قصتي مع القرآن

Cover Image for قصتي مع القرآن
نشر بتاريخ

قصتي مع كتاب الله تعالى قصة حب وعشق وهيام، وهي قبل ذلك قصة فضل وإنعام ومنة من المولى عز وجل .

كانت بدايتي مع كتاب الله منذ الصغر، حيث البيئة المحافظة التي تشجع النشء وتحببه في الشعائر الدينية، جزى الله والدي عني خير الجزاء وأوفاه .

فكنت بفضل ذلك الاحتضان، أداوم على تلاوة القرآن الكريم، وأذكر أنني كنت أخص بعض السور بالتلاوة دون غيرها .

ثم مرت السنين والأعوام، ورزقني الله صحبة صالحة لمجموعة طيبة من أخوات، كن يتنافسن على الخير، فاتفقنا على برنامج يومي حافل بالأذكار والنوافل، وخصصنا للقرآن وردا يوميا، فكنا إذا ختمنا آخر الشهر، أقمنا احتفالا صغيرا، فرحا وابتهاجا بفضل الله علينا؛ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (سورة يونس، الآية 58).

كان لهذا الورد اليومي من القرآن الكريم الأثر الحسن في تسهيل الحفظ، إذ اتفقنا على أن نزيد من جرعتنا القرآنية، فانتقلنا من التلاوة إلى الحفظ، وخصصنا يوما أسبوعيا للاستظهار، كل يحفظ على قدر استطاعته، فكنت ممن أكرمهن المولى بحفظ نصف حزب في الأسبوع، حتى وفقت بعون منه تعالى في ختم حفظه في مدة ثلاثة أعوام ونيف.

كانت ختمة أولية ينقصها الضبط، ولم نحظ خلالها إلا ببعض الدروس التجويدية، التي لم نتمكن من تطبيق معظمها.

لا أزعم أن طريقي مع القرآن كان من أوله طريقا معبدا بالورود، فخلال الختمة الثانية التي كنت أود تخصيصها لتثبيت حفظي، مرضت والدتي، فتفرغت لرعايتها، وبعدها أكرمني الله تعالى بطفل  يحتاج مني العناية والجهد والوقت، فاضطررت للتوقف الذي طال سقفه، إلى أن أذن الله تعالى، وسخر لنا إحدى المؤمنات التي دقت الأبواب، وكان لها الفضل في جمعي بالرفقة الطيبة القديمة من جديد في لقاء ذكر أسبوعي، نغنم منه كل ما يعيننا على أمور ديننا خير المدارسة في أمور والاستفادة من بعض الدروس الدينية، وكنا نخصص منها جزءا لاستظهار المحفوظ من القرآن، فختمت بذلك الختمة الثانية.

ثم تعاقب الكرم الإلهي، فنودي بنا نحن الأخوات الخاتمات إلى مدرسة قرآنية، تحت رعاية أخت ضابطة حريصة كريمة، فبدأ مشوار  الحفظ بالقواعد التجويدية، وبدأنا نتلقى دروسا في التجويد برواية ورش عن نافع، مع تصويب مخارج الحروف…

وبدأت سلسلة الامتحانات والمسابقات، فشمرنا على ساعد الجد، فضبطنا في العام الأول خمسة وأربعين حزبا، ثم أكملنا الباقي في العام الثاني ضبطا وتثبيتا.

ولعل من الأسباب المعينة على هذا الخير، والتي تنهض العزم، هو الثنائيات، حيث كنت أخصص في اليوم عدة محطات استظهارية مع أختين أو أكثر، فيشد بعضنا أزر بعض، فبلغنا بفضل الله تثبيت المتشابهات، وقد كان يظهر لنا تثبيت المتشابهات من الأماني المعسولة، لكن مع التكرار ثم التكرار ثم التكرار يجيء الفتح الإلهي.

وقد توجت مسيرتي مع القرآن الكريم، بفضل الله تعالى ومنه، بأخذ الإجازة على يد أخت متقنة مجازة، فجبرت ما كان من النقص…

جزى الله خيرا من علمنا، وجعل ثواب هذا العمل في ميزان حسنات كل من أعانني وساندني، وعلى رأسهم رفيق دربي، زوجي العزيز، الذي لا يزال يكلؤني بتشجيعه المستمر، وأيضا والدتي الغالية وأبنائي وإخواني. إنها شهادة حق، اعترافا مني بجميلهم، هو جميل أذكره لهم ما حييت.

إن مشوار القرآن هو مشوار السعادة، فالقرآن لا يمكنه إلا أن يأتي بالسعادة والفرح والحبور، كيف لا وقد قال المولى عز وجل: مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ (سورة طه، الآية 2).

نسأله تعالى أن يتقبل منا هذا الجهد، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، ولا يحرمنا وإياكم لذة القرآن، وحلاوة القرآن، ونور القرآن، وأجر القرآن. آمين والحمد لله رب العالمين.