انتصار آخر ينضاف لرزمة من الانتصارات التي تنزل على خيرة خلقه بقيادة جنده كما ينزل الغيث فيصيب أرضا طيبة مباركة حتى تنبت الكلأ والعشب الكثير.
أرض مباركة حفظها الله تنبت الحرية والعزة والكرامة وليس على وجه الأرض فيما أعلم بقعة أطهر ولا أعظم منها، وكأنها قطعة اقتطعها الملَك من الجنة فطاف بها ووضعها هناك كما فعل بأرض الطائف.
هكذا أفهم اليوم؛ أسراب الغزِّيين وهم يقصدون بيوتهم التي دمرها الاحتلال وجعلها كأعجاز نخل خاوية، بيوتا دكَّت دكّاً، يحسبون أنهم قضوا على أهلينا في أرض الرباط.
رجعوا اليوم بعد خمسة عشر شهرا يحملون آلاما وآمالا، يحملون معهم ذكريات. رجعوا اليوم يبحثون عما بقي من آثار الديار، يتحسسون الكرامة التي فقدتها الإنسانية وليكونوا شهداء على جرائم الاحتلال على مرأى ومسمع العالم المنافق وبمباركة بعض الأنظمة العربية المتهالكة المتصهينة.
هبّت جموع أهل الشمال لموعد ضربوه مع الأرض وأقسموا ألا يبتعدوا عنها ولا يحيدوا قيد أنملة، إلا إذا اختارهم الله لجنة عرضها السموات والأرض أو حيل بينهم وبينها بفعل الإجرام السادي الصهيوني.
رجعوا اليوم ليسجلوا ملحمة أخرى من النصر المبين، وقد كبدوا العدو هزيمة نكراء، ستبقى في سجل المقاومة، والتي جعل الله لها اليد العليا، ولها شأن عظيم، تستمد القوة من القوي العزيز الجبار الذي قرر: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ المجادلة21.ر
جعوا أدراجهم فائزين منتصرين مبتهجين بعناية الله تعالى ورحمته التي شملتهم طيلة مدة الابتلاء، رجعوا وهم يرددون دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قامَ يومَ فتحِ مَكَّةَ وَهوَ على دَرجِ الكعبةِ فحمِدَ اللَّهَ وأثنى علَيهِ فقالَ: الحمدُ للَّهِ الَّذي صدقَ وعدَهُ، ونصرَ عبدَهُ، وَهَزمَ الأحزابَ وحدَهُ” صحيح ابن ماجة.
رجعوا للاحتفال مع المقاومة بالنصر، رجعوا أدراجهم لينثروا الورد ويرشوا ماء الزهر على الأبطال الأشاوس أصحاب الرايات الخضر وهم يتوشحون وسام العزة والكرامة وسام القوة والبطش والتنكيل بالعدو.
ها هو الكيان يجثو على الركب ويعيش الهوان والذل ويركع وقد صدقت فيهم نبوءة الشهيد البطل يحيى السنوار: “ستجثون على الركب في نهاية المعركة… ولن يخرج أسراكم إلا بصفقة تبادل” صدق الله فصدقه، كان شعاره ننتصر أو ننتصر ننتصر أو نستشهد.
والخبر اليوم ما نراه وما نسمع وليس ما كان يروجه إعلام العدو ومعه أبواق المتخاذلين السفهاء من بعض حكام الهزيمة والعار.
وها نحن اليوم نرقب بعضا مما يعترف به المجتمع الصهيوني، وهو يعيش خيباته واللعنة تلاحقه يرى في عودة سكان الشمال إلى أرضهم بأنه “إهانة واستسلام” بعد فتح جيش الاحتلال لمحور نتساريم والانسحاب منه بناء على اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ يوم 19 يناير 2025. ونقلت وسائل إعلام دولية عن وزير الأمن القومي الصهيوني المستقيل إيتمار بن غفير قوله بأن عودة السكان إلى الشمال هي “صورة لانتصار حماس وجزء مهين آخر من الصفقة غير الشرعية”.
الحمد لله انتصرت حماس والحمد لله رجع النازحون إلى أرضهم غانمين سالمين موفقين مسددين غير خزايا ولا نادمين. وكتبوا في سماء غزة وما النصر إلا من عند الله.
الإثنين 27 رجب الخير 1446هجرية.