في الذكرى 1400 لاستشهاد الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان

Cover Image for في الذكرى 1400 لاستشهاد الخليفة الراشد سيدنا عثمان بن عفان
نشر بتاريخ

في هذه الأيام المباركة من شهر ذي الحجة تحل بنا الذكرى 1400 لاستشهاد الخليفة الراشد ذي النورين سيدنا ومولانا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه وجعلنا من رفاقه في الجنة مع سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

1- عثمان بن عفان

أورد الإمام السيوطي في كتابه حول الخلفاء في سيرة عثمان: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الأموي المكي ثم المدني أبو عمرو ويقال: أبو عبد الله وأبو ليلى. كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو فلما كان الإسلام ولدت له رقية عبد الله فاكتنى به.

وأمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ابن عبد مناف وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب بن هاشم توأمة أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأم عثمان بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم.

ولد في السنة السادسة من الفيل وأسلم قديماً وهو ممن دعاه الصديق إلى الإسلام وهاجر الهجرتين: الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة وتزوج رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وماتت عنده في ليالي غزوة بدر فتأخر عن بدر لتمريضها بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وآجره فهو معدود في البدريين بذلك.

وجاء البشير بنصر المسلمين ببدر يوم دفنوها بالمدينة فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أختها أم كلثوم وتوفيت عنده سنة تسع من الهجرة.

وأخرج ابن سعد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: لما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية فأوثقه رباطاً وقال ترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أدعك أبداً حتى تدع ما أنت عليه فقال عثمان: والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه.

وأخرج أبو يعلى عن أنس قال: أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “صحبهما الله إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط”.

وأخرج ابن عدي عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم قال لها: “إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد”.

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنا نشبه عثمان بأبينا إبراهيم”. وقال العلماء: ولا يعرف أحد تزوج بنتي نبي غيره ولذلك سمي ذا النورين فهو من السابقين الأولين وأول المهاجرين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وأحد الصحابة الذين جمعوا القرآن. وقال ابن سعد: استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعون حديثاً.

أخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن حاطب قال: ما رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث أتم حديثاً ولا أحسن من عثمان بن عفان إلا أنه كان رجلا يهاب الحديث. وأخرج عن محمد بن سيرين قال: كان أعلمهم بالمناسك عثمان وبعده ابن عمر.

وأخرج ابن عساكر من طرق أن عثمان كان رجلا ربعة: ليس بالقصير ولا بالطويل حسن الوجه أبيض مشرباً حمرة بوجهه نكتات جدري كثير اللحية عظيم الكراديس بعيد ما بين المنكبين خذل الساقين طويل الذراعين شعره قد كسا ذراعيه جعد الرأس أصلع أحسن الناس ثغراً جمته أسفل من أذنيه يخضب بالصفرة وكان قد شد أسنانه بالذهب.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن حزم المازني قال: رأيت عثمان بن عفان فما رأيت قط ذكراً ولا أنثى أحسن وجهاً منه.

وأخرج عن موسى بن طلحة قال: كان عثمان بن عفان أجمل الناس.

وأخرج ابن عساكر عن أسامة بن زيد قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزل عثمان بصحفة فيها لحم فدخلت فإذا رقية رضي الله عنها جالسة فجعلت مرة أنظر إلى وجه رقية ومرة أنظر إلى وجه عثمان فلما رجعت سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: “دخلت عليهما”؟ قلت: نعم قال: “فهل رأيت زوجاً أحسن منهما”؟ قلت: لا يا رسول الله.

وأخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع ثيابه حين دخل عثمان وقال: “ألا أستحيي من رجل تستحي منه الملائكة”.

وأخرج البخاري عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عثمان حين حوصر أشرف عليهم فقال: أنشدكم بالله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من جهز جيش العسرة فله الجنة”، فجهزتهم ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من حفر بئر رومة فله الجنة”، فحفرتها فصدقوه بما قال.

وأخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن خباب قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان يا رسول الله على مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقال عثمان: يا رسول علي مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله ثم حض على الجيش فقال عثمان: يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: “ما على عثمان ما عمل بعد هذه شيء”.

وأخرج الترمذي عن أنس والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها ويقول: “ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم” مرتين.

وأخرج الترمذي عن أنس قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايع الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن عثمان بن عفان في حاجة الله وحاجة رسوله” فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم.

وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقال: “يقتل فيها هذا مظلوماً عثمان”.

وأخرج الترمذي والحاكم وصححه وابن ماجة عن مرة بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فتنة يقربها فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان فأقبلت إليه بوجهي فقلت هذا قال: نعم.

وأخرج الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني”.

وأخرج الترمذي عن عثمان أنه قال يوم الدار: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً فأنا صابر عليه.

وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال: اشترى عثمان الجنة من النبي صلى الله عليه وسلم مرتين حيث حفر بئر رومة وحيث جهز جيش العسرة.

وأخرج ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عثمان من أشبه أصحابي بي خلقاً”.

وأخرج الطبراني عن عصمة بن مالك قال: لما ماتت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “زوجوا عثمان لو كان لي ثالثة لزوجته وما زوجته إلا بالوحي من الله”.

وأخرج ابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعثمان: “لو أن لي أربعين ابنة زوجتك واحدة بعد واحدة حتى لا يبقى منهن واحدة”.

وأخرج ابن عساكر عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “مر بي عثمان وعندي ملك من الملائكة فقال: شهيد يقتله قومه إنا نستحي منه”.

وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الملائكة لتستحي من عثمان كما تستحي من الله ورسوله”.

وأخرج ابن عساكر عن الحسن أنه ذكر عنده حياء عثمان فقال: إن كان ليكون جوف البيت والباب عليه مغلق فيضع ثوبه ليفيض عليه الماء فيمنعه الحياء أن يرفع صلبه.

2- الخليفة الراشد

بويع بالخلافة بعد دفن عمر بثلاث ليال فروي أن الناس كانوا يجتمعون في تلك الأيام إلى عبد الرحمن بن عوف يشاورونه ويناجونه فلا يخلو به رجل ذو رأي فيعدل بعثمان أحداً ولما جلس عبد الرحمن للمبايعة حمد الله وأثنى عليه وقال في كلامه: إني رأيت الناس يأبون إلا عثمان أخرجه ابن عساكر عن المسور بن مخرمة وفي رواية: أما بعد يا علي فإني قد نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا ثم أخذ بيد عثمان فقال: نبايعك على سنة الله وسنة رسوله وسنة الخليفتين بعده فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار.

وأخرج ابن سعد عن أنس قال: أرسل عمر إلى أبي طلحة الأنصاري قبل أن يموت بساعة فقال: كن في خمسين من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت فقم على ذلك الباب بأصحابك فلا تترك أحداً يدخل عليهم ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم.

وفي مسند أحمد عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً؟ قال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر؟ فقال فيما استطعت ثم عرضت ذلك على عثمان فقال: نعم.

ويروى أن عبد الرحمن قال لعثمان في خلوة: إن لم أبايعك فمن تشير علي؟ قال: علي وقال لعلي: إن لم أبايعك فمن تشير علي؟ قال عثمان ثم دعا الزبير فقال: إن لم أبايعك فمن تشير علي؟ قال: علي أو عثمان ثم دعا سعداً فقال من تشير علي؟ فأما أنا وأنت فلا نريدها فقال عثمان ثم استشار عبد الرحمن الأعيان فرأى هوى أكثرهم في عثمان.

وأخرج ابن سعد والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما بويع عثمان: أمرنا خير من بقي ولم نأل.

وفي هذه السنة من خلافته فتحت الري وكانت فتحت وانتفضت وفيها أصاب الناس رعاف كثير فقيل لها: سنة الرعاف وأصاب عثمان رعاف حتى تخلف عن الحج وأوصى وفيها فتح من الروم حصون كثيرة وفيها ولي عثمان الكوفة سعد بن أبي وقاص وعزل المغيرة.

وفي سنة خمس وعشرين عزل عثمان سعداً عن الكوفة وولي الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو صحابي أخو عثمان لأمه، وذلك أول ما نقم عليه، لأنه آثر أقاربه بالولايات. وحكى أن الوليد صلى بهم الصبح أربعاً وهو سكران ثم التفت إليهم فقال أزيدكم؟

وفي سنة ست وعشرين زاد عثمان في المسجد الحرام ووسعه واشترى أماكن للزيادة وفيها فتحت سابور.

وفي سنة سبع وعشرين غزا معاوية قبرس فركب البحر بالجيوش وكان معهم عبادة بن الصامت وزوجته أم حرام بنت ملحان الأنصارية فسقطت عن دابتها فماتت شهيدة هناك. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها بهذا الجيش ودعا لها بأن تكون منهم فدفنت بقبرس وفيها فتحت أرجان ودرا بجرد وفيها عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فغزا أفريقية فافتتحها سهلا وجبلا فأصاب كل إنسان من الجيش ألف دينار وقيل ثلاثة آلاف دينار.

وفي سنة تسع وعشرين فتحت إصطخر عنوة وفسا وغير ذلك وفيها زاد عثمان في مسجد المدينة ووسعه وبناه بالحجارة المنقوشة وجعل عمدة من حجارة وسقفه بالساج وجعل طوله ستين ومائة ذراع وعرضه خمسين ومائة ذراع.

وفي سنة ثلاثين فتحت جور وبلاد كثيرة من أرض خراسان وفتحت نيسابور صلحاً وقيل عنوة وطوس وسرخس كلاهما صلحاً وكذا مرو وبيهق. ولما فتحت هذه البلاد الواسعة كثر الخراج على عثمان وأتاه المال من كل وجه حتى اتخذ له الخزائن وأدر الأرزاق، وكان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة في كل بدرة أربعة آلاف أوقية.

وفي سنة إحدى وثلاثين توفي أبو سفيان بن حرب والد معاوية وفيها مات الحكم بن أبي العاص عم عثمان رضي الله عنه.

وفي سنة اثنتين وثلاثين توفي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه عثمان، وفيها توفي عبد الرحمن بن عوف أحد العشر من السابقين الأولين، تصدق مرة بأربعين ألفاً وبقافلة جاءت من الشام كما هي وفيها مات عبد الله بن مسعود الهذلي أحد القراء الأربعة ومن أهل السوابق في الإسلام ومن علماء الصحابة المشهورين بسعة العلم وفيها مات أبو الدرداء الخزرجي الزاهد الحكيم ولي قضاء دمشق لمعاوية وفيها توفي أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري صادق اللهجة وفيها مات زيد بن عبد الله بن عبد ربه الأنصاري الذي أرى الآذان.

وفي سنة ثلاث وثلاثين توفي المقداد بن الأسود في أرضه بالجرف وحمل إلى المدينة وفيها غزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح الحبشة.

وفي سنة أربع وثلاثين أخرج أهل الكوفة سعيد بن العاص ورضوا بأبي موسى الأشعري.

وفي سنة خمس وثلاثين كان مقتل عثمان.

