظهر لها هو ذاك، فأقول لها: وفعلت كذا وكذا؟ وأذكر لها بقية تصرفها، فتقول: أوَحْي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم! كان الباب علي مغلقا ولا أجد معي في البيت أحدا وكل ذلك قد فعلته، فمن أخبرك؟ فما بقيت بعد ذلك تتحرك بحركة حتى تخبرني )ثم علق عليه بقوله:فانظر رحمك الله تعالى وإيانا كيفية نظرهم إلى تخليص ذممهم، فهؤلاء هم الذين فهموا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:)“كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” 1 وعملوا به.
عجبت كثيرا من تصرف هذا العالم الجليل مع زوجته العزيزة عليه، ولاشك، وتجاذبتني أسئلة كثيرة تنم عن حيرتي:
• ما معنى المسؤولية عن الرعية في حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم؟
• هل من تمام فهم التوجيه النبوي الشريف وجميل العناية بالزوجة تعطيل عقلها وإلغاء كيانها؟
• هل عندما تتزوج المرأة يصبح زوجها مسئولا عن تصرفاتها صغيرها وكبيرها بما في ذلك ما يدخل في إطار حقوق الله عليها؟
•هل استشعار عظم المسؤولية وهم تخليص الذمة يبرر التجسس على الزوجة الحبيبة إلى حد استنطاق الحيطان عن أسرارها؟
• كيف ينتظر من امرأة مسلوبة الإرادة أن تربي أجيال المستقبل بهمم عالية وإرادات قوية؟
• أين هذا النموذج من التربية الرحيمة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ومعاملته لأزواجه؟
وعجبت أكثر من تعليق ابن الحاج رحمهم الله أجمعين، واعتباره مثل هذا التصرف من تمام الورع والتقوى! وتساءلت لِم غض الطرف عن شطر الحديث النبوي الشريف: “والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها”؟
ثم هدأت من روعي لما تذكرت أن أغير من رسول الله على دين الله لا يكون!
فتساءلت يا ترى ما الذي أوصل بعض علماء الأمة قبل عامتها لهذا الفهم لتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وتيقنت أن علي أن ألتمس الجواب في تاريخ الأمة وما حل بها من نكبات سياسية…
وللحديث بقية…