احتفل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ أول أمس الأحد باليوم العالمي للأب الذي صادف 21 يونيو هذه السنة، بأشكال وطرق مختلفة.
ويتم الاحتفال في عدة دول من بينها المغرب باليوم العالمي للأب في الأحد الثالث من يونيو من كل سنة، وقد تم تخصيص يوم للاحتفال به على غرار الاحتفال باليوم العالمي للأم.
فبينما كان هذا اليوم مناسبة للبعض، للاحتفال بالوالد في حضوره والتنويه بأدواره الأساسية في الأسرة، وترجمة معاني الشكر له، كان فرصة في المقابل للعديد ممن فقدوا آباءهم لتذكرهم والترحم عليهم والدعاء لهم بالرحمة والغفران.
واستحضر عدد من المدونين والمغردين بهذه المناسبة التضحيات الجسيمة للأب، وجهوده الجبارة سواء في بناء الأسرة وتوفير تكاليف حياتها، أو في تعهد الأبناء برعايتهم وتربيتهم.
وتزداد هذه المناسبة قيمة ورونقا، بمصادفتها هذه السنة ليوم ختام الحملة الإلكترونية التي تداولها ناشطون مغاربة “قرة العين” في سياق إعادة الاعتبار للعلاقة بين الآباء وأبنائهم، وتدعيم هذه العلاقة لضخ جرعات الود والمحبة في وسط الأسرة، ومقاومة مد تمييع هذه العلاقة وهدم بناء الأسرة كلها.
وفي الوقت الذي اكتفى فيه البعض بنشر صور آبائهم بدون أي تعليق، وأرفقها البعض بكلمات الشكر والدعاء بطول العمر والشفاء تارة والترحم تارة؛ ارتأى البعض الآخر إرفاق صورهم بقصص أو مواقف يحكون من خلالها علاقاتهم بآبائهم، أو يصورون طرائقهم في التأديب والتربية والتعليم.
اليوم العالمي للأب، اعتبره هؤلاء المدونون فرصة سانحة للبحث عن الخصال الحميدة في آبائهم، لمدحها والاعتزاز بها أولا، ثم للتخلق بها ثانيا، وإثبات الانتماء إلى الأصل الذي ارتضوه لأنفسهم والافتخار به.
لتكون العبارات التي أرفقها الكثير منهم بالصور التي نشروها، مترجمة للعلاقة الوطيدة بينهما، نرفق هنا بعضا من هذه التدوينات والصور في هذا السياق:
يونس الجعفري من مدينة فاس سلط الضوء في تدوينته على الجانب العلمي لوالده صاحب 77 عاما وحبه للكتابة والتأليف، كتب يقول: “والدي حفظه الله صاحب القلب الكبير، لا أجد كلمات توفيه حقه، يعكف على الكتابة والتأليف منذ 17 عاما بعد أن حصل على تقاعده، اتصلت به البارحة فحدثني حديثا مطولا لا يُمل منه عن فصول كتابه الجديد الذي كتبه في فترة الحجر…” ثم يضيف الجعفري مسترسلا عن التربية التي تلقاها منه قائلا: “ربانا هو والوالدة حفظها الله على الصدق والأخلاق والمثابرة”.
ثم يحكي الجعفري بلغة المتلهف إلى لحظات الصبا والطفولة التي قضاها بجانب والده فيقول: “لازلت أتذكر خطواتي بجانبه وأنا ذاهب إلى المدرسة وأنا أجاريه في خطواته السريعة والجادة فلا أستطيع، فلا أجد بدا من الجري لكي ألحقه… وأتذكر كذلك صوته الشجي بالقرآن حين كان يختمه كل رمضان جهرا. جزاه الله عنا خيرا”.
حميد لبيق من مدينة تاوجدات استحضر روح والده المتوفى، وكتب عن المناسبة بهذه العبارات “في عيد الأب..لم أتاخر !!هذا أبي.. سيدي محمد بن أحمد بن علال التواتي.. توفي سنة 1991 بالبيضاء، وهو الذي تعب التعب الشديد لتربيتي وإخوتي، فكلي طمع بدعاء الرحمة والمغفرة هدية منكم لروح أبي.. أحبابي ورفاقي في درب النضال.. والإعلام، والتدوين. رحمه الله رحمة واسعة ولقاه سرورا.. آمين آمين”.
حليمة من مدينة مكناس استحضرت هي الأخرى روح أبيها الذي توفاه الله قبل ثلاث سنوات فقط، وكتبت كلمات رقيقة، تترجم حجم المشاعر التي جمعتها به قيد حياته، كما تعبر عن فراغ تركه رحيله داخلها، وأرفقتها بصورة لها على قبره تقول: “افتقدتك، أشتاق إليك، أتخيلك، أحن إليك، أرى صورك، أتأمل ابتسامتك التي افتقدتها كثيرا، أستذكر البعض من أحاديثك، آه كم اشتقت إلى صوتك، وإلى يدك التي تمسح دمع عينيّ، سامحني يا أبي إن آذيتك بدموعي فليس للمشتاق حول ولا قوة. ولأني أحبك لا أطيل البكاء، أمسح دموعي ثم أبث دعواتي إلى خالقي أن يجمعني بك في الجنة #رحمك_الله_أبي”.
واستحضر الدكتور محمد رفيع في تدوينة له، مناقب والده الذي حج البيت الحرام مشيا على الأقدام جيئة وذهابا قبل أن يتوفاه الله سنة 1987، وما يصوره ذلك من جهد وشوق إلى ذاك المقام، ثم يذكر علاقته أيضا بالقرآن الكريم، يقول: “صورة الوالد رحمه الله رحمة واسعة وافية، وقد غادرنا منذ رمضان صيف 1987، وكان من شمائله أن أكرمه الله سنة 1952 أن حج بيت الله الحرام مشيا على الأقدام ذهابا وإيابا (سنة ذهابا وسنة إيابا). وكان محبا للقرآن وأهله وكان حريصا أيام حرص علي في حفظ القرآن. رفع الله قدره ورضي الله عنه”.
أما محمد من أبي الجعد فكتب عن الأب رابطا بين جيلين، ويصور تأثره بالطريقة التي يتعامل بها أبوه مع ابنه، أي علاقة الجد بالحفيد، فيقول: “عيد الأب… إنه والدي.. مثلما كان يلاعبني في صباي ها هو يلاعب ابني بنفس الحب بنفس العطف بنفس الحيوية..”، ثم يضيف “لن تعلم مكانة الأب حتى يرزقك الله تعالى بالأبناء. آن ذاك ستقول ذاك الدعاء الجميل “الله اسمح لينا من الوالدين” اسأل الله تعالى أن يجزيه عني خير الجزاء وأن يطيل عمره فيما يرضيه تعالى”.
أما عبد المجيد هجوجي من مدينة وجدة فوجد في اليوم العالمي للأب فرصة لينبش في التاريخ المشرق في الشرق لوالده الذي توفي سنة 2008 عن عمر يناهز التسعين عاما، باعتباره واحدا من المقاومين “الكبار” للمستعمر الفرنسي، فهو “احد مؤسسي جيش التحرير بجبال بني خالد نفذ العديد من العمليات ضد المستعمر وعملائه، صاحب كتاب “وقفات في ذاكرة المقاوم الحاج موسى هجوجي الكزناوي” أحد مؤسسي جمعية الشرفاء أهل العرقوب ببني درار، التي تعنى بالعمل الاجتماعي وبناء المساجد في قبيلة كزناية، حافظ لكتاب الله تعالى ومحب لأهل القرآن”.
هجوجي كتب عن جانب “الشهادة بالقسط” الذي اعتبره مشرقا في شخص والده، وقال في تدوينة له في فيسبوك: “قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين” حدثني أبي رحمه الله أنه لما أتم حفظ القرآن وهو في الرابعة عشرة من عمره، أن شجارا حدث بين والده وأحد جيرانه، فلما جاء ممثل السلطة الاستعمارية.. القائد أو خليفته.. سألوه عن المخطئ فأشار إلى جدي رحمه الله دون تردد..” ثم يضيف: “وعندما أنظر إلى حياته ومع ما أسمع عن سيرته، أشعر بفخر واعتزاز ويثلج صدري ما يقوله الناس عنه رحمه الله تعالى وأحسن إليه وإلى جميع المسلمين…”.