3- استشهاده رضي الله عنه وأرضاه

قال الزهري: ولي عثمان الخلافة اثنتي عشرة سنة يعمل ست سنين لا ينقم الناس عليه شيئاً وإنه لأحب إلى قريش من عمر بن الخطاب لأن عمر كان شديداً، عليهم فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم ثم توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الست الأواخر وكتب لمروان بخمس إفريقية وأعطى أقرباءه وأهل بيته المال وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها وقال إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما وإن أخذته فقسمته في أقربائي، فأنكر الناس عليه ذلك أخرجه ابن سعد. وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن الزهري قال: قلت سعيد بن المسيب: هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان وما كان شأن الناس وشأنه؟ ولم خذله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن المسيب: قتل عثمان مظلوماً ومن قتله كان ظالماً ومن خذله كان معذوراً فقلت: كيف كان ذلك؟ قال إن عثمان لما ولي كره ولايته نفر من الصحابة لأن عثمان كان يحب قومه فولى الناس اثنتي عشرة سنة وكان كثيراً ما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة فكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد وكان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم وذلك في سنة خمس وثلاثين، فلما كان في الست الأواخر استأثر بني عمه فولاهم وما أشرك معهم وأمرهم بتقوى الله فولى عبد الله ابن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه وقد كان قبل ذلك من عثمان هنأة إلى عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر فكانت بنو هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر وجاء أهل مصر يشكون من ابن أبي سرح، فكتب إليه كتاباً يتهدده فيه فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر ممن كان أتى عثمان فقتله. فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل فنزلوا المسجد وشكوا إلى الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد وأرسلت عائشة رضي الله عنها إليه فقالت: تقدم إليك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت؟ فهذا قد قتل منهم رجلاً فأنصفهم من عاملك ودخل عليه على بن أبي طالب فقال إنما يسألونك رجلا مكان رجل وقد ادعوا قبله دماً فأعزله عنهم واقض بينهم فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه فقال لهم اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر فقالوا استعمل علينا محمد بن أبي بكر فكتب عهده وولاه وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سرح. فخرج محمد ومن معه فلما كان على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير خبطاً كأنه رجل يطلب أو يطلب فقال له أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما قصتك وما شأنك؟ كأنك هارب أو طالب فقال لهم أنا غلام أمير المؤمنين وجهني إلى عامل مصر فقال له رجل: هذا عامل مصر قال ليس هذا أريد وأخبر بأمره محمد بن أبي بكر فبعث في طلبه رجلا فأخذه فجاء به إليه فقال غلام من أنت فأقبل مرة يقول أنا غلام أمير المؤمنين ومرة يقول أنا غلام مروان حتى عرفه رجل أنه لعثمان فقال له محمد إلى من أرسلت قال إلى عامل مصر قال بماذا قال برسالة قال معك كتاب قال لا ففتشوه فلم يجدوا معه كتاباً وكانت معه إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل فحركوه ليخرج فلم يخرج فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح. فجمع محمد من كان عنده من المهاجرين والأنصار وغيرهم ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد وفلان وفلان فاحتل في قتلهم وأبطل كتابه وقر على عملك حتى يأتيك رأيي واحبس من يجيء إلى يتظلم منك ليأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله تعالى فلما قرأوا الكتاب فزعوا وأزمعوا فرجعوا إلى المدينة وختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه ودفع الكتاب إلى رجل منهم وقدموا المدينة فجمعوا طلحة والزبير وعلياً وسعداً ومن كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثم فضوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغلام وأقرأوهم الكتاب فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق على عثمان وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر حنقاً وغيظاً وقام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلحقوا بمنازلهم ما منهم أحد إلا وهو مغتم لما قرأوا الكتاب وحاصر الناس عثمان سنة خمس وثلاثين وأجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم. فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من الصحابة كلهم بدري ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغلام والبعير فقال له علي هذا الغلام غلامك قال نعم قال والبعير بعيرك قال: نعم قال: فأنت كتبت هذا الكتاب قال: لا وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا علم لي به قال له علي: فالخاتم خاتمك قال: نعم قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك وبكتاب عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر قط وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان وشكوا في أمر عثمان وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى وكان مروان عنده في الدار فخرج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من عنده غضاباً وشكوا في أمره وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل إلا أن قوماً قالوا: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحثه ونعرف حال الكتاب وكيف يأمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بغير حق؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه وإن يكن مروان كتب على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان ولزموا بيوتهم وأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان وخشي عليه القتل وحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء فأشرف على الناس فقال أفيكم علي؟ فقالوا لا قال: أفيكم سعد؟ قالوا لا فسكت ثم قال: ألا أحد يبلغ علياً فيسقينا ماء فبلغ ذلك علياً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء فما كادت تصل إليه وجرح بسببها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصل الماء إليه فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله فقال: إنما أردنا منه مروان فأما قتل عثمان فلا. وقال للحسن والحسين اذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه وبعث عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان ويسألونه إخراج مروان فلما رأى ذلك الناس رموا باب عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن علي بالدماء على بابه وأصاب مروان سهم وهو في الدار وخضب محمد بن طلحة وشج قنبر مولى علي فخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيروها فتنة فأخذ بيد الرجلين فقال لهما إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن كشف الناس عن عثمان وبطل ما نريد ولكن اذهبوا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم به أحد فتسور محمد وصاحباه من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان ولا يعلم أحد ممن كان معه لأن كل من كان معه كانوا فوق البيوت ولم يكن معه إلا امرأته فقال لهما محمد: مكانكما فإن معه امرأته حتى أبدأكما بالدخول فإذا أنا ضبطته فادخلا فتوجاه حتى تقتلاه فدخل محمد فأخذ بلحيته فقال له عثمان والله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني فتراخت يده ودخل الرجلان عليه فتوجآه حتى قتلاه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما كان في الدار من الجلبة وصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل فدخل الناس فوجدوه مذبوحاً وبلغ الخبر علياً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بالمدينة فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولا فاسترجعوا وقال علي لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن وضرب صدر الحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وخرج وهو غضبان حتى أتى منزله وجاء الناس يهرعون إليه فقالوا له نبايعك فمد يدك فلا بد من أمير فقال علي ليس ذلك إليكم إنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً فقالوا له ما نرى أحداً أحق بها منك مد يدك نبايعك فبايعوه وهرب مروان وولده وجاء علي إلى امرأة عثمان فقال لها من قتل عثمان قالت لا أدري دخل عليه رجلان لا أعرفهما ومعهما محمد ابن أبي بكر وأخبرت علياً والناس بما صنع محمد فدعا علي محمداً فسأله عما ذكرت امرأة عثمان؟ فقال محمد: لم تكذب قد والله دخلت عليه وأنا أريد قتله فذكرني أبي فقمت عنه وأنا تائب إلى الله تعالى والله ما قتلته ولا أمسكته فقالت امرأته صدق ولكنه أدخلهما.قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك وبكتاب عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر قط وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان وشكوا في أمر عثمان وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى. وكان مروان عنده في الدار فخرج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من عنده غضاباً وشكوا في أمره وعلموا أن عثمان لا يحلف بباطل إلا أن قوماً قالوا: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحثه ونعرف حال الكتاب وكيف يأمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بغير حق؟ فإن يكن عثمان كتبه عزلناه وإن يكن مروان كتب على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان ولزموا بيوتهم وأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان وخشي عليه القتل وحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء فأشرف على الناس فقال أفيكم علي؟ فقالوا لا قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا فسكت ثم قال: ألا أحد يبلغ علياً فيسقينا ماء فبلغ ذلك علياً فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء فما كادت تصل إليه وجرح بسببها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصل الماء إليه فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله فقال إنما أردنا منه مروان فأما قتل عثمان فلا وقال للحسن والحسين اذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه وبعث عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان ويسألونه إخراج مروان فلما رأى ذلك الناس رموا باب عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن علي بالدماء على بابه وأصاب مروان سهم وهو في الدار وخضب محمد بن طلحة وشج قنبر مولى علي فخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فيثيروها فتنة فأخذ بيد الرجلين فقال لهما إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن كشف الناس عن عثمان وبطل ما نريد ولكن اذهبوا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم به أحد فتسور محمد وصاحباه من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان ولا يعلم أحد ممن كان معه لأن كل من كان معه كانوا فوق البيوت ولم يكن معه إلا امرأته فقال لهما محمد: مكانكما فإن معه امرأته حتى أبدأكما بالدخول فإذا أنا ضبطته فادخلا فتوجاه حتى تقتلاه فدخل محمد فأخذ بلحيته فقال له عثمان والله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني فتراخت يده ودخل الرجلان عليه فتوجآه حتى قتلاه وخرجوا هاربين من حيث دخلوا وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما كان في الدار من الجلبة وصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل، فدخل الناس فوجدوه مذبوحاً وبلغ الخبر علياً وطلحة والزبير وسعداً ومن كان بالمدينة فخرجوا وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولا فاسترجعوا وقال علي لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن وضرب صدر الحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وخرج وهو غضبان حتى أتى منزله وجاء الناس يهرعون إليه فقالوا له نبايعك فمد يدك فلا بد من أمير فقال علي ليس ذلك إليكم إنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى علياً فقالوا له ما نرى أحداً أحق بها منك مد يدك نبايعك فبايعوه وهرب مروان وولده وجاء علي إلى امرأة عثمان فقال لها من قتل عثمان قالت لا أدري دخل عليه رجلان لا أعرفهما ومعهما محمد ابن أبي بكر وأخبرت علياً والناس بما صنع محمد فدعا علي محمداً فسأله عما ذكرت امرأة عثمان؟ فقال محمد: لم تكذب قد والله دخلت عليه وأنا أريد قتله فذكرني أبي فقمت عنه وأنا تائب إلى الله تعالى والله ما قتلته ولا أمسكته فقالت امرأته صدق ولكنه أدخلهما.

وأخرج ابن عساكر عن كنانة مولى صفية وغيره قالوا: قتل عثمان رجل من أهل مصر أزرق أشقر يقال له: حمار.

وأخرج أحمد عن المغيرة بن شعبة أنه دخل على عثمان وهو محصور فقال: إنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى وإني أعرض عليك خصالا ثلاثاً إحداهن: إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عدداً وقوة وأنت على الحق وهم على الباطل وإما أن تخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على راحلتك فتلحق بمكة فإنهم لن يستحلوك وأنت بها وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية فقال عثمان: أما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء وأما أن أخرج إلى مكة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم” فلن أكون أنا وأما أن ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن عساكر عن أبي ثور الفهمي قال: دخلت على عثمان وهو محصور فقال: لقد اختبأت عند ربي عشراً إني لرابع أربعة في الإسلام وأنكحني رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته ثم توفيت فأنكحني ابنته الأخرى وما تغنيت ولا تمنيت ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة إلا أن لا يكون عندي شيء فأعتقها بعد ذلك ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام قط ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان قتل عثمان في أواسط أيام التشريق من سنة خمس وثلاثين وقيل قتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء في حش كوكب بالبقيع وهو أول من دفن به وقيل كان قتله يوم الأربعاء وقيل يوم الاثنين لست بقين من ذي الحجة وكان له يوم قتل اثنتان وثمانون سنة وقيل: إحدى وثمانون سنة وقيل: أربع وثمانون وقيل: ست وثمانون وقيل: ثمان أو تسع وثمانون وقيل: تسعون قال قتادة: صلى عليه الزبير ودفنه وكان أوصى بذلك إليه.

وأخرج ابن عدي وابن عساكر من حديث أنس مرفوعاً “إن لله سيفاً مغموداً في غمده ما دام عثمان حياً فإذا قتل عثمان جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة” تفرد به عمرو بن فائد وله مناكير.

وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن أبي حبيب قال: بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان عامتهم جنوا.

وأخرج عن حذيفة قال أول الفتن قتل عثمان وآخر الفتن خروج الدجال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه وإن لم يدركه آمن به في قبره.

وأخرج عن ابن عباس قال: لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرموا بالحجارة من السماء.

وأخرج عن الحسن قال: قتل عثمان وعلي غائب في أرض له فلما بلغه قال: اللهم إني لم أرض ولم أمالئ.

وأخرج الحاكم وصححه عن قيس بن عباد قال: سمعت علياً يوم الجمل يقول: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان وأنكرت نفسي وجاؤوني للبيعة فقلت والله إني لأستحي أن أبايع قوماً قتلوا عثمان وإني لأستحيي من الله أن أبايع وعثمان لم يدفن بعد فانصرفوا فلما رجع الناس فسألوني البيعة قلت اللهم إني مشفق مما أقدم عليه ثم جاءت عزيمة فبايعت فقالوا: يا أمير المؤمنين فكأنما صدع قلبي وقلت:

اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى.

وأخرج ابن عساكر عن أبي خلدة الحنفي قال: سمعت علياً يقول إن بني أمية يزعمون أني قتلت عثمان ولا والله الذي لا إله إلا هو ما قتلت ولا مالأت ولقد نهيت فعصوني.

وأخرج الحاكم عن الشعبي قال: ما سمعت من مراثي عثمان أحسن من قول كعب بن مالك حيث قال:

فكف يديه ثم أغلق بابه

وأيقن أن الله ليس بغافل
وقال لأهل الدار: لا تقتلوهم

عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صب عليهم ال

عداوة والبغضاء بعد التواصل
وكيف رأيت الخير أدبر بعده

عن الناس إدبار الرياح الجوافل؟