طوفان الأقصى وسنة الاستفزاز
لقد دخلت القضية الفلسطينية عقدها الثامن، ويعلم الجميع حجم العذاب الذي مورس في حق الشعب الفلسطيني منذ أحداث النكبة وقبلها من طرف عصابات الهاكانا ومن طرف الجيش الصهيوني بعد إقامة كيانهم المصطنع في أرض ليست لهم، فقد تمت مطاردة هذا الشعب ووقعت أحداث التهجير منذ ذلك التاريخ 1948 وقبله حين تم تهجير أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا وغيرها وهي ملازمة للتفكير الصهيوني منذ لحظات تربصه بأرض فلسطين والذي وضع خططا كثيرة لذلك.
ولكن منذ صعود نتنياهو لسدة الحكم في أوائل التسعينات من القرن الماضي جعل كل جهده هو ضرب كل تقارب ولو شكلي مع الفلسطينيين، ورغم صورية اتفاقية أوسلو الموقعة سنة 1993 فإنه جعل كل جهده ينصب في إزالتها وإضعاف وتفكيك البنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني، ومع مرور الوقت انزاح أغلب المتجمع (الشعب) الصهيوني إلى هذا التصور اليميني المتطرف الذي لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني وقد مثلت الحكومة الحالية أعتى حكومة متطرفة في تاريخ الكيان الصهيوني ومن تم تصاعدت الأصوات لضرورة التخلص من عنصر الفلسطينيين من أرض فلسطين التاريخية، وفي هذا الصدد طفت للعلن صفقة القرن في العهدة السابقة للرئيس الحالي دونالد ترامب وملخصها تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته للأبد، في ظل هذه الأجواء كانت قد انطلقت في نفس العهدة موجة إبرام اتفاقيات أبراهام التطبيعية مع عدد من الدول العربية وبدأ الجو العام مهيأ لزيادة تهميش القضية الفلسطينية وتنفيذ خطة التهجير خصوصا أن مجموعة من الدول العربية والإسلامية كانت يدها على القلم لتوقيع التطبيع، لكن انفجار الأحداث عبر طوفان الأقصى وتداعياته جمد الأمور وأرجع القضية الفلسطينية إلى نقطة البداية، ونظرا لكمية الحسرة بعد إحساس الكيان بهزيمة ذلك اليوم وبهزيمة مشروع نتنياهو الاستراتيجي للاستحواذ على المنطقة، جعل الصهيوني في حالة هياج وجنون وهو الذي كان يمني النفس وكان قوسين أو أدنى من السيطرة على المنطقة بكاملها، وهو الذي عود الجميع قبل الطوفان بشرح خرائط الشرق الأوسط في مختلف المناسبات وفي مقر الأمم المتحدة.
كان الفعل الصهيوني قاسيا وفوق كل توقع وتجاوز كل الخطوط، وأخرج للعلن والإعلام وحش الصهيونية الحقيقي، وأعطى صورة مغايرة لما سبق التسويق له عبر أكثر من سبعة عقود عن الدولة الديمقراطية “الإسرائيلية” وعن الجيش الأخلاقي، وعن القيم الإنسانية والكونية والمظلومية، وشرح للأجيال الحالية قصص الظلم الفظيعة التي تعرض له هذا الشعب الفلسطيني من طرف الصهاينة منذ عقود.
انطلق الأمر بقصف شديد جوا وبحرا وأرضا استغرق أياما ثم بدأت العملية البرية التي استدعي لها المئات من الآلاف من الجنود وكان الحديث لا يفتر عن التهجير ثم ظهرت خطة الجنرالات بعد عام من القصف والتقتيل وتهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وذلك بتهجير سكان المنطقة إلى الجنوب في انتظار ترحيلهم النهائي، ثم فرض حصار كامل على الشمال، بما في ذلك منع دخول الإمدادات والمساعدات الغذائية والماء والوقود، واستخدام التجويع وسيلة ضغط للتهجير ووضع المقاتلين أمام خيار الاستسلام.
ثم ظهرت عربات جدعون وهي من أشد المخططات الإرهابية التي مارسها الكيان الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الأبية والتي شارك فيها من الجنود أكثر ممن شارك في حرب الغفران مع مصر، وقد استعمل فيه كل فعل إجرامي يمكن تصوره ولعل أبسط مظاهره موت الطفل والمرأة والشيخ الفلسطيني من آثار التجويع الممنهج بدعم أمريكي وتواطؤ مجسد في حصار عربي مكشوف، وقد أقر هذه الخطة المجلس الوزاري الأمني الصهيوني المصغر “الكابينت” مطلع ماي الماضي 2025 بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في قطاع غزة، عبر عملية منظمة على مراحل ثلاث، مع استخدام كل وسائل الضغط الممكنة ضد حماس في محاولة لهزم المقاومة، وضرب بنيتها العسكرية، وبالتالي استسلامها وقد بدأها الجيش الصهيوني عبر استدعائه عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لخلق زخم عسكري وعددي في القطاع.
إن التجويع والحصار والقتل والتهجير المستمر والمتداول من الشمال إلى الجنوب ومن الشمال إلى الجنوب والتقتيل والتشريد والإذلال، أفعال لم يقم بها فرعون مصر في زمانه، وكل مقارنة بين فعل فرعون وفعل الصهاينة لا تصلح وتعد عبثا لوجود الفوارق الشاسعة بينهما، وهي أفعال إن أضيفت إلى الحديث عن محاولة التهجير النهائي فهي تمثل قمة الاستفزاز موضوع هذا المقال.
كان الشعب الفلسطيني لا يجد لحظة ليتنفس فيها، الموت يحيط بالمكان المحاصر وبكل فرد، القصف بالليل والنهار، القتل والتجويع، الحديد والنار، المكان يخضع لمراقبة دقيقة عبر المسيرات والزنانات والأقمار الصناعية، كان فرعون القديم قد قتل بعض الأطفال وترك باقي فئات المجتمع، أما الصهيوني فهو يعدم كل ما يذب على الأرض: الإنسان والحيوان والنبات قتلا وقنصا، مع ملاحظة فارقة تتمثل في أن فرعون لم يقتل بالجوع القوم المستهدف، أما الصهيوني فقد قتل بالجوع والعطش وقطع الكهرباء والدواء وقطع سبل الحياة عن أهل غزة، وقد رأى الكاتب العراقي محمد قزوين في مقال بعنوان نتنياهو بلباس الدين أن فرعون أكثر شفقة من نتنياهو جاء فيه: “بل إن فرعون أكثر شفقة ورحمة من نتنياهو عندما استقبل موسى وهو ابن يوم واحد، وقالت له زوجته آسيا بنت مزاحم: قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا.”
وقد جاء في مقال منشور مؤخرا في الجزيرة كوصف لبعض ما يقع في غزة: “يتضور أهل غزة جوعا، وتتطلب لقمة العيش رحلة قد تكلفهم حياتهم. فأحد المسارات القليلة المتبقية للوصول إلى كيس الطحين يمر عبر نقاط توزيع تديرها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الكيان والولايات المتحدة الأمريكية حيث يتحول الجوع إلى فخ، والمساعدات إلى مصائد للموت”.
وقد حللت وكالة سند التابعة لقناة الجزيرة صورا التقطتها الأقمار الصناعية في 13 يوليوز. في منطقة الشاكوش برفح جنوبي القطاع، حيث يصل المجوعون طلبا للمساعدة، لكن كثيرين يغادرون محمولين شهداء أو جرحى.
الوصول ليس سهلا، حيث يسمح للمجوعين باستخدام عربات أو السيارات حتى نقطة محددة ثم يطلب منهم النزول والمشي لمسافة لاتقل عن 1,5 كيلومتر ويصل الكثير منهم قبل ساعات أو حتى قبل أيام ولا يغادرون خشية فقدان مكانهم، خاصة بعد أن قطع بعضهم مسافات طويلة. أصبحت الحياة في غزة تساوي لقمة العيش، وأضحت لقمة العيش مغمسة بالدم، ثم يحدثونك عن الدولة الديموقراطية والجيش الأخلاقي…
كان قد تحصل للشعب الفلسطيني وعي تاريخي بخطورة التهجير وضياع فلسطين معه وتصفية القضية ولهذا فهو يحاول أن يدفع بكل وسيلة ممكنة القهر والعدوان غير المسبوق بالصبر والمقاومة الذي فاق الحدود، وكانت مقاومة الموت المتربص بكل روح تفرض نفسها على كل طفل وامرأة وشيخ ولو بتجنب القتل ولو مؤقتا، كانت المقاومة المسلحة تبث في كل حين مشاهد تحطيم المركافة وناقلات الجند بجيل من المقاتلين والمجاهدين أربك حسابات العدو طيلة 22 شهرا وهو ما يحيل إلى الإعجاز عبر صمود المقاومة وصمود شعب وصمود المفاوضين أمام عدو مجنون ومستفز.
كانت أغلب جولات المفاوضات محاولة لنزع سلاح المقاومة والمساومة على المبدأ وعلى الأرض وعلى الحياة نفسها، ولعل تعثر المفاوضات الجارية التي قادتها المقاومة بكل اقتدار منذ شهور ليس مرجعه خرائط الانسحاب ولا عدد الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم ولا بعض تلك التفاصيل وإن كانت مهمة لهذا الطرف أو ذاك، ولكن مرجعها إلى عدم حسم ترتيبات اليوم التالي نظرا لتجذر المقاومة الفلسطينيّة في المشهد الغزاوي، ولضبابية تصور الصهاينة لهذا اليوم التالي التي تريد أن تراه نسخة مطابقة للأصل للواقع العربي المستسلم ولما وقع سابقا حين كانت تتكفل الأطراف العربية وبعض الدول الغربية بإنجاز ما عجز عنه الميدان عن طريق ما يطبخ في الكواليس حيث كانت اليد العربية الخفية تتكفل بخيانة القضية الفلسطينية، وهو ما وقع في كل حرب حين كانت تقع الخديعة منذ حرب النكبة 1948 خصوصا بعد الهدنة المتفق عليها حيث جرت مياه كثيرة تحت الجسر العربي مهدت لانتصار الصهاينة والتلكؤ في إعلان قيام دولة فلسطين على أكثر من 46/100 من أرض فلسطين بعد قرار التقسيم وضم الضفة الغربية للأردن وضم قطاع غزة لمصر، إلى حرب النكسة حيث ضمت غزة للاحتلال ولكن استرجعت مصر سيناء وتم السكوت عن غزة في اتفاقية كامب ديفيد 1979 التي شملت اتفاقا مصريا صهيونيا دون التطرق لأصل المشاكل وهي القضية الفلسطينية لتترك وتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، إلى حرب أيلول الأسود سنة 1973 حيث تم إجلاء المقاومة الفلسطينيّة إلى لبنان، إلى حرب لبنان 1982 حين تم الاتفاق على إجلاء المقاتلين الفلسطينيين من لبنان إلى مجموعة من الدول العربية وتم تحييد البندقية الفلسطينية وملاحقة كبار قادة الفصائل الفلسطينية في دول الاستقبال.
ولا بد من الإشارة إلى ضرورة تدقيق الموقف في هذا العدوان، فكل العرب وقفوا ضد مخطط التهجير الحالي ولكن المؤاخذة عليهم كانت في التفرج على مخطط التجويع الممنهج وعلى مخطط الإبادة الجماعية المنظورة، وعلى منع بعض الأنظمة العربية مجرد التظاهر أو حمل العلم الفلسطيني وكان ربما من سابع المستحيلات أن يطلب من الأنظمة العربية الحالية دخول الحرب أو تقديم السلاح للمقاومة، ولكن أصبح المطلوب في هذا الزمن الرديء أن تبادر لأقل ما يمكن فعله كقطع أو تجميد علاقاتها مع الكيان الصهيوني سواء اقتصاديا او ديبلوماسيا بمقاطعة الكيان بل إن التراجع والمسخ العربي سجل في أدنى مستوياته حين أُعلن أن بعض الدول العربية من أكبر الموردين لجميع المواد الغذائية والذخيرة والسلاح وغيرها إلى الكيان الصهيوني. ألا ساء مايزرون؟!
ولعل أكبر سجال إعلامي تم تسجيله مؤخرا هو أن أكبر نظام عربي تمت مؤاخذته هو النظام المصري الحالي لعدة اعتبارات، أولها أن النظام المصري كان يعتبر غزة من صميم الأمن القومي المصري وكل خرق في جدار غزة فهو مواجهة مباشرة قادمة مع الكيان الصهيوني مهما طال الزمن، ولكونه نظاما مجاورا لغزة ولكون نظام حسني مبارك كان يساعد أبناء غزة بطريقة أو بأخرى ومنها سماحه بوجود آلاف الأنفاق بين غزة ومصر كشريان يمد الحياة في غزة المحاصرة، أو في عهد الرئيس الشهيد مرسي الذي فتح المعبر وقال قولته الشهيرة: “لن نترك غزة وحدها”، ولعل مبررات النظام المصري تبدو ضعيفة بكون المعبر تغلقه سلطات الاحتلال الصهيوني لأن ملحق اتفاقية كامب ديفيد يمنع تواجد قوات الكيان الصهيوني برفح ومعبر فيلاديلفيا التي احتلها الكيان جهارا نهارا ولم يحرك النظام المصري ساكنا وهو ما يجعله شريكا في الجريمة.
بالجهة الأخرى بقيت الولايات المتحدة الأمريكية تساير الكيان الصهيوني في جنونه وتكرس عزلتها الدولية، فقد صرح دونالد ترامب بضرورة التهجير وبأن أمريكا ستحتل غزة وتحولها إلى ريفيرا الشرق الأوسط، وكأنه لا يعترف بشيء اسمه القانون الدولي أو منظمة الأمم المتحدة أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولعل آخر تصريح قبل كتابة هذا المقال حين قال: “أسرع طريق لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة يكون باستسلام حــمــاس وإطلاق سراح الرهائن”… ويمكن مع هذا التصريح فهم حجم الهزيمة التي تعرضت لها الصهيونية العالمية، فهم يحاولون مقايضة الغذاء والدواء باستسلام المقاومة، ليظهر بالمقابل أن كل الأكاذيب الجميلة حول حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة قد كشفت، بالمقابل يجرون معهم أنظمة عميلة نحو الهاوية بفقدان كل شرعية ممكنة، إذ كيف لشعب ومقاومة وقفت أمام جحيم النار والحديد مدة عامين ان تنصت لصوت الطغيان والخيانة والجبن والاستسلام، فقد أظهرت المقاومة أن إلقاء السلاح خط أحمر، لأن النظر العقلي والدرس التاريخي والموقف الشرعي واضح ولا غبار عليه. يقول الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز في سورة النساء: وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا. فالله سبحانه وتعالى نهى عن مجرد الغفلة عن السلاح فبالأحرى أن تسلمه للعدو… أما بالنسبة للدروس التاريخية فأقربه إجلاء المقاومة الفلسطينية من لبنان وبضمانات شخصية من رونالد ريغان سنة1982 وبعدها تم ارتكاب جريمة صبرا وشاتيلا وملاحقة القادة البارزين واغتيالهم في بلدان النزوح منه القائد أبو جهاد الذي تم اغتياله في تونس.
إن مآلات الأحداث تقرأ غالبا من بداياتها وإن التخبط الصهيوني واضح في غزة، ورغم تلويح الكيان الصهيوني الجديد وبالضبط منذ 5 غشت الجاري بضرورة احتلال غزة فالأمر لن يبارح مكانه من حيث الترنح في ظل تناقض وعدم انسجام المستوى العسكري الذي لا يرى جدوى من استمرار العملية العسكرية والمستوى السياسي الذي يتاجر في شعور الصهاينة “الوجودي”، والأكيد المؤكد أن الشعب الفلسطيني انتصر وأن المقاومة قالت وستقول كلمتها، وفي هذا الصدد جاءت تصريحات صاحب خطة الجنرالات، الجنرال الصهيوني: غيورا إيلاند في مقال ترجمته القدس الإخبارية، حيث أكد أن هزيمة حماس بعيدة المنال وأن “عربات جدعون” فشلت في مقال منشور يوم الأربعاء 30 يوليوز 2025 جاء فيه: “إن التاريخ حافل بالأمثلة التي حدد فيها القادة أهدافًا للحرب دون التأكد من أن الوسائل المتاحة كافية لتحقيقها، مشيرًا إلى أن أحد الكتب التي تناولت هذا الموضوع بعمق ونالت تقديرًا كبيرًا من المؤرخين والعسكريين هو كتاب المؤرخ الأمريكي جون لويس غاديس “الاستراتيجية الكبرى ” (On Grand Strategy)، الذي استعرض 2500 عام من التاريخ وخلص إلى أن الإخفاقات العسكرية الكبرى عبر العصور نتجت عن فجوة واسعة وغير مدروسة بين أهداف الحروب وبين الإمكانيات الواقعية لتحقيقها”.
وبحسب كتاب غاديس، فإن أهداف الحروب ليست أكثر من شعارات لفظية، بينما يتطلب تحقيقها فهمًا عميقًا للوسائل اللازمة والعوائق المحتملة، وإن غياب المراجعة الجادة لكيفية سد الفجوة بين الأهداف الطموحة والوسائل المتاحة يقود إلى كوارث جسيمة.
وأشار الجنرال “الإسرائيلي” في مقاله إلى أن نتنياهو “ليس كسرى وإسرائيل ليست الإمبراطورية الفارسية، لكن عملية اتخاذ القرار التي يجب أن يقودها رئيس حكومة في “إسرائيل” ينبغي أن تقوم على الشراكة، واستعراض واسع لكل الخيارات المتاحة، وتقديم مصلحة الدولة على مصلحته الشخصية.”
واستشهد إيلاند بكتاب “مسيرة الحماقة” للمؤرخة اليهودية باربرا توكمان، التي قالت فيه: “عندما تُقدَّم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وحين تحدد الطموحات الشخصية والجشع وسحر السلطة السياسات المتبعة، تكون المصلحة العامة هي الخاسر الأكبر”. وختم متسائلًا: متى سيدرك القادة أن الوقت قد حان لوضع حد لهذه السياسات؟!”
جاء في مقال للمفكر عدان الصباح في وكالة للأنباء بتاريخ 25 يوليوز 2025 تحت عنوان إن سقطت غزة سقط العالم: إن سقطت غزة فإن العالم سيسقط حتما، فما يجري في غزة تمرين واختبار للكون فإن واصل الكل صمتهم سيجرؤ القاتل غدا على الانتقال من بيت إلى بيت ومن بلد إلى بلد ومن دم إلى دم، بعد أن تأكد أن ما يجري في عروق الناس ماء آسن لا دما نقيا، وبعد أن تأكد أن الاعتقاد كذب، فلا المعتقدات الدينية صدقت عند الكاذبين ولا المعتقدات الفلسفية صدقت، ولا منظومة الأمم المتحدة وقوانينها واتفاقياتها صدقت، ولم يبق على الأرض إلا الكذب.
إن سقطت غزة فستصير الطريق من غزة إلى اسطنبول عبرية، وستغلق بوابات نيل مصر من إثيوبيا، وبدل قبلة الإسلام في مكة ستصير قبلة أبراهام في قدس الهيكل، وبدل ديانات الله فستصبح ديانة أبراهام الصهيونية هي الدين، وقد تصلون غدا بالعبرية رغما عن أنوفكم بعد أن وافقتم على أن اسم نبيكم هو أبراهام وليس إبراهيم، وبدل أن تحاربوا لتحرير القدس ستحاربون تحت راية الهيكل لإخضاع الصين وغيرها لسطوة الصهيونية الأمريكية، وبدل الإيمان والحرية ستعودون عبيدا وخدما لأسياد الهيكل في واشنطن بعد أن حطموا كل شيء له علاقة بالروح والإنسانية والأخلاق.
وفي الختام ونحن نتناول سنة الاستفزاز في هذا المقال الذي يبث البشرى للمقاومة الفلسطينية الباسلة وللشعب الفلسطيني البطل من إزاء القرآن الكريم ولكل المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، إن استفزاز فرعون لموسى وقومه استغرق مجمل القرآن الكريم وإن كانت استفردت بكلمة استفز سورة الإسراء وحدها، فإن مشهد وقصة موسى وهلاك فرعون جاء في عرض القرآن وطوله تأكيدا على الحق وعلى النصر في كل المواطن المشابهة، وفي هذا الصدد يقول الكاتب مجدي قويدر في مقاله المذكور أعلاه؛ “إن مشهد نجاة موسى وبني إسرائيل وهلاك فرعون جاء مفصلا في سورة الشعراء ومجملا في البقرة والأعراف والأنفال ويونس والإسراء وطه والزخرف والدخان والذاريات والمزمل يحمل البشرى ويمد الأجيال بالأمل أن ليل المحنة سيطوى قريبا، وفجر الفرج سيشرق، وضياء الحق سيبعث، وأن الاستضعاف سيبدل إلى قوة واستخلاف، والخوف والتشريد إلى أمن وتمكين، وستطوي سنة الله المكذبين البغاة ويدمر ما صنعه فراعنة العصر من فساد واستبداد.” ومن وقف وساهم في هذا الاستفزاز من بني جلدتنا وخان إخوانه وعقيدته.
وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (سورة هود 44) والحمد لله رب العالمين.