باشر فضيلة الأستاذ محمد عبادي سلسلة دروس تخص كتاب الإمام عبد السلام ياسين الصادر مؤخرا “شعب الإيمان”، والذي يرتب شعب الإيمان تحت عشر خصال.
في هذه الحلقة من سلسلة “في رحاب شعب الإيمان”، التي تبثها قناة بصائر الإلكترونية، تناول العلامة محمد عبادي الشعبة الثانية (الحب في الله عز وجل) من الخصلة الأولى (الصحبة والجماعة)، الحديث رقم 46 إلى 50.
استهل الأستاذ عبادي كلمته، قبل الشروع في تناول موضوع الدرس، بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى “أن يجعل هذا الشهر، رجب، شهر بركة وفتح ونصر وتمكين للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها“، ونبه إلى أن هذا الشهر الكريم “هو من الأشهر الحرم التي أمر الله بتعظيمها، وألا نظلم أنفسنا فيها فلا تظلموا فيهن أنفسكم، وظلم الغير هو ظلم للنفس لأننا ذات واحدة، وظلم النفس يكون إما بإتيان المعاصي أو بترك الطاعات، والمعصية في الأشهر الحرم مضاعفة، والطاعة أيضا مضاعفة”، داعيا إلى أن “نكثر فيها من الإقبال على الله سبحانه وتعالى عز وجل”.
وذكّر العلامة أنه “لم يرد في فضل رجب حديث صحيح، كل الأحاديث الواردة في فضله إما موضوعة أو ضعيفة جدا، باستثناء ما ورد في الصيام في الأشهر الحرم كلها، كما قال صلى الله عليه وسلم: “صُمْ من الحُرُم ودَع”. نسأل الله تعالى أن يجعله فاتحة خير لنا وللمسلمين”.
وأوضح صاحب الإمام عبد السلام ياسين أن “الحبيب المرشد ساق في خصلة الصحبة والجماعة الكثير من الأحاديث، لأن الشيء إذا تكرر تقرر، ونلاحظ في عالم الدعاية كيف تبذل الشركات المصنعة الجهد الجهيد في سبيل ترويج منتوج ما بكثرة الدعاية له لجلب الانتباه لهذا المنتوج”. مؤكدا أن “هذا المنتوج النبوي، هذا العمل الجليل، وما يترتب عن الحب في الله تعالى يستحق أن تقضى فيه الليالي والشهور حتى يستقر المعنى في قلوبنا”.
ثم مر الأستاذ عبادي إلى تناول الحديث موضوع الدرس: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: “إِنَّ لِلَّهِ جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ – وَكِلْتَا يَدَيِ اللَّهِ يَمِينٌ – عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ، لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ وَلا صِدِّيقِينَ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: “الْـمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى”. (أخرجه الطبراني في الكبير، رقم: 12686، ورجاله ثقات). فعرف براوي الحديث سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قائلا: “توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتجاوز عمر الصحابي الجليل ابن عباس 15 سنة، وهو لا يزال في ريعان شبابه، وهو حبر الأمة وهو البحر، كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم فاستجاب الله دعاءه: “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”، فكان مصاحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في معظم أوقاته، ونتذكر الحديث المعروف الذي ينصحه فيه سيدنا رسول الله وهو لا يزال صغيرا حين أردفه وراءه “يا غلام، احفظ الله يحفظك..”، فنشأ في حضن النبوة، وكان آية من آيات الله في العلم، وكان حريصا على أخذ العلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة”.
وأورد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، لبيان فضل هذه الخصلة، حديث الولاية “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه”، وبيّن أنه تبعا لهذا الحديث فإن محبة الله سبحانه وتعالى تستدعي التقرب إليه بالنوافل و“هذا طريق طويل وشاق؛ “لا يزال”، وكم يستغرق من الزمن لكي ترتفع إلى منزلة حب الله سبحانه وتعالى”، في حين “أن هذا العمل البسيط يرفعك إلى هذه الدرجة بدون عناء، بدون كثرة صيام وصلاة وجهاد وصدقة. لأن الأعمال القلبية، كما يقول أهل الله تعالى، ذرّة منها لا تساويها جبال من أعمال الجوارح، فينبغي أن نستكثر من أعمال القلوب. أعمال الجوارح مظروفة بالزمان والمكان ولكن أعمال القلوب يمكنك أن تنجز منها في لحظة واحدة مئات الأعمال، بكثرة النيات وبكثرة المشاعر القلبية، مشاعر الرحمة والمحبة والعطف والحنان”.
وعن الحديث 50 الوارد في ذات الشعبة: الحب في الله تعالى، والذي نصه: عن نافع قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فسلم عليه ثم ولى عنه، فقلت: يا رسول الله والله إني لأحب هذا، قال: “هل أعلمته؟” قلت: لا، قال: “فأعلم ذاك أخاك”، قال: فاتبعته فأدركته، فأخذت بمنكبه فسلمت عليه، وقلت : والله إني لأحبك لله، قال هو : والله إني لأحبك لله، قلت: لولا النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن أعلمك لم أفعل”. أظهر الأستاذ عبادي أننا “إذا أحببنا أحدا في الله فينبغي أن نخبره، كما علّم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة”.
وعرف العلامة راوي الحديث مخبرا أن: “نافع المقصود هنا هو مولى ابن عمر ، وجده سيدنا عبد الله بن عمر وهو خارج في الجهاد صبيا صغيرا، فهو غير معروف النسب، وجاء به من الديلم إلى المدينة المنورة وعلمه فأصبح من أكابر العلماء، وبقي ملازما لسيدنا عبد الله بن عمر وأخذ عنه علم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عن بقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وهو ثقة، يقول فيه الإمام مالك رحمه الله وهو شيخه، فنسمع في رواية الأحاديث روى الإمام مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه السلسلة تدخل فيما يسمى السلاسل الذهبية، فالناس معادن، وهذا المعدن نفيس في الثقة وفي العلم وفي التثبت وفي رواية الحديث، فلا يتطرق الشك لما يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول الإمام مالك: “إذا قال نافع شيئا فاختم عليه”، والمعنى أنه حديث صحيح”.
هذه شذرات من درس الأستاذ الجليل محمد عبادي، ولمن أراد الاستفادة من الدرس كله، فليسمع الشريط التالي: