بقلم: لطيفة خمروش
علمتني الجماعة أن للمرأة الحق في طلب وجه الله كحق الرجل في ذلك.
علمتني الجماعة ألا سير إلى الله بدون مصحوب ينتزعني من أنانيتي ليفتح بصيرتي بضرورة الاندماج في الجماعة والمشاركة في بنائها، وأن السلوك إلى الله هَمَّانِ وتهممان: هَمٌّ وتهمم بنفسي وبعلاقتي بالله عز وجل أقومها وأصلحها وأطهرها ليتحقق لي الخلاص الفردي، وهَمٌّ وتهمم بالأمة وبقضاياها؛ أرفض الظلم بكل أشكاله وأشارك في التغيير حتى يتحقق الخلاص الجماعي.
علمتني الجماعة أن من لا ورد له لا وارد له، وأن الذكر هو أساس الترقي في مدارج الإحسان. إذا أصبح الذكر ديدنَ الإنسان أحيا القلب بعد اللسان ثم سرى في كل الجوارح والأبدان. وأعظم الذكر ما كان مقرونا بالجهاد، والجهاد جهادان: جهاد القتال وهو صبر ساعة وجهاد بناء الإنسان وهو جهاد كل الأزمان.
علمتني الجماعة أن الصدق فضلا عن كونه حديثا صادقا يناقض الكذب، هو تلك الإرادة الجامحة والرغبة القوية في كينونتي مع الصادقين، بما تقتضيه من حضوري الفاعل والوازن ضمن صفوف المؤمنين الصادقين والمومنات، الذين سَمَتْ هممهم فأكملوا طريق الصادقين الأولين رضوان الله عليهم، حاملين أمانة التشريف والتكليف تربية وتعليما وخدمة وتنظيما وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ونصرة للمستضعفين المظلومين.
علمتني الجماعة أن البذل هو دليل الصدق وحجته وبرهانه؛ صدق إيماني وصدق محبتي لله ولرسوله وللمؤمنين والمؤمنات وصدق اقتحامي، دليله بذل النفس والمال والجهد والوقت.
علمتني الجماعة أن العلم والعمل توأمان لا يفترقان، وأن أي خطأ في العلم يشكل خطرا على نتائج العمل، فالعمل بلا علم ــ كما يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى ــ تخبط وجنون.
علمتني الجماعة أن السمت الحسن هو لباس التقوى الذي تتزين به المؤمنة ويتزين به المؤمن، هو عبادة الظاهر والباطن والخلق الجميل، يذلل العقبات ويسهم في مد جسور التواصل بهدف تذكير الفطرة وإسماع كلمة الحق، هو تميز عن أفعال الجاهلية وأقوالها وإيديولوجياتها.
علمتني الجماعة أن التؤدة حكمة وحلم وتأنٍّ ورفق وصبر ومصابرة وضبط للنفس، ولكن ليست قعودا واستكانة وذلة وهوانا، إنها خصلة تصنع شخصية متوازنة تسعى في مجتمعها لإحقاق الحق وإبطال الباطل في تدرج ومرونة ويسر، وتسعى في ذاتها لصعود مراتب الدين دون غلو أو تطرف.
علمتني الجماعة أن الاقتصاد توسط لا يقبل المغالاة ولا حرق المراحل كما يقول الإمام رحمه الله، وقصدٌ حثيث إلى غاية لا ينبغي معها مشي الهوينى أو الكسل والتهاون، وتوازن وترشيد للمال والوقت والجهد بدون إفراط ولا تفريط، وسياسة وتدبير في اتجاه تحقيق مطلب العدل الذي تستقيم به الحياة لتطيب بالإحسان.
علمتني الجماعة أن الجهاد هو مجموعة من العقبات التي يجب أن تُقتَحَم، وأولها عقبة النفس، فتربيتها على العبادة جهاد، وتربيتها على لزوم الذكر جهاد، وتربيتها على تحري الصدق جهاد، وتربيتها على البذل والعطاء جهاد.. وتربيتها على الصدع بكلمة الحق في زمن الصمت جهاد.