“سبحان الذي أسرى بعبده”

Cover Image for “سبحان الذي أسرى بعبده”
نشر بتاريخ

ما أشبه اليوم بالأمس

تحل بنا هذا العام الذكرى العظيمة، ذكرى “الإسراء والمعراج” والأمة الإسلامية تعيش تحولات عميقة ومخاضا عسيرا وأحداثا أليمة حزينة، فالمسكينة تئن تحت وطأة الظلم والاستبداد، وتكتوي بنار الفتن والصراعات و الحروب، والمسلمون مهمشون مضطهدون، مشردون، بسبب الفقر والعنف. المسلمون اليوم مهجرون لاجئون، يبحثون عن الأمن والسلم خارج أوطانهم، أما من بقي منهم داخل الوطن وأخد على عاتقه مسؤولية المساهمة في التغيير، فيطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ويطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة والفصل بين السلط والتوزيع العادل للثروات، فهؤلاء في نظر أنظمة الاستبداد هم الإرهابيون المتطرفون ويجوز في حقهم الإقصاء والعنف والسجن.

ما أشبه اليوم بالأمس، في بداية الدعوة كُذِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوذي أشد الأذى، ورمي بالحجارة من أهل الطائف حتى أدميت قدماه الشريفتان، فصبر رسول الله واحتسب وفوض الأمر إلى الله، فلا ناصر إلا هو سبحانه، فجاءت معجزة الإسراء والمعراج مواساة لرسول الله وتسلية له. والأمة اليوم تحي ذكرى الإسراء والمعراج لتأخذ من بركات ونور هذا الحدث العظيم، ولعل الصبر على المحن واليقين في النصر والتمكين، من المعاني الخالدة لهذا الحدث العظيم.

الصبر واليقين مفتاح النصر والتمكين

معجزة الإسراء والمعراج هدية من الله جلا وعلا إلى عبده ورسوله وأحب الخلق إليه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مواساة له وتخفيفا عليه لما لقيه من أذى ومحن في سبيل تبليغ دعوة الله.

فالصبر الصبر أمة رسول الله، اليقين اليقين في موعود الله، حتى وإن أصبح التصديق بموعود الله واليقين فيه عند بعض المسلمين مرادفا للخرافة والأماني الحالمة ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالنصر آت والمستقبل سيكون أفضل، المستقبل للعدل والكرامة والحرية، فقط شيئا من الصبر والثبات وعدم الاستكانة والخضوع لظالمين وأعوانهم، فإنما النصر صبر ساعة.

اليقين في نصر الله لا ينسينا سنة الأخذ بالأسباب

اليقين في نصر الله والتصديق بموعوده لا يعني القعود والانتظار، بل يعني الأخذ بالأسباب وإتقانها وبذل الجهد والوسع، والتفكير في الآليات والوسائل الكفيلة بنصر دعوة الله، فرسول الله وهو قدوتنا أخذ بالأسباب وبذل الجهد والوسع، ولم يقعد ينتظر وهو من هو.

فنحن أولى بسنة الأخذ بالأسباب وبذل الجهد من أجل تغيير واقع الغفلة والبعد على الله، بالحكمة والموعظة الحسنة والتحبب إلى الناس حتى يحبوا الله ورسوله.