فضيلة ذ. عبادي يعرض مواصفات الشخصية الجهادية الصحابية ويدل على طريق اكتسابها

Cover Image for فضيلة ذ. عبادي يعرض مواصفات الشخصية الجهادية الصحابية ويدل على طريق اكتسابها
نشر بتاريخ

وقف فضيلة الأستاذ محمد عبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، في كلمة جامعة ألقاها خلال مجلس النصيحة الذي نظمته الجماعة ليل السبت 7 جمادى الثانية 1444هـ/31 دجنبر 2022م في إطار أنشطتها التي تخلد الذكرى العاشرة لرحيل مؤسسها الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى، على جملة ذكرها أحد الإخوة أثناء عرضه؛ “سنة الله في التابع والمتبوع” يقول فيها الإمام المرشد رحمه الله: المطلوب اكتساب الشخصية الجهادية الصحابية، ليطرح مجموعة من الأسئلة: ما المطلوب منا؟ هذه الشخصية الصحابية كيف نكتسبها؟ ما هي مواصفاتها؟ ما هو السبيل إليها؟ لتكون مداخلته عبارة عن إجابات لها.

للدلالة على ماهية هذه الشخصية رجع فضيلة الأستاذ محمد عبادي لكتاب “إمامة الأمة” للإمام المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله، والذي “يتحدث فيه عن مواصفات أخ العدل والإحسان، التي ينبغي أن يتصف بها كل واحد منا أخا وأختا”. وهي صفات مجموعة في خصال عشر دلنا عليها المتحدث مختصرة، كما يلي:

“- ما يميزها عن بقية الناس أنها شخصية مؤمنة ذات روحانية عالية، هذه الروحانية تكتسب من خلال الصحبة والذكر.

– شخصية مندمجة في المجتمع، يقودها حب الله وحب رسوله إلى حب المؤمنين لتتعاون معهم على أداء مراد الله سبحانه وتعالى عز وجل من عباده؛ من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وسعي لإقامة شرع الله سبحانه وتعالى عز وجل.

– شخصية صادقة مصدقة بغيب الله سبحانه وتعالى عز وجل، ثابتة لا تتغير ولا تتزعزع.

– شخصية باذلة للمال والجهد والنفس في سبيل إرضاء الله سبحانه وتعالى عز وجل ولنصرة المستضعفين في الأرض.

– شخصية عالمة بعلم الحق وعلم الكون؛ علم الحق نصل به إلى مرتبة الاجتهاد، وعلم الكون نتفوق به على ما يتبجح به علينا الغرب من هذه العلوم التي أثلها المسلمون في البداية وصادرها غيرنا.

– شخصية عاملة، تبذل كل جهد في إرضاء الله سبحانه وتعالى عز وجل، وتخف لكل عمل صالح.

– شخصية متميزة بسمتها، الظاهر والباطن قلبا وقالبا فكرا وعقلا، عن السمت الجاهل، عن الشخصية الجاهلية، ونحن نرى أن السمت الجاهلي هو الذي يسود المجتمع البشري، ونحن ضحية لهذا السمت فلابد أن نسترجع هويتنا وسمتنا.

– شخصية صامدة أمام الأعاصير؛ التؤدة، لا تستخف، ثابتة على الحق.

– شخصية مقتصدة قاصدة إلى الله سبحانه وتعالى عز وجل. المفهوم الذي أعطاه الحبيب المرشد رحمه الله يشمل القصد إلى الله سبحانه وتعالى عز وجل ويشمل تدبير شؤون المال.

– شخصية مجاهدة، حاملة لراية الإسلام تنشرها في الآفاق”.

وبعد بسط الأستاذ عبادي للمواصفات المطلوبة في أعضاء الجماعة إخوة وأخوات، انتقل ليدل السامعين على طريقة اكتسابها، في جوابه عن سؤال: كيف نتربى عليها؟

وفي ذلك أوضح “أن هذه الخصال العشر جامعة لشعب الإيمان، ونحن ننشد الإحسان، فمن جمع شعب الإيمان فقد ارتقى إلى مقام الإحسان، لأن الإحسان ليس شيئا زائدا عن الإيمان والإسلام، عندما نمارس الإسلام كما ينبغي أن يمارس بصدق ويقين فذاك هو الإحسان، وعندما نتصف بشعب الإيمان كلها فذاك هو الإحسان، وعندما نؤدي الإسلام بإتقان فهو عين الإحسان”.

وطرح الأمين العام لجماعة العدل والإحسان سؤال: من أين نستمد هذه القوة؟ ليرشد إلى طريق التحقق بهذه المعاني العظيمة، وهي “التربية”، “يوما بعد يوم ونحن نترقى في سلم هذه الشُّعب، لكن المنطلق هو الصحبة”.

واعتبر أن الجماعة وهي تحتفل بذكرى وفاة الحبيب المرشد وبمرور أربعين سنة على تأسيسها يلزمها أن تتذكر ما كان عليه الحبيب المرشد، وأن تتذكر وصاياه ونصائحه والأمل الذي كان يعقده عليها، وهو ما استقاه من عبارة وردت في كتاب “سنة الله” يقول فيها الإمام: “مهمتنا.. أن نكون روحا سارية في المجتمع موصولة بأجيال بعدنا” جيلا بعد جيل.

من أين نأتي بهذه الروح؟ كيف نكون هذه الروح؟ للإجابة على السؤالين أخبر فضيلة الأستاذ عبادي أن “الله تعالى عز وجل سمى القرآن روحا، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا فإذا اصطبغنا بالقرآن وكانت أخلاقنا القرآن فتلك هي الروح”، واسترسل موضحا الفكرة: “سمى الله تعالى القرآن روحا لأن به تحيا القلوب، فهو كالمطر الذي تحيا به الأرض. والرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه الذي علمه لنا “اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا”، أي هو المطر، تسمية الشيء بأبرز ما فيه؛ بما أن المطر ينبت الربيع فقد سمي ربيعا. فهناك تشبيه؛ كيف تزرع الروح في الإنسان من خلال كلام الله سبحانه وتعالى عز وجل فيحيا حياة طيبة، وكيف ينزل المطر على الأرض فتنبت خيرها”.

وأضاف شارحا كلام المرشد رحمه الله تعالى “روحا تسري في الأمة”: “من هنا كنا نسمع بتوجيهاته رحمه الله في معظم المجالس يوصينا بكتاب الله، لا أن نحفظه فقط وإنما أن يكون كل واحد وكل واحدة منا مدرسة متنقلة عبر الأجيال والأزمان والأمكنة. أشار إلى يوم القيامة (يقصد أن عبارة المرشد السابق ذكرها فيها، إشارة إلى يوم القيامة)؛ موصولة جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.

وحمد الأستاذ عبادي الله سبحانه وتعالى أن أكرم المؤمنين والمؤمنات بصحبة الإمام، ودلهم على طريق إسعاده رحمه الله، فقال: “نسعده عندما يرى أبناء العدل والإحسان تخلقوا بأخلاق القرآن، وجمعوا شعب الإيمان وانطلقوا بها في أمة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله للنهوض بها ورفع الظلم عنها، عند ذلك يفرح الفرح الكبير “. وأضاف: “ونفرح نحن كذلك لأننا أخذنا وتشربنا من هذا النور النبوي الذي وصل إلينا بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة الله في التابع والمتبوع”.

ليعود لربط آخر الكلمة بأولها موجها: “المطلوب منا أن نكتسب هذه الشخصية لنتحرك في المجتمع، لنكون رحمة في العالمين، ليقتدي الناس بنا، وليروا فينا معاني الإحسان؛ في سلوكنا وفي أخلاقنا وفي معاملاتنا وفي مواقفنا.. بل بمجرد النظر إلينا يتأثر الناس بنا إن كنا ربانيين، إن كان الذكر يطفو على صفحات وجوهنا، (خِيارُكُمُ الَّذِينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ).

وشدّد المتحدث في آخر كلمته أن “الجماعة أمانة في أعناقكم، والمراد بالجماعة، روحها، النور النبوي الذي بثه الإمام المرشد في الجماعة، هذه الروح أمانة في أعناقنا، علينا أن نتشربها أكثر فأكثر لنكون إن شاء الله تعالى رحمة وخيرا وبركة على أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

ونبّه أعضاء الجماعة إلى كون الأنشطة التي يقومون بها “وهي كثيرة جدا والحمد لله نسأل الله تعالى أن تكون خالصة لوجهه عز وجل، لا ينبغي أن تلهينا عن الغاية الكبرى، عن القصد، فأي حركة قمنا بها لابد أن تكون الوجهة فيها نيل رضى الله، الرغبة فيما عند الله، الرغبة في معرفة الله سبحانه وتعالى عز وجل، هذه هي الغاية الكبرى والنعمة العظمى لمن أكرمه الله سبحانه وتعالى عز وجل بها؛ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ إلا ليعرفونِ”. ليختم بالتوجه لله تعالى عز وجل “أن يجعلنا من أوليائه وأصفيائه والمقربين عنده، من عباده المصطفين الأخيار “.