يعتبر فاتح ماي من كل سنة مناسبة لتقييم الحصيلة الاجتماعية والنقابية التي حققتها الشغيلة وحاضنتها الاجتماعية خلال السنة. فإذا أردنا استعراض حصيلة فاتح ماي 2025 بالمغرب، وإن كانت الحصيلة معيشا يوميا لا كلمات جافة على تدوينة، فيمكن تلخيصها في بعض العناوين على الشكل الآتي:
ضرب وتضييق على العمل النقابي بسبب فرض قانون الإضراب قسرا في استقواء عجيب بالأغلبية البرلمانية لتمريره
تحنيط للحوار الاجتماعي، فلم تلتزم الحكومة لا بتنفيذ كل الاتفاقات السابقة منذ 2011، ولا هي عقدت اتفاقات أخرى، ولا هي سرعت الحوارات القطاعية المجمدة.
تفقير للشعب المغربي بسبب إنهاك قدرته الشرائية بارتفاع مهول في الأسعار وارتفاع نسبة التضخم، وتبخر الزيادات الضئيلة غير المعممة، واستمرار إلغاء الدعم عن المواد الأساسية، وتحرير الأسعار، واستمرار إغلاق لاسامير، والتفرج الرسمي على المضاربة والفساد والتهرب الضريبي وفساده…
مواصلة بيع وتفويت الخدمات العمومية والمرفق العمومي للخواص كالصحة والتعليم والكهرباء والماء …
ناهيك عن استمرار تسريح العمال، ومنع تسليم وصول الإيداع لعدد من المكاتب النقابية، واستمرار إعفاء عدد من المناضلين وتوقيفهم، ولا تسألني عن واقع المرأة العاملة في معامل وحقول الاستغلال…
وتسجيل مستويات متدنية في ذيل الترتيب العالمي في التعليم والصحة والشفافية والتنمية البشرية وحقوق الإنسان…
ثم يتبجح أحدهم متحدثا عن كلفة الحوار الاجتماعي، وعن 500 درهم المخصصة للدعم المباشر للأسر، والتي لا تكفي لسد الحاجيات الأساسية، ناهيك عن كونه غير دائم ولا معمم، ومرتبط بمؤشر غير مستقر على حال، ومكرس لثقافة “التسول” عوض إدماج المواطنين في التنمية المستدامة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية بكرامة.
ثم يرفع آخر صوته بأن نموذجنا التنموي اجتماعي، ونسي المتعالي أن النموذج معلق بسبب ضآلة التمويل، وبأن المديونية أغرقتنا في مستنقع الذيلية وفقدان السيادة الاقتصادية والسياسية… وهلم جرا من مصائب الزمان.
وآخر الطوام طامة التطبيع مع الكيان المجرم الغاصب لعزتنا في أرض الكرامة فلسطين، الطامع في إفساد بلدنا وشعبنا.
أختي العاملة وأخي العامل، ما العمل؟
ما حك جلدك مثل ظفرك، ولا مناص من رفع الصوت الموحد القوي الغاضب المطالب عاليا، ولا مفر من حراك نضالي نقابي مطلبي موحد في جبهة نقابية قوية لا المشتت في تعبيرات نقابية ممزقة إلى أزيد من أربعين نقابة. ولا بد من نضال اجتماعي قوي في إطار حراك اجتماعي موحد وموسع من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة الحقيقية واحترام كرامة الإنسان وضمان حقوقه، وتحريره من قيود التبعية والارتهان للإملاءات الخارجية والفساد والاستبداد.
تلك هي الطريق ومن هنا البداية في معركة التحرر والانعتاق. وصدق الله تعالى حين قال في سورة البلد: فلاقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة. إن طريق الانعتاق وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية عقبة كؤود تقتحم، وشرطها تحرير الإرادة والمبادرة السياسية بإسقاط الفساد والاستبداد وتغول السلطوية، وبناء دولة ديموقراطية قوية. من هنا تبدأ قصة التغيير، ولا بد من أن تكتب سطرها الأول بيدك فلن ينوب عنك أحد.
محمد بن مسعود
كاتب عام القطاع النقابي للعدل والإحسان