في غزَّةَ الأقصى وعِزَّةِ الأقصى

Cover Image for في غزَّةَ الأقصى وعِزَّةِ الأقصى
نشر بتاريخ

لِباعَسُّو التَّهاني والأماني

فسجنُ الحُرِّ موسومٌ بِفَخْرِ
قضى سنةً يُقاومُ مَا يُعاني

مِنَ الإجحاف في قهرٍ وحصرِ
فَلَمْ يَكْسَل وهلْ يُجدي التواني

وعمرُ المرءِ طَيفٌ وَهْمُ غَمْرِ 1


فكانَ السجنُ خُلوَتَهُ قياما

وكانَ الذِّكرُ سُلوتَهُ اهتبالا
وكانَ الحَجْرُ بُغيتهُ صياما

وكانَ الحصْرُ عروتَهُ وصالا
وكانَ الحَبسُ طَفرتهُ اغتناما

وكانَ النَّصرُ حادِيَهُ نِضالا


بفريةِ كاذبٍ زورا وَجَوْرا

أُدِينَ وليسَ للبَاغي شُهودُ
سِوى منْ أرهبوا مكرا وغدرا

ومًنْ أغرَتْهُ مِنْ خَبّ نُقُودُ
بزعمٍ تجارة في الناس وزرا

قَضَوا والظلمُ ليسَ لهُ حُدودُ


مظاهرةٌ تَلَتْ أُخرى تِباعاً

“ومكناسُ الضَّنينُ بِهِ احتجاجُ
محاكمةٌ تلت أخرى سراعا

وللإحسانِ عَدْلٌ منهُ هاجوا 2
محامون أنْبَرَوا للحُكمِ طَوْعا

دُفوعاتٌ يُدَعِّمُها الحِجاجُ


“ولكنْ لا حياةَ لمن تنادي”

وهلْ لقضائِنا الواهي خيارُ
وهلْ للمُعتَدي إلا التمادي

ليبقى الأسرُ مهما القوم جاروا
وإعلامُ الهَوى قَلَمٌ يُعادي

عَصِيّا لمْ يُروِّضهُ الغِرَارُ 3


ودارُ المُبتلَى صارتْ مزارا

وزوجُ أَسيرِنا وجْهٌ صَبوحُ
 وقلبٌ ثابت أضْحَى منارا

لِأَبناءٍ يُراوِدُهُم طُمُوحُ
لينتظِموا أُسى اتَّخذوا مسارا

يُباركه الأبُ الشَّهمُ المَليحُ


إذا ما زُرتَهُم آنَسْتَ رُشْدًّا

كما لَوْ زارَ ذُو سَقَمٍ طَبيبَا
على الوجهِ ابتسامٌ شَعَّ وُدا

ولم تَرَ فيهِ حُزنا أو قُطوبا
ويلهجُ ثغرُهم بالذكرِ حمدا

يُنَسِّيكَ المصائبَ والكُروبَ


لأهلِ العدلِ والإحسانِ شُكري

علَى هذا الوفاءِ وذي الأُخُوة
صُمودُ أحبتي أزرى بشعري

وهل يعلو القصيدُ على الفُتوة
أبوهُم صادق رمزُ التَّحرِّي

ألا نِعْمَ الأُبُوةُ والبنوة


شهورٌ أدبرَتْ رَهْنَ اعتقالٍ

وأنْتُم مُقبِلونَ بلا تَرَدُّد
وذَا طوفانُ غزَّةَ خيرُ فَالٍ

لِقُربِ سَرَاحِهَا الآتي المُؤَكَد
وَوَعدُ اللهِ حقٌ لا يُبَالي

بمن خانَ العُهودَ ومن تهَوَّد


“ومن طلَبَ العُلا سَهِرَ الليالي”

ولم يركَن لنومٍ بلْ تهجَّد
ومَنْ عافَ الدُّنى بَذَلَ الغَوالي

كَفِعْلِ المُبتلى الغَالي مُحمَد
فلِلأَعْرابِ ” أَعرابٌ” مِثَالي

بَراءَتُه بِبُرهانٍ مُؤَيَّد


أتَتْ حَقًا على خَطَل 4 المُغالي

بِمَا يُزري بمَنْ أرغى وأزبد
ومنْ وشَّى 5 ومنْ قاضَى أَخاً لي

بِجُرمٍ لمْ يقعْ والله يَشْهَد
وذا استئنافُهم يُملي سُؤالي

مَضَى عام على الحُكمِ المُفَنَّد 6
لِمَ الإجحافُ حُكما والتَّعالي

ولا مَنْجَى مِنَ الحُكمِ المُؤبَد


بِنَارٍ سُعِّرَتْ بوَقودِ ناسٍ

خَئُونٌ أو خذولٌ أو غشومُ
وهلْ يُجدِيك في عُقْبَاكَ نَاسٍ

بأن العبد فانٍ لا يدومُ
سيرحَلُ كلُّ مظلوم وقاسٍ

“وعندَ اللهِ تجتمعُ الخُصومُ”


هنيئا سيدي أَعْرابُ دامت

لك الأفراحُ حُرا بَعْدَ سِجنِ
وشكرا لِلَّتي عانَت وصانت

ألا إن الهدى صَمَّامُ أَمْنِ
حَمَاسٌ في رُبوعِ القُدسِ قامَت

وقومتُنا تُريدُكَ للتبني


صلاتي والسلامُ عليكَ طهَ

صلاةَ مُتيَّمٍ يُخفي دُموعَه
صلاةُ مودِّعٍ جَارَ وضَاهى

صلاةَ مُودِّعٍ يُبدى خُشوعَه
لروحِ مُشفَّعٍ أهْدَى جَناها

نضيضا طيِّبا سَمْعا وَطَاعَه


صلاةً ريعُها سَكَن لِعبْدٍ

يُداوي بالصلاةِ سِقامَ جِسمه
وقربٌ من عُلى الهادي بوردٍ

يُرقِّي سَافلا لمُرادِ حُلْمِه
ويُسْلي صاحبا منْ بَعْدِ فَقْدِ

ويُنسيه المآسي إِثْرَ يُتمِه


[1] الغمر: الساذج.
[2] هاج الغاضبُ: ثارَ، صخِبَ، مَاجَ.
[3] غرار: كثير الإطماع بالباطل. الغرار: حدُّ السيفِ ونحوه.
[4] الخطل: فسادُ الرأي واضطرابُه.
[5] الوشي: الكذب، والوشي فعل المخبر الذي يخبر عن فلان معين.
[6] المفند: الحكم الذي تم تكذيبه واعتباره باطلا مدحضا.