يعرف الشارع العربي والإسلامي غضبة عارمة منذ حوالي 11 يوم من اجتياح القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية للأراضي العراقية… هذا الاجتياح الذي تجاوز كل مقاييس الإنسانية، و ضرب عرض الحائط كل المبادرات العربية والأممية، ليعلن للعالم أن أمريكا فوق القانون، وعلى الجميع أن يتفهمها كما هي.
وإذا كانت الأنظمة العربية عجزت عن اتخاذ قرار فاعل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الشرق الأوسط وبالضبط في أرض الرافدين، فإن الشعوب العربية كانت كعادتها سباقة للتضامن والرفض لهذا العدوان الغاشم.
وفي العاصمة الرباط بالمغرب كان الشارع على موعد مع مسيرة حاشدة دعت لها مجموعة العمل الوطنية لدعم العراق على الساعة التاسعة والنصف صباحا بباب الأحد، حيث توافدت الجماهير الغفيرة من كل حدب وصوب، متجاوزة وعثاء السفر، لتلتحم في “مسيرة الشعب المغربي” بشكل منظم وسلمي.
وقد تقدم المسيرة شخصيات إسلامية وحقوقية وسياسية وفلسطينية وعراقية.
هذا وقد ندد الأستاذ خالد السفياني بالخيانة الكويتية للعرب وقال:”نقول لحكام الكويت لستم عربا ولا مسلمين ومن العار أن يلصق اسمكم بالعرب والمسلمين” وأضاف:”أما أنت يابوش وبلير فإننا سنحاكما يوما على هذه الجرائم التي فاقت الخيال”.
ومن جهته اعتبر الأستاذ عمر أحرشان ـ عضو مبادرة دعم العراق وكاتب عام شبيبة العدل والإحسان ـ أن:”حضورنا اليوم بهذا الحشد الكبير هو دليل على رفضنا لهذا العدوان الظالم وما واكبه من تخاذل للحكام العرب الذين سعو لتقديم المساعدات من قريب ومن بعيد” ثم أضاف:”وكذلك وجودنا اليوم هو انضمام للحملة العالمية الواسعة الرافضة للحرب والداعية إلى السلم”. آلاف المغاربة كانوا على موعد اليوم الأحد ليعبروا جميعا وبصوت واحد عن تضامنهم اللامشروط مع إخوانهم في العراق،ومرددين لشعارات ” يكفينا يكفينا من الحروب ..أمريكا أمريكا عدوة الشعوب”، وهتافات تدين التواطؤ الأمريكي البريطاني الذي لا ينبني على أي قرارات دولية ” بوش بوش أَسَسَانْ .. توني بلير سُونْ شْيَانْ” ومتوعدين غطرسة أمريكا المدعومة سريا باستشارات إسرائيل بجيش سيأتي لا قبل لهم به:”خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود”، كما حمل المتظاهرون شارات تدين الحرب ولافتات تفضح المخطط الأمريكي الانفرادي:”إدارة أمريكا حليفة الصهيونية وعدوة الشعوب”، كما حمل آخرون نعشين لجامعة الدول العربية و الأمم المتحدة.
وقد حمل بعض الشباب مجسمات لشارون وبلير تم ضربها وسط صفير غفير، وحمل آخرون صورا تعبر عن مشاهد القصف الأمريكي الذي أسفر عن قتل مئات المدنيين من أطفال ونساء ورجال عزل، والذين قال الأمريكيون أنهم يستهدفون تحريرهم من صدام.ولم يكتف الشباب بهذا فحسب بل قام بعضهم بتمزيق لوحة إشهارية كبيرة لماكدونالدز أمام محطة القطار بالرباط.
وأمام حراسة عيون الأمن بكل ألوانه ورتبه التي تترصد هذه الجيوش الشعبية الزاحفة لم يتمالك باقي الواقفين على هامش المسيرة أنفسهم فانضموا أفواجا تلو الأفواج وكلهم حماس وغضب.تقول المواطنة حبيبة العلوي:”إني أوؤكد أن المرأة المغربية في قلبها حمية وغيرة على الإسلام والعروبة، وأعتبر أن الحرب على العراق عدوان سافر على ممتلكات الشعب ، وأن مطامع أمريكا تتلهف إلى الذهب الاسود وليس تحرير الشعب العراقي”.
وهتف مواطن آخر وهو يحمل في يده ضحايا قصف الأسلحة الأميريكية التي قيل أنها ذكية:” إذا كانت الأنظمة العربية عجزت عن اتخاذ قرار فاعل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في العراق، واكتفت بالبيانات والتلميح المحتشم جدا، فإنني في هذه المسيرة أقولها بكل ماأوتيت من قوة وليسمع العالم:لتسقط أمريكا ..لقد انكشف قناعها الديمقراطي، وتبين فعلا أن الأسلحة التي قالوا أنها ذكية ومتطورة لم تكن إلا مبررا لضرب مزيد من الضحايا الأبرياء لاحتلال نفط الشعب العراقي “.
نعم، لم يستطع الشارع المغربي كغيره من الشعوب العربية، أن يلجم إحساسه اتجاه ما يقع بأرض الصمود بغداد …مقابل الصمت الرسمي والهوان الذي لحق بالعرب في قممهم، وفي أحسن الأحوال يصدرون بيانات التنديد والشجب، ولكن أيديهم ممتدة بسخاء وبدون قيد أو شرط.
وقد كانت مشاركة النساء المغربيات جد مكثفة بحيث لم تستغرب سمية بنخلدون نائبة برلمانية عن حزب العدالة والتنمية من هذا الحشد واعتبرته ليس غريبا عن المرأة المغربية والشعب المغربي برمته وأضافت:”أن مايقع للعراقيين من قتل وتشريد وسط سكون وذل عربي يذكرنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:”بل أنتم غثاء كغثاء السيل” ونرجو من الله تعالى أن تكون هذه المسيرات بداية الخروج من الغثائية حتى تتوفر فينا شروط النصر”.
وتضيف الأستاذة ندية ياسين في تصريح لها أن :”المرأة المغربية جزء من الشعب المغربي وهو بدوره جزء من الأمة العربية والإسلامية، وهذا دليل على أن كل الأمة تعاني مما يعانيه الشعب العراقي والفلسطيني” وفي تعليق لها لها المسيرة تقول:”ونحن لا نحلم بأن هذه المسيرة كفيلة بتغيير الموقف الأمريكي وإنما نعتبر هذا مجرد تغيير رمزي للمنكر، ولعل الكلمة إذا ترددت وعلت هنا وهناك ربما توقظ الراي العام الأمريكي ليعيدوا انتخاب رئيسهم”.