عَجِيبٌ لَيْسَ يُشْبِهُهُ عَجِيبُ
وَمَسْخَرَةٌ وَلَيْسَ لَهَا مُجِيبُ
أَ شِبْرٌ وَسْطَ مَقْبَرَةٍ تَدَاعَى
لِيَرْدِمَ تُرْبَهُ الْجَيْشُ الْمَهِيبُ؟
وَهَلْ فِي دَوْلَةِ الْعُقَلَاءِ مَيْتٌ
يُزَجُّ إِلَيْهِ عَسْكَرُهَا الرَّهِيبُ؟
أَمَا رَجُلٌ بِدَوْلَتِنَا رَشِيدٌ
وَفِيرُ الْحِلْمِ وَقَّادٌ نَجِيبُ؟
أَمَا فِي دَوْلَةِ “الْعَضَلَاتِ” ثَبْتٌ
لَهُ مِنْ حِكْمَةِ الْعُقَلَا نَصِيبُ؟
أَيَا “هِيجِيلُ” دَوْلَتُنَا نَشَازٌ
وَأَصْدَقُ نَعْتِهَا طِفْلٌ لَعُوبُ
أَلَا فَابْكُوا لِدَوْلَتِنَا فَفِيهَا
وَلَيْسَ عَلَى فَقِيدَتِنَا النَّحِيبُ
فَقِيدَتُنَا كَشَمْسٍ فِي عُلَاهَا
سَتُشْرِقُ حِينَ فِي أُفْقٍ تَغِيبُ
فَقِيدَتُنَا تُوَاسِي الْعُمْرَ فِينَا
كَمَا يَحْنُو عَلَى كَلْمٍ طَبِيبُ
فَقِيدَتُنَا كَغَيْثِ النَّفْعِ يَهْمِي
فَيَزْهُو مِنْ بَشَاشَتِهِ الْخَصِيبُ
فَقِيدَتُنَا كَمِحْرَابٍ تُنَاجِي
بِهِ الْمَوْلَى عَلَى قُرْبٍ قُلُوبُ
فَقِيدَتُنَا الْبَهِيَّةُ عِطْرُ رُوحٍ
وَرِيحُ صَلَاتِهَا مِنَّا يَطِيبُ
أَ مَدْرَسَةَ الرِّجَالِ إِلَيْكِ آوَى
دُعَاةُ الْبِشْرِ شُبَّانٌ وَشِيبُ
كَجَامِعَةٍ وَتَنْسِلُ كُلِّيَاتٍ
وَمَا لِمَعِينِهَا أَبَداً نُضُوبُ
نَظَمْتِ الصَّبْرَ تَسْبِيحاً إِلَى أَنْ
أَتَتْ تَجْثُو عَلَى الرُّكَبِ الْكُرُوبُ
وَلَمْ أَرَ قَبْلَ صَبْرِكِ فِي الْبَرَايَا
بَلَاءً جَاثِياً وَلَهُ شُحُوبُ
أَتَى طَوْعاً وَلَازَمَ سَفْحَ طَوْدٍ
تَوَكُّلُهُ عَلَى الْمَوْلَى يُذِيبُ
دَفَنَّاهَا مُجَالَدَةً وَدَفْعاً
وَكَيْدُ الْمُرْجِفِينَ بِنَا كَئِيبُ
أَلَا فَاعْجَبْ لِبَانِيَةٍ بِصَمْتٍ
وَلَمْ يُسْمَعْ لِخَافِقِهَا وَجِيبُ
وَحَامِلةٍ جِبَالاً فِي خَفَاءٍ
فَأَنْطَقَهَا عَلَى قَدَرٍ رَقِيبُ
وَجَلَّى الْمَوْتُ مِنْ أَمَةٍ جِهَاداً
كَأَنَّ الْمَوْتَ مَبْعُوثٌ خَطِيبُ
لِتَسْمَعَ ذِكْرَهَا الْأَكْوَانُ طُرّاً
وَتُكْشَفَ فِي مَكَانَتِهَا الْغُيُوبُ
فَمَنْ كَانَتْ لِمُرْشِدِنَا ظَهِيراً
وَحِصْناً حِينَ أَمَّتْهُ الْخُطُوبُ
حَبَاهَا بِالْكَرَامَةِ قَيْدَ نَعْشٍ
وَجَمَّلَهَا بِمَا تَهْوَى الْوَهُوبُ
بِدَفْنٍ قُرْبَ حِبٍّ فِي هَوَاهُ
نَقِيرُ الْأَرْضِ مُتَّسَعٌ رَحِيبُ
عَلَيْهَا رَحْمَةُ الْمَوْلَى تِبَاعاً
وَتَكْرِمَةٌ وَإِنْعَامٌ صَبِيبُ