قمة السلام أم رغبة للاستسلام

Cover Image for قمة السلام أم رغبة للاستسلام
نشر بتاريخ

يوم 13 أكتوبر 2025، عقدت “قمة السلام” بشرم الشيخ بدولة مصر العربية. قمة سير أشغالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تحدث طويلا أمام ممثلي دول العالم، الذين اكتفوا بالتصفيق كلما ذكر الرجل الغربي بكلمة مفتاح أو نوه ببطولات وزرائه وجنرالاته “أبطال” الحرب على غزة الجريحة.

ومن كلماته المفتاح التي وجب الوقوف عندها وتذكير من له ذاكرة سريعة النسيان، قصد فك شفرة الخطاب الموسوم بالتاريخي: اتفاقية أبراهام والقوة والثروة.

اتفاقية أبراهام:

ذكر الرجل الأمريكي الزعماء العرب بما سمي باتفاقية أبراهام، قائلا: “أتمنى من الجميع الانضمام إلى اتفاقية أبراهام” والخطاب موجه بالأساس للعالم العربي والإسلامي؛ صاحب الثروة المادية الضخمة الواجب استثمارها في إعادة بناء مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا، وصاحب الثروة البشرية المستعصية على التطويع الواجب ترويضها بالعصا العربية.

سبب ذلك قضية طالما شكلت جوهر العقل العربي والإسلامي وقلبها النابض؛ ألا وهي “القضية الفلسطينية”.

‏القضية الفلسطينية

‎لطالما شكلت العلاقات العربية–الغربية محوراً حساساً في الشرق الأوسط منذ منتصف القرن العشرين، وكانت قضية فلسطين في قلب هذا الصراع.

‎السياق العام لاتفاقات أبراهام

‎تأتي اتفاقات أبراهام في سياق تحولات إقليمية ودولية، حيث سعت الولايات المتحدة لتعزيز تحالفات استراتيجية مع دول عربية، حيث وقّعت مجموعة دول عربية اتفاقات أبراهام مع الكيان المحتل في ظرف شهور معدودة من سنة 2020، وكأن الإدارة الأمريكية في تسارع مع الزمن لحدث متوقع في مكان ما!

طوفان الأقصى

شهدت غزة؛ تلك البقعة الصغيرة من الأرض، تطورات متسارعة خلال السنوات الأخيرة، وكان أبرزها عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7أكتوبر 2023، والتي شكّلت نقطة تحوّل في المشهد السياسي والعسكري في المنطقة. أثارت هذه العملية ردود فعل متباينة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وأعادت طرح العديد من القضايا الجوهرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مثل المقاومة، والاستيطان، والاحتلال، والموقف الدولي، والتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

بعد خمس سنوات من صفقة القرن المعلنة، كشف الرئيس الأمريكي خلفية الاتفاق:

  • مواجهة التحديات الإقليمية لتقويض محور الشر الممثل أساسا في النفوذ الإيراني بدعوى امتلاكها للطاقة النووية التي تسعى لاستعمالها لأغراض غير سلمية.
  • مكافحة الإرهاب بعد وضع منظومة فكرية متكاملة العناصر وتكوين دمى بشرية قابلة لتفجير ذواتها في أي بقعة من العالم ‎بهدف التشويش على أي مشروع تغييري وتشويه صورة العالم الإسلامي.
  • تطبيع ‎يحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية متعددة، منها: تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي، وتوسيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، فضلاً عن إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية لمواجهة التحديات المشتركة.

انعكاسات الاتفاق على المنطقة العربية

‎أدى الاتفاق إلى تحسن العلاقات بين مجموعة الدول العربية والولايات المتحدة والكيان المحتل، كما أثر على الديناميات الإقليمية من خلال تعزيز محور الاعتدال العربي. إلا أن القضية الفلسطينية لا تزال تشكل محورا حساسا في العلاقات العربية، مما يجعل النتائج طويلة المدى للاتفاقات غير محددة بعد.

القوة والثروة

“نحن قدمنا لكم الأسلحة وأنتم أحسنتم استعمالها”، قالها دونالد ترامب في الكنيست قبيل توجهه لقمة السلام يوم توقيع “وثيقة نهاية الحرب على غزة”. جملة تختزل تواطؤ الولايات المتحدة مع الاحتلال في بتر أطراف الأطفال وتقطيع أجساد الناس وارتكاب الإبادة الجماعية.

 أمر أكده الرئيس الأمريكي أمام زعماء العالم الغربي والعربي بادعائه امتلاك القوة والثروة لصناعة السلام في المنطقة؛ قوة التفوق التكنولوجي التي وظفت في المجال العسكري وثروة الصناديق العربية التي هي رهن إشارة الحاكم الأمريكي.

وبعد

‎تؤكد دراسة اتفاقات أبراهام أن التطبيع بين الدول العربية والكيان خطوة استراتيجية تؤثر على العلاقات الإقليمية والدور العربي في المنطقة برعاية غربية. يوصى بمواصلة البحث في آثار هذه الاتفاقات على الصعيد الداخلي والإقليمي، وتعزيز التوازن بين المصالح المحلية والدبلوماسية والمواقف العربية المشتركة.