“سلاح التجويع” في غزة: قراءة في التاريخ والقانون

Cover Image for “سلاح التجويع” في غزة: قراءة في التاريخ والقانون
نشر بتاريخ

منذ قرابة عقدين من الزمن فرض الكيان الصهيوني حصارا شاملا على غزة، تم خلاله منع دخول كل مستلزمات الحياة، بدعوى محاصرة المقاومة التي تسيطر على القطاع، وكان الغذاء أحد أهم هذه الممنوعات وفق خطة صهيونية هدفها تجويع غزة واستعمال “سلاح الغذاء” كإحدى وسائل الضغط على المقاومة، وظل استعمال هذا السلاح خفيا وغير ملحوظ بشكل واضح، لقدرة إدارة غزة طيلة هذه السنوات على تدبير أزمة الغذاء بذكاء بالغ مع شركائها في الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى، لكن بعد السابع من أكتوبر ومع العدوان الصهيوني الهمجي غير المسبوق على غزة، وبعد استئصال الأونروا، وإبادة الإدارة المدنية، وفرض الحصار الخانق بعد السيطرة الصهيونية التامة على القطاع، وبعد إحكام القبضة على الحدود مع مصر، اكتشف العالم إبادة جماعية وعقابا جماعيا بشعا، استخدمت فيه أفظع الأسلحة “سلاح الجوع” بمنع حليب الأطفال والدقيق وضرورات الحياة، بشكل مخطط وممنهج، ففي تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية عام 2012، ورد وفقا لملفات نشرتها “وزارة الدفاع”، أن الجيش “الإسرائيلي” أجرى حسابات دقيقة لتحديد احتياجات غزة اليومية من السعرات الحرارية بين عامي 2007 ومنتصف 2010، كما كشف تقرير صادر عن منظمة أوكسفام الدولية في أبريل 2024 أن سكان شمال غزة مجبرون على العيش بمتوسط 245 سعرة حرارية يوميا، أي أقل مما تحتويه علبة فاصوليا، وهي كمية ضئيلة من الطعام تمثل أقل من 12% من الكمية اليومية الموصى بها للفرد والبالغة 2100 سعرة حرارية وتم حسابها باستخدام بيانات ديموغرافية.

إذن فالكيان الصهيوني اختار هذا السلاح ليس فقط لأنه كما قال الكاتب أحمد مور: “إنه طريقة غير مكلفة، صامتة، ووحشية للقتل”، ولكن لأنه يمكن العدو من تحقيق مجموعة من الأهداف بعد طوفان الأقصى لعل من أبرزها:

1ـ محاولة إخضاع الشعب الفلسطيني بعد فشل القصف والتهجير والقتل في فرض أهداف العدو.

2ـ إهانة المقاومة ردا على مشاهد الإذلال التي عاناها الصهاينة في 7 أكتوبر وعند تسليم الأسرى.

3ـ محاولة مسح ومحو مشاهد انتصار المقاومة وإذلالها للصهاينة في الحرب من ذاكرة العالم.

4ـ التحريض على المقاومة وتجريب فصلها عن حاضنتها الشعبية لأن للجوع سلطانا أكثر من سلطان الخوف في اعتقادهم.

5ـ القتل والتعديل الديمغرافي، فالصهاينة يعتبرون كل روح تزهق مكسب ومقاتل ينقص من المعادلة.

وسأحاول في هذا المقال تناول الجوع كسلاح في الحروب والنزاعات المسلحة من منظور قانوني دولي، مع محاولة التعريف به وباستخدامه كأداة إبادة أو ضغط، مع عرض حالات تاريخية ومعاصرة بارزة، ثم أنتقل إلى استعراض التشريعات القانونية الدولية ذات الصلة، والتحديات التي تحول دون محاسبة الجناة، وأختم بالإشارة إلى جهود المجتمع الدولي للحد من هذه الظاهرة.

1- سلاح الجوع: تعريفات

يُعرّف سلاح الجوع بأنه «تعمّد أحد أطراف النزاع نقل السكان المدنيين إلى حالة مجاعة أو استخدام الحصار والقيود على الغذاء والماء للضغط على العدو». وقد حظي هذا الأسلوب الذي يطال المدنيين بإدانة واسعة في القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي الجنائي، كما ظهرت دعوات دولية لاعتباره جريمة حرب، كما تُعرّف «الحرب الإخضاعية بالجوع» بأنها تكتيك يقوم على «إجبار المدنيين أو العدو على الاستسلام بتهديد بالموت جوعا. فمنهج الحصار أو التدمير المتعمّد للبنى التحتية الغذائية (مستودعات الحبوب، مزارع، آبار مياه) يُستخدم لتجويع السكان، ويؤكد دليل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن تجويع المدنيين أسلوب حرب محظور تمامًا، ومن الأمثلة على ذلك حظر مهاجمة أو تدمير أي من الكائنات الضرورية لبقاء السكان (حبوب، أراضٍ زراعية، مواشٍ، مرافق مياه) بهدف «حرمان المدنيين من غذائهم». ويندرج تحت هذا المفهوم أيضًا منع وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحاصرين.

2- أمثلة من التاريخ

شهد التاريخ أمثلة عدة على استعمال الجوع كوسيلة حرب:

– الحرب العالمية الثانية (حصار لينينغراد 1941–1944): فرض الجيش النازي حصارًا على مدينة لينينغراد (سانت بطرسبرغ) لمدة 900 يوم تقريبًا، استخدم خلاله الجوع كسلاح أساسي. فقد دُمرت خطوط الإمداد الغذائي للمدينة، وأصدر هتلر أوامر بعدم إطعام السكان المحليين، قائلاً إنه «سيقضي عليها جوعاً». أسفر الحصار عن مقتل نحو 800 ألف مدني من الجوع والبرد، ويعد من أشهر الأمثلة على استخدام التجويع كتكتيك عسكري.

– حصار سراييفو (1992–1996): خلال الحرب البوسنية، تحلق مقاتلو الصرب البوسنة حول مدينة سراييفو وفرضوا حصارًا تامًا عليها. وبحسب موسوعة بريتانيكا، وضع المقاتلون مواقعهم على التلال المحيطة، ثم «فرضوا حصارًا كاملاً حرم المدينة من الغذاء والماء والكهرباء». ونتيجة لذلك اقترب أهل سراييفو من المجاعة قبل تدخل الأمم المتحدة.

– الحرب على اليمن (2015–2024): تسبب النزاع الدائر في اليمن في واحدة من أسوأ أزمات الجوع العالمية. فقد شن تحالف عسكري تقوده السعودية والإمارات ضربات على البنى التحتية الزراعية والإنشائية (مزارع، آبار مياه، ومحطات توليد كهرباء)، بينما فرضت جماعة الحوثي حصارًا وقيودًا مشددة على مدن كتعز، مما أدى إلى أزمة غذاء حادة. يؤكد تقرير هيومن رايتس ووتش أن أطراف النزاع «هاجمت مصادر الغذاء والمياه»، وسعت إلى «تقييد دخول المساعدات الإنسانية»، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشدة.

– الحرب في إقليم تيغراي بإثيوبيا (2020–2022): استخدمت الحكومة الإثيوبية وحلفاؤها قوة المجاعة ضد السكان. فقد فرضت القوات الاتحادية والإريترية حصارًا على الإقليم وقطعت الطرق والمحاصيل. حسب تقارير دولية، عمدت القوات الحكومية إلى «منع دخول المساعدات الغذائية، وتدمير الأراضي الزراعية، وقتل الماشية». ونتيجة لذلك شهد تيغراي مجاعة واسعة وحالة طوارئ غذائية حادة؛ إذ بات معظم سكان الإقليم يواجهون انعداماً شبه تام للأمن الغذائي، واعتبر كثيرون أن المجاعة التي حدثت توازي مجاعة الثمانينات التي راح ضحيتها ملايين.

– الصراع الروسي–الأوكراني (من 2022 حتى الآن): استهدفت الحرب الروسية أوكرانيا بأساليب هددت الأمن الغذائي العالمي. فرضت روسيا حصاراً بحرياً على موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، مما أدى إلى توقف تصدير الحبوب الأوكرانية بشكل شبه كامل في فترات. يذكر مجلس الاتحاد الأوروبي أن «الحصار الروسي للموانئ أحبط صادرات الحبوب الحيوية» وجعلها شبه متوقفة، مما هدد سلاسل الغذاء العالمية. كما قصفت روسيا منشآت غذائية وبنى تحتية زراعية، مما دفع قادة دوليين للتحذير من أن حجب الغذاء هو إعلان حرب على الأمن الغذائي.

3- التشريعات القانونية الدولية

ينص القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي على تجريم استخدام التجويع كسلاح حرب:

1- القانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية): تحظر اتفاقيات جنيف والقواعد العرفية «معاقبة شخص لارتكاب جريمة لم يرتكبها» أو أي عقوبة جماعية، وهذا يشمل «التجويع العمدي للسكان المدنيين». فقد نصّ البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 على أن «استعمال التجويع كسلاح حرب محظور»، إذ لا يجوز مهاجمة أو تدمير أي من «الأشياء التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين» (كما في المادة 54). وبالمثل، يحظر البروتوكول الثاني الإضافي (الخاص بالنزاعات غير الدولية) على أطراف النزاع تجويع المدنيين. وقد أكدت اللجان المتخصصة أن هذا الحظر بات جزءً من القانون العرفي الدولي وواجب على جميع أطراف الصراع الدولي وغير الدولي. كما ينص المبدأ العام في الاتفاقيات على أن «الجماعات السكانية لا يجوز وضعها تحت حصار يمنع وصول المساعدات الإنسانية»، وهو ما يتضمن مطالبة أطراف النزاع بتسهيل مرور الغذاء والدواء دون عوائق.

– القانون الدولي الجنائي (النظام الأساسي لمحكمة العدل الجنائية الدولية): صنف نظام روما الأساسي لعام 1998 «التجويع العمدي للسكان المدنيين كجريمة حرب». فقد أدرجته المادة 8 بند (2)(ب)(xxv)  ضمن «جرائم الحرب في النزاع المسلح الدولي»، أي «استخدام الجوع كوسيلة حرب من خلال حرمان السكان المدنيين من ضروريات البقاء، بما في ذلك منع المساعدات الإنسانية». وفي ديسمبر 2019 مدّدت دول الاتفاقية هذا المفهوم ليشمل النزاعات الداخلية (غير الدولية)، فلم يعد مقتصرًا على الحروب الدولية.

– قرارات الأمم المتحدة والمبادرات الدولية: شهدت منظمات الأمم المتحدة دعوات رسمية لمناهضة «جريمة التجويع». في 2018 اعتمد مجلس الأمن القرار 2417 بالإجماع، مُدينًا استخدام التجويع كسلاح حرب، حاثًا أطراف النزاع على الامتثال لالتزاماتها بحماية المدنيين. ويُعدّ هذا القرار علامة فارقة حيث اعترف لأول مرة بفِعل العلاقة بين النزاع المسلح والجوع العالمي. كما أقرّ المجلس في 2021 القرار 2573 تشديدًا على حماية البنى التحتية الحيوية للمدنيين (كالزراعة والمرافق الحيوية) من الهجمات. ودعمت الجمعية العامة الدولية في مناسبات عدة حق الشعوب في الغذاء وإدانة الأسلحة غير التقليدية للإبادة، بما يؤطر الظاهرة قانونيًا.

تلك النصوص القانونية والتشريعات الدولية المتعددة تؤكد إجماع المجتمع الدولي على إدراج التجويع ضمن الانتهاكات الكبرى للقانون الدولي، معتبرين استخدامه كوسيلة حرب جريمة ضد الإنسانية أو حرب، تتطلب المساءلة والمحاسبة.

4- الصعوبات القانونية والسياسية للمحاسبة

رغم وجود القواعد القانونية الصارمة، تواجه محاسبة مرتكبي جرائم التجويع عدة صعوبات:

1- إثبات القصد الجنائي: من أعقد التحديات القانونية إثبات أن الجناة قَصَدُوا التجويع العمدي. يتطلب الأمر إثبات أن الأفعال (حصار، قصف محاصيل، منع مساعدات) نُفذت بقصد إحداث المجاعة، ويرى الخبراء أن فعل الجاني ليس بالضرورة كافياً للحكم بذنبه، إذ يجب إظهار القصد، وهو ما ينتفي في حال غزة لوجود تصريحات تؤكد نية استعمال التجويع كسلاح. فغياب خطة مكتوبة أو تصريح صريح عن «استهداف المدنيين بالجوع» يصعّب الإثبات أمام المحاكم.

2- القيود على اختصاص المحاكم الدولية: لا تملك المحكمة الجنائية الدولية سلطة مباشرة على جرائم تجويع المدنيين في دول غير مصدقة على معاهدة روما أو التي لم يُحال ملفها للمحكمة، فالدول الكبرى مثل الولايات المتحدة و”إسرائيل” ليست طرفاً في النظام الأساسي، وتفلت شركاتها السياسية من التقاضي أمام المحكمة. ويتطلب تنفيذ أوامر القبض تعاوناً دولياً، وهو ما يفتقر إليه دون نظام دولي ملزم؛ ما أعاق حتى الآن تطبيق أي حكم على مسؤولين متهمين بالتجويع.

3- الخلافات السياسية والإقليمية: كثيراً ما تتحكم الاعتبارات السياسية في مآلات الملفات، فعلى سبيل المثال، أثارت طلبات المدعي العام بإصدار مذكرات توقيف (لزعماء حركة حماس ومسؤولين إسرائيليين بدعوى جرائم تجويع) انتقادات وغضباً دبلوماسياً من قوى كبرى، مما يوضح كيف يمكن أن يخضع إنفاذ القانون الدولي لضغوط السياسة.

3- غياب سوابق قضائية: حتى أواخر 2024، لم تصدُر أي إدانة نهائية عن محكمة دولية أو وطنية تركز حصرياً على جريمة التجويع، إذ اقتصرت الأحكام السابقة غالباً على جرائم ضد الإنسانية أوسع أو إبادة جماعية، دون تحميل المسؤولية مباشرة بتهمة التجويع. وقد أدت ندرة السوابق إلى استبعاد هذه الجريمة عن مسارات العدالة السائدة.

باختصار، تتشابك في عقبات المحاسبة دوافع قانونية (إثبات النية، شروط الاختصاص) مع عوائق سياسية (غياب تعاون الدول الكبرى، الضغوط الدبلوماسية)، مما جعل تطور المساءلة عن «سلاح الجوع» متباطئًا وصعبًا في الممارسة.

5- جهود دولية لمكافحة سلاح التجويع

تواجه ظاهرة استخدام التجويع رفضا دوليًا وإنسانيًا متناميًا من عدة جهات:

1- الأمم المتحدة والهيئات الدولية: تضغط الأمم المتحدة من خلال وكالاتها ومجلس الأمن لاتخاذ إجراءات حاسمة وفعالة. ففضلاً عن القرارات المذكورة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مداخلة له في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالنظم الغذائية في إثيوبيا في 28/7/2025 أنه ينبغي عدم استخدام الجوع ك”سلاح حرب”، كما تنادي المنظمات المتخصصة بضرورة فتح ممرات إنسانية غذائية فورية في مناطق النزاع، وحماية العاملين في الإغاثة، ويصف برنامج الأغذية العالمي قرار مجلس الأمن 2417 بأنه «لحظة فارقة» لأنه اعترف رسمياً بعلاقة النزاعات المسلحة والمجاعة، وتنشط اليونيسف واليونسكو والمنظمات التابعة للأمم المتحدة أيضًا بتوثيق خطر المجاعات المزمعة في غزة واليمن والسودان وغيرها، وحشد الدعم الإنساني والمالي للحيلولة دون وقوع كوارث.

2- المنظمات الإنسانية والخيرية: تقوم الجمعيات الدولية مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وأوكسفام، ومؤسسة الغذاء العالمي، بتنسيق جهود إغاثة واسعة في المناطق المنكوبة، فمثلاً ينشر الصليب الأحمر الغذاء والدواء، ويساهم في بناء خطوط إمداد بديلة قرب مدن محاصرة، كما تدعو هذه المنظمات المجتمع الدولي إلى تجريم إجراءات حصار الغذاء ومحاسبة مرتكبيها، ما يشكل ضغطا سياسياً على أطراف النزاع عبر حملات مناصرة وتوثيق انتهاكاتها.

3- المبادرات القانونية والحقوقية: بموازاة ذلك، دفعت حملات حقوقية وثقافية باتجاه تجريم استخدام المجاعة، فبالإضافة إلى تعديل روما 2019 الذي وسع نطاق المساءلة الجنائية الدولية للتجويع، أطلقت منظمات خبراء قوانين حقوق الإنسان مبادرات رصد ومناصرة لإدراج التجويع ضمن قضايا المحاكمات الدولية، لكن مع ذلك يظل رفع الوعي العالمي بالمبدأ القائل بأن «الجوع يجب ألّا يكون أبدًا سلاحًا»، ودعم الدراسات القانونية والمؤتمرات المتخصصة، يعدّان جزءاً من الجهود المبذولة للتخفيف من تلك الممارسة.

6- غزة وفلسطين الاستثناء المزمن

وختاما يمكن القول إن الاستخدام المتعمد للجوع كسلاح يواجه إدانة دولية قوية ويعكس خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ورغم التحديات السياسية والإجرائية الكبيرة في ملاحقة مرتكبيه، فإن التشريعات القانونية الدولية الصارمة والدعوات الإنسانية غير الرسمية تعمل بلا كلل لوقف مثل هذه الأفعال ومنعها عبر ضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عنها.

لكن يظل الوضع في غزة وفلسطين وضعا استثنائيا بكل المقاييس، فهو يختبر الإرادة الدولية وجدية الشعارات المرفوعة، وقدرة العالم على إنفاذ قوانينه في مواجهة كيان مارق، وذلك لعدة عوامل نجملها في أربعة:

1- الإقرار الصهيوني بالنية العمدية والقصد على لسان عدد من مسؤوليه ومؤسساته (الجيش، الشاباك…) بشكل واضح وصريح، بل وبشكل استفزازي ومتحدي للعالم ومؤسساته.

2- المشاركة الصريحة والفعلية لأمريكا والغرب في هذه الجريمة، وتوفير الحماية السياسية والدبلوماسية الدولية، بتوظيف آليات ومؤسسات الأمم المتحدة لهذا الجرم من خلال الاعتراض على قرارات مجلس الأمن وتقارير الأونروا وأحكام محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية.

3- الاستمرارية؛ فمأساة الشعب الفلسطيني تعتبر من الكوارث الدولية المزمنة التي استمرت ما يقارب قرنا من الزمن، وكان التجويع أحد وسائل الكيان الصهيوني لدفع السكان الأصليين للفرار والهجرة واللجوء إلى المنافي والمخيمات أو إلى الشتات.

3ـ العجز الدولي أمام جريمة التجويع؛ فالعالم لم يستطع خرق الحصار على مدى عقدين من الزمن، ولم يستطع فرض قرار إدخال المساعدات وحماية طواقم الإغاثة الإنسانية والطبية، بل لأول مرة تمنع التمويلات للمؤسسات الدولية وتوضع أمامها العراقيل باستخدام مقراتها وطواقمها ومعاقبتها اقتصاديا وسياسية